Monday 6th September, 1999 G No. 9839جريدة الجزيرة الأثنين 26 ,جمادى الاولى 1420 العدد 9839


ريب المنون

توفي لأبي ذؤيب الهذلي سبعة أولاد مرة واحدة فنزف دم قلبه في مرثيته الشهيرة
أمن المنون وريبها تتوجعُ
والدهرُ ليس بمعتب من يجزعُ
ونحن,, نحن كل من يعيشون على ارض المملكة العربية السعودية,, نتوجع، نبكي وسيظل الحزن عميقا، والأسى جارفا,, لأن الذي اختطف المنون ليس ابناً واحداً ولا ابناً لواحد,, ولا ألف ابن وشاب, لكن الذي فقدناه نموذج فريد للشباب ومثل فريد في الخير والعطاء,, وقلب قل ان يجود الزمان بمثله في الرفق والرحمة او ان نرى مثيله في السمو والتواضع، في العز والقيادة والحياء وطيب النفس.
يا فيصلنا,, يا شعلة كانت تضيء جنبات الخير في حياتنا، يا فيصلنا يا كل شبابنا,, يا من جعلت للشبان مكانا,, وللثقافة عنوانا، وبنيت للرياضة مجداً,, بعد ان صرت انت للخير المعطاء رمزا، وبعد ان بكت بحرقة عليك القلوب، ونزفت دموعها الارواح قبل العيون.
ودعناك,, لكننا لم نودعك حقا,, فأنت باق,, باق في قلوبنا، حيٌ في مشاعرنا,, لانك اختلطت بفعالك الطيب في كياننا,, فصرت شيئا من حياتنا.
أرى كل الناس حولي واجمين، والشباب في ذهول صامتين، كسفت الشمس قبل فقدك، وغبت انت الشمس كلها,, ان الظلام الذي حلّ بالنفوس قد اجزعها، ان خطف المنون لحبيب القلوب قد اوجعها,.
ها هم الذين شملتهم برعايتك من المرضى في الداخل والخارج,, يبكون بحرقة لفقدان الدواء,, ليست هذه الزجاجات او الاقراص هي الدواء لكن عطفك عليهم هو الشفاء,, وصدق رعايتك لهم مخلص من كل شر وبلاء.
ها هم الايتام في الأردن الذين كانوا آخر زياراتك,, قد تضاعف يتمهم مات أبوهم الوالد,, فوجودك أب راع وقلب حانٍ,, لكنهم سرعان ما فقدوا الأب الراعي والقلب الحاني.
الأندية التي كانت تضاء بك,, والملاعب التي كانت تزخر بشبابك، أطبق عليها السكون,, وغابت بك كل الاهداف - فقد خسروا بك أعظم المباريات وفقدوا بفقدك اعظم كؤوس النصر.
كنت قلبهم المتحرك,, وكنت عزمهم الذي يجري ويلعب,, كنت رؤاهم التي تخطط وتنسق,, كنت زهوهم في الملاعب,, وقدوتهم في كل لقاء.
كنت للشباب نموذجا,, وللقيادة مثالا فريداً,, احببناك لانك لم تأخذك عزة السلطان عنا,, فكنت قريبا حبيبا,, كنت ودودا مؤنسا,, تشعر بآلام الناس جميعا,, وتبادر لمواساتهم,, وتعجل بالامر في مساعدتهم.
حتى الموت يختار لنفسه اعظم الاشياء,, فاختارك عظيما في شبابك عظيما في عطائك,, عظيما في حبك للوطن والناس.
وافيصلاه,, وافيصلاه,, صرخة من كل طفل يتيم تناديك,, ولكن لا مجيب,, ونداء ممتزج بالدموع من كل محتاج كففت دموعه وواسيت جراحه ما كنت تعرف للانسانية حدوداً,, ولا تضع لخير قيوداً,, كنت إنساني المشاعر,, إنساني التواصل إسلامي الخلق,, إسلامي السجايا.
بقدر عظمة الرجال تكون خسارة فقدهم,, وهم وانت في صدارتهم في التاريخ أحياء,, لن ينساك طفل ولا شاب ولا شيخ,, فالكل يبكي فقدك,, ويتألم حزنا عليك.
قابلت كثيراً من الاخوان من بلدان عربية,, فما كان منهم إلا الأسى الصادق والألم الباكي,, لأنك أوصلت ضياء اعمالك الخيرة لكل وطن، وارسلتها لكل البقاع.
طوبى لك في جوار الصديقين والشهداء.
طوبى لك في رحمة الله,, وروح وريحان وجنة نعيم،،،
عبدالعزيز محمد عبدالله الدخيل
الرياض

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الفنيـــة
الاقتصـــادية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
ساحة الرأي
الرياضية
الطبية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved