Monday 6th September, 1999 G No. 9839جريدة الجزيرة الأثنين 26 ,جمادى الاولى 1420 العدد 9839


يارا
سذاجة المجتمع في مرآة الصحافة
عبدالله بن بخيت

نقرأ في الجرائد بين فترة واخرى ان رجال الامن داهموا مصنعا للخمور وألقي القبض على عدد من الوافدين, كما نقرأ ان هناك عددا من الوافدين حولوا شقة الى عيادة طبية يمارسون فيها التطبب في الناس دون ترخيص رسمي, ونقرأ في مكان ثالث ان هناك اسواقا كاملة يملكها ويديرها عدد من الوافدين, والسعوديون امام هذا كله (يا غافل لك الله) وكأن هذه الاخبار والحوادث تنقلها وكالات الانباء الاجنبية من اماكن بعيدة فالاحداث الساخنة تتقاذف بين رجال الامن وبين الوافدين,, وكأن هذه العمالة الوافدة التي تمارس هذه الاعمال الخارجة عن النظام تعمل في جزيرة معزولة لا تتصل بأحد, في احدى المرات اشار الخبر ان الهيئة ألقت القبض على عصابة تنتج الخمور منذ احدى عشرة سنة,, من كان يتعامل معهم طول هذه المدة التي مارسوا فيها جريمتهم؟ من الطبيعي ان يكون بين زبائنهم من السعوديين, ورجال الامن ممثلين في وزارة الداخلية لا شك جعلوا المملكة من انظف البلاد في العالم وخصوصا ما يتعلق بالجرائم المنظمة ذات الطبيعة الجماعية وفي مواجهة هذا المجهود الكبير والجبار الذي تبذله الاجهزة الامنية، هناك خلل استراتيجي في طريقة بث هذه الاخبار خصوصا إذا اضيفت اليها التعليقات والتحقيقات الصحفية التي تتشكل منها صورة إعلامية عن التفاعلات في المجتمع.
اي مجتمع في الدنيا لا يمكن ان يخلو من المنحرفين، ولكن الفرق بين مجتمع وآخر هو في نسبة المنحرفين,, والمملكة دون شك هي من اقل بلاد العالم توفرا على المجرمين وحتى ولو انطوت هذه القضايا على سعوديين فهذا لن يؤثر على سمعة المجتمع فالخبر يجب ان يصاغ على اساس اطرافه الاساسيين ففي الوقت الذي يحاول فيه الاعلاميون اعطاء صورة اجتماعية مثالية عن السعوديين هم في الحقيقة يقدمون صورة تسيء له, صورة تظهر الانسان السعودي ساذجا وموضع ابتزاز ومن السهل الضحك عليه والاجانب يعثون فيه وهو غافل واذا اضفنا الى هذا صياغات البيانات التي توجه للمواطنين من بعض الاجهزة الرسمية التي تحاول ان تنبه المواطن اثناء السفر (او عند الاحتكاك بالاجانب) التي تشم منها ومن طريقة صياغتها انها ترى ان الانسان السعودي لا يفهم وغير ناضج وغير قادر على تحمل مسؤولية نفسه.
وهذه الاخبار وهذه الحملات عمل وطني ضروري ولكن يفترض ان تكون مصحوبة او مصاغة بطريقة تحترم عقل السعودي وليس التعامل معه كطفل فالاجانب سواء كانوا في داخل المملكة او في خارجها ليسوا اشرارا كما ان السعودي في داخل المملكة او في خارجها ليس دجاجة ,, السعودي يأخذ عن نفسه في كل مكان,, دعوني اعطيكم مثالا اختم به كلامي يعطينا فكرة عن الطريقة التي ترى الصحافة بها الانسان السعودي: انتشرت ظاهرة ما يعرف بتلفون الصداقة الذي أرهق ميزانية بعض الاسر حيث وصلت فواتير بعض التلفونات الى عشرات الآلاف وكان لا بد ان تتناول الصحافة هذه القضية وبتحليل طريقة التناول ستلاحظ ان كثيرا من التقارير والمقاربات تحاول ان تحمل الاتصالات السعودية جزءا كبيرا من هذه المسؤولية من خلال مطالبتها بوضع رقابة على هذه الارقام فهذه المطالبة هي محاولة نقل مسؤولية الانسان عن نفسه ومسؤولية الآباء عن ابنائهم الى الاجهزة الرسمية اي ان الصحافة بهذه المطالبة تفترض عدم نضج الآباء وعدم قدرتهم على ردع ابنائهم وعليه فإن كل جهة حتى وان كانت شركة تنشد الربح، عليها تحمل جزء من مسؤوليات الناس عن انفسهم بحيث يتجرد الانسان السعودي من صلاحياته على نفسه ويتحول الى طفل يحتاج رعاية الشركات والاجهزة.

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الفنيـــة
الاقتصـــادية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
ساحة الرأي
الرياضية
الطبية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved