ان من يتامل البنود التي تضمنتها الخطة التنموية السادسة (1415 1420) وخاصة البند رقم 4/3/3 والمتعلق بتعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني، اضافة الى قرار مجلس الوزراء العام الصادر بتاريخ 3/9/1419ه بالموافقة على قيام وزارة المعارف والرئاسة العامة لتعليم البنات على اقامة مباني مدرسية جديدة بالاتفاق مع القطاع الخاص بموجب عقود تنتهي بالتمليك، يدرك توجه الدولة الرامي الى دعم وتشجيع القطاع الخاص للمشاركة في بناء التنمية السعودية من خلال إتاحة الفرصة للشركات والمؤسسات الخاصة بتملك وادارة وتشغيل العديد من المرافق والخدمات العامة.
وتمشيا مع هذا التوجه الذي يتوافق مع المعطيات والمستجدات المرحلية التي تعيشها الموازنة العامة للدولة، نجد بأن كلا من وزارة المعارف والرئاسة العامة لتعليم البنات قد دعت مؤخرا العديد من المستثمرين في القطاع الخاص من مؤسسات وشركات وبنوك للتقدم بعروضهم بهدف إنشاء المباني المدرسية الحكومية، خاصة وان نسبة كبيرة من اعداد مباني المدارس في الوقت الحاضر هي مبان مستأجرة وغير مؤهلة لان تكون مدارس نموذجية اضافة الى ما تسببه تلك المدارس من هدر مالي كبير للموازنة العامة للدولة وذلك من خلال ما يتم انفاقه سنويات كمبالغ إيجاربية (ضائعة).
ويقوم التوجه الجديد الذي تبنته وزارة المعارف والرئاسة العامة لتعليم البنات على بناء عدد معين من المدارس على مستوى المملكة حيث يمثل ذلك المرحلة الأولى من إقامة المباني المدرسية وفقا لعقود إيجارية تنتهي بتملك الدولة للمشروع وذلك من خلال نظام الأقساط السنوية لمدة خمسة عشر عاما, حيث تم وضع القواعد التي تنظم عملية التعامل بين الجهات التعليمية والراغبين في الاستثمار في القطاع الخاص، اذ تقوم العلاقة التعاقدية بين الطرفين على تكفل القطاع الخاص بكافة جوانب التنفيذ والتمويل علما بان تنفيذ تلك المشاريع سيكون في المرحلة الأولى على مواقع مخصصة للجهات الحكومية التعليمية وفي المراحل التالية يتم ادراج بند خاص لشراء الأرض التي يملكها القطاع الخاص لتضاف قيمتها النهائية الى قيمة المشروع على ان تقسط القيمة الاجمالية للمشروع كما ذكر آنفا خلال خمسة عشر عاما,وأذا كانت الأجهزة التعليمية في المملكة ممثلة بوزارة المعارف والرئاسة العامة لتعليم البنات قد سبقت غيرها من اجهزة الدولة الأخرى في الأخذ بالعقود الإيجارية المنتهية بالتمليك وذلك حرصا منها على تطبيق سياسة التخصيص والتي تؤكد عليها كافة التوجهات العامة للدولة إلا انه ولتحقيق النجاح المنشود من مثل تلك الأجهزة التعليمية الحكومية في هذا المشروع فإنه يتوجب عليها وفقا لما اشار اليه سعادة الاستاذ احمد محمد المطوع عضو لجنة المقاولين بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض، ان تضع المواصفات الدقيقة والواقعية للمباني المدرسية والبعيدة عن المغالاة اضافة الى أهمية الأخذ ببعض الأفكار التي تعمل على تحقيق وفر في المصروفات التشغيلية مثل استخدام الطاقة الشمسية في التكييف والإنارة واستخدام الحنفيات التي تحد من التبذير في استهلاك المياه وما شابه ذلك من الأفكار الترشيدية وكذلك تحديد الأبنية المدرسية بثلاثة أدوار كحد اقصى لكي يتم الاستغناء عن المصاعد ومشاكل تشغيلها وصيانتها, اضافة الى أهمية اختيار المكاتب الاستشارية المؤهلة للاشراف على التنفيذ.
واسهاما في تحقيق النجاح الذي نتطلع جميعا الى تحقيقه من خلال وضع العقود الايجارية المنتهية بالتمليك محل التنفيذ الفعلي فانه يسرني ان اسوق ثلاثا من الرسائل لكل من وزارة المالية والاقتصاد الوطني ووزارة المعارف ورئاسة تعليم البنات ورجال القطاع الخاص وذلك على النحو التالي:
1 وزارة المالية والاقتصاد الوطني:
ان سياسات الترشيد في الانفاق التي تبنتها وزارة المالية خلال السنوات الماضية هي سياسات حكيمة فرضتها المعطيات التي استجدت في أعقاب أزمة الخليج، والمتغيرات الصعبة التي تعرض لها الاقتصاد العالمي على وجه العموم، اضافة الى الانحدار الملحوظ الذي صاحب اسعار النفط خلال الفترة الماضية, اما الآن وقد زالت جل تلك المعطيات فإن الاستثمارات المحلية في المشاريع التنموية تحتاج كافة اوجه الدعم والتشجيع وبالتالي فإنه من الأهمية ان تقف وزارة المالية داعمة ومشجعة قيام كافة المشاريع التنموية والتي من أهمها ومما لا شك فيه المباني المدرسية.
كما ان مؤسسات وشركات القطاع الخاص لديها كل الحرص على الاستثمار في المشاريع التنموية المحلية ولكنها بحاجة الى الضمانات الكفيلة بحفظ حقوقها, ودعم وزارة المالية مطلوب في هذا الخصوص, كذلك فإن وزارة المالية مطالبة بوضع آلية يمكن من خلالها إلزام كافة أجهزة الدولة بوقف العقود الإيجارية للمنشآت والمباني الحكومية التي انهكت الموازنة العامة للدولة والعمل على استبدالها بعقود إيجابية لا تنتهي بضياع اموال الدولة وانما بتملك الدولة لتلك المباني والمنشآت.
2 وزارة المعارف والرئاسة:
الخطوط التي اتخذتموها في سبيل الأخذ بالعقود الإيجارية المنتهية التمليك لهي خطوة تسجل لكم على الرغم من تأخيرها حتى هذا الوقت, ان اعداد المدارس التي نحتاج لانشائها تقدر بالآلاف ووفقا لما تم نشره في مختلف الصحف سابقا، يتضح ان اعداد المدارس التي سيتم انشاؤها في المرحلة الأولى للمشروع لا تتجاوز المائة مدرسة فقط وهو عدد قليل جدا, نتمنى وضع برنامج زمني لا يتجاوز الخمس سنوات بحيث يمكن خلالها بناء كافة ما نحتاجه من مدارس للبنين والبنات.
3 رجال القطاع الخاص:
انتم مدعوون للاستثمار في كافة المشاريع التي تحتاجها التنمية السعودية ولكن في اعتباركم ان ما يتم استثماره من أموال في تلك المشاريع انما هو استثمار في أبناء وبنات هذا الوطن الغالي علينا جميعا, فانتم مطالبون بعدم المغالاة في الشروط التعاقدية والمالية اللازمة لوضع تلك المشاريع التعليمية محلا للتنفيذ الفعلي فالوطن وطنكم والطلبة والطالبات هم ابناؤكم وبناتكم قبل كل شيء.
|