Monday 6th September, 1999 G No. 9839جريدة الجزيرة الأثنين 26 ,جمادى الاولى 1420 العدد 9839


أواه,,, يا فيصل

لا أدري كيف أبدأ,, فالفاجعة والمفجوع به أعظم وأدهى من الرثاء,, فقد مات ميزاب من البر والحب,ومات عظيم من عظماء الرجال,, ومات فكر وثقافة ورياضة وفن من اشارات التاريخ الباقي.
أواه يا فيصل,,, ألهبت التاريخ فذكرك بوفاء, لأن التاريخ عنيد ومكابر وصلف الطباع فلا يحب الخمول والخور والكسولين من الرجال,, لقد ملأت فاه جمراً من الكفاح والصبر والتحمل ففاح عبق البخور الذي يتبعك الى حيث كنت.
لا غرابة ان يموت العظماء,, ولا غرابة ان يبكي من سمع الخبر او تصيبه صعقة الحب لك فينشده في مكانه مرددا: لاحول ولا قوة الا بالله لكن الشيء الذي يمنحنا الافاقة والعودة إلى كفاحك هو روحك فقط,, تُعلم المثقفين كيفية الصبر والجلد, وتعلم الشباب كيفية التفكير والطموح، لان أبا نواف - رحمه الله - علمهم ذلك.
يرحمك الله أبا نواف فقد صعق الايتام الذين كانت اعناقهم تطول إلى بلسم فيصل,, ذهل المحرومون الذين اقعدهم جدهم، حينما انهد ركن من جبال عالية كان لهم ظلا وماء ونماء,, أليس هذا هو الحب؟
لئن كان جدك قد وحد قلوب الناس على لا إله إلا الله وحافظ خادم الحرمين على ذلك,, فأنت ممن ذكر الله كثيرا وبدأ كلماته سواء الملقاة أو المكتوبة ببسم الله الرحمن الرحيم وتلك قوة ايمانية ليست بهينة.
يرحمك الله أبا نواف,, فقد كنت صابراً ومثابراً ومكافحاً,, فمن وصل رحمه بصبر وصله الله,.
ألم تبق بجوار أمك رحمها الله محتسبا صابرا بغية صلة الرحم ورضا الله؟؟ فأبشر بالخير في موازين حسناتك,, وقد حصدت الثناء عليك في الدنيا الفانية حينما يذكرك الناس في مجالسهم ويذكرون ملازمتك لامك فيقولون بيض الله وجهه وتلك الكلمة العامية يقصد بها الثناء.
رحمك الله أبا نواف,, كنت ابن ملك، وسليل مجد مؤثل فلم يمنعك سلطانك من الرحمة ولم يغرك بالجبروت والكبر,, لا,, لقد كنت تنزعج من دمعة يتيم ومن بكاء شيخ قعد به حظه ومن ضجيج اسرة حزها الفقر حتى تبيع احد فلذات اكبادها، كنت تنزل إلى المفجوعين كغيث يفرح الارض وينبت ازاهيرها أليس ذلك هو المجد, وهو الحصاد الحقيقي؟
ها أنت تحصد حينما يفلس المبذرون,, وها هي أدعية من شملهم برك تنهال - إن شاء الله - رحمات على قبرك الذي ضم مجداً ورحمة وحباً.
أواه يا فيصل,, لا أدري كيف أرثيك,, فالرثاء يقصر وانت اكبر منه كثيرا,, فاللهم يا رحيم ويا كريم ارحمه وأكرم نزله مثلما أكرم الضعفاء وهو في عنفوان حياته لا يرجو بذلك سوى رحمتك وتخفيف الحساب عليه من ضنك القبر الذي لا يسلم منه أحد.
اللهم خفف عليه ضيق القبر ومساءلة الملكين اللذين يسألان عبادك بعد دفنهم فإنه كان صابراً ووفيا برحمه وغيرهم من الناس فاجزه بذلك بجعل قبره روضة من رياض الجنة التي لك أمرها,, اللهم ارحمه واعف عنه وعامله بالاحسان حسنى والحقه بالصالحين,, يارب,.
محمد بن ناصر ابو حمرا

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الفنيـــة
الاقتصـــادية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
ساحة الرأي
الرياضية
الطبية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved