 * حوار: احمد صبحي - دمشق:
في اطار البحث عن اساليب جديدة,, يقول الفنان التشكيلي السوري عفيف الساير: انه امتداد الانسان الفراتي الأول يحمل عشقه الأول للجمال واللون ضارباً في أعماق التاريخ، متوغلاً في التراث بحالة من العشق الانساني والجمالي لذلك الماضي العريق مستخدماً رموزه ومفرداته البسيطة والمعبرة في آن واحد ليقدم لنا لوحة تحمل هواجسه ورؤاه بحالة من الحساسية المدهشة لذلك الموروث الشعبي وتلك الحارات والازقة والبيموت الطينية المتراصة بحميمية.
تبرز في أعماله بساطة المكان وهيبته وحضور الإنسان متمثلاً بحالات تعبيرية مختلفة حيث يعمل بصمت وهدوء هاجسه الاساسي البحث والتجريب لتأكيد هويته الخاصة في تأصيل اللوحة معبراً بمصداقية عن عمق انتمائها للبيئة العربية بشكل عام, مستخدماً تقنية صعبة، لتأكيد خصوصيته معبراً عن ذلك في اكثر من مرة حيث في سيادة النمطية وغلبة التكرار يعمل الفنان جاهداً لايجاد حلوله البصرية من خلال أداة تساعده في البحث عن المعادلة الصحيحة في العمل الفني مركزاً على التراث الفني والمهم في زمن لايعرف الا السرعة والحضور الهائل للتكنولوجيا الحديثة، فقد وجد في أفلام الأوفست التالفة البلاكات المستهلكة الخامة التي يبحث في ميدانها باستخدام أداة حادة يحفر بها على تلك الافلام حيث يقدم لنا اللوحة التي تجمع بين البناء الغرافيكي (الحفر) والرسم لتأتي ملبية لطموحه المشروع في حالة البحث تلك، وقبل الخوض في غمار الحديث معه، لنتوقف قليلاً عند الاستاذ محمود الرضوان رئيس الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية حين قدم له معرضه الشخصي الذي اقامه مؤخراً بصالة الكويت للفنون بمقر الجمعية,.
,, والفنان/ عفيف الساير يقدم نمطاً جديداً ارتبط باسمه من حيث تقديمه للاعمال بتقنية جديدة قد تكون ضائعة الخواص بين فن الرسم وفن الحفر (الغرافيك) وهذه التقنية تخدم كثيراً من موضوعات الساير وانسانه الموزع بين الابيض والاسود شكلاً ومضموناً,.
في هذا الحوار نقف علىتجربته التشكيلية ونقرأ معه في بعض القضايا التشكيلية والجمالية.
*العلاقة مع الرسم واللون والاحساس الجمالي كيف بدأت وانت تلامس مفاهيمك الأولى ضمن الحالة البصرية البيئية التي تنتمي اليها؟!.
-تملكني الحس الجمالي قبل أن اعرف ابجدية الحياة، حينها كنت قد بدأت أعزف بألواني مع معرفتي الحلم الأول بالحياة,, ومن خلال مشاهداتي لجدران منزلنا العتيق والبيوت المجاورة ضمن بيئة متواضعة جداً، وكنت اشاهد بحماس طفولي مذهل قصاصات الورق وهي تتحول الى اشكال جميلة تحمل عبق الحياة، واتذكر تماماً تلك البداية لتجربتي الفنية على ضفاف الفرات الشاهد الحضاري والانساني الابرز على مشاغباتنا، وما اذكره تماماً ان احساسي الجمالي واللوني والانساني امتزج بسراب الطفولة منذ تلك الازمات البعيدة لنشأة الانسان في خضم ذلك كله ينتابني حنين غريب حيث كنا لانزال صغاراً نعبث دائماً باشيائنا لنحولها الى حالات جمالية مختلفة متذكراً كلما وقفت على ضفاف ذلك النهر العظيم تلك اللحظات التي كنا نعيشها قريباً منه.
*للبيئة والارض والالوان الحارة حضور دائم في أعمالك ويعكس قيماً جمالية وانسانية تؤكد اجتهادك وانتماءك لتلك البيئة، ماهي المؤثرات التي تشكل الهاجس البصري والفكري لك في اعمالك,,؟!
-كان للفرات والافق البعيد وبيادر القمح ووهج الشمس الأحمر والبرتقالي والأصفر حضور دائم من حولي أراه في القمح والشمس وازياء النسوة الفراتيات، وقد كان لكل ذلك الاثر البعيد في الواني والمؤثرات التي تشكل الهاجس البصري والفكري مستمداً ذلك -دائماً- من ذلك الوادي والزمن الذي مرّ بذلك الوادي بكل حضاراته واساطيره وملاحمه الشعبية التي تركت موروثاً هائلاً يشكل الدعامة الأساسية في بناء اللوحة
*تنتج اعمالاً في الحفر (الغرافيك) ويبرز فيها بناء غرافيكي متميز يعبر عن حميمية العلاقات اليومية وبعض التفاصيل التي توثق جماليات المكان، الى أين تتجه بمشروعك التشكيلي,,,؟!
-دعني رداً على سؤالك هذا ان أحيلك الى تلك الكلمة التي قدمت بها لمعرضي الشخصي في صالة الكويت للفنون بمقر الجمعية الكويتية للفنون,, فقد عملت على البحث باستمرار لايجاد صيغة بصرية استطيع من خلالها التعبير عما يعتلج بداخلي من افكار ورؤى وقد وجدت ذلك في أفلام الأوفست التالفة والبلاكات المستهلكة معالجاً اياها بأداة حادة باسلوب الحفر لابراز اعمالي عبر الاسود والأبيض والقيم اللونية الرمادية التي تعكس بالأساس رؤيتي للحياة والكون من خلال حدة البياض الموجود وما يقابله من سواد شديد، غايتي في ذلك تناول الجانب التراثي وتلك التفاصيل اليومية باحثاً عن المعادلة الصحيحة في العمل الفني في التعامل مع الموضوع والمادة لابراز الجانب التعبيري الذي اسعى اليه خصوصاً وانني اقف امام حالة من النمطية والتكرار في اغلب مايقدم من اعمال دون أن يجهد الفنان نفسه عناء البحث للتعبير عن طاقاته وابداعاته.
*في أعمالك ميل واضح الى التعبيرية ومعالجة الأعمال باسلوب انطباعي وضربات ريشة حادة وقاسية رغم الهدوء الشديد الذي تتمتع به كيف تنظر الى تلك المعادلة,,؟!
-ربما كان هناك في اعمالي ميل الى التعبيرية احياناً وشيء من الانطباعية, قد تكون جاءت من وليد المصادفة اللونية و المدرسية هكذا كانت اعمالي ، لم احاول ان اضع نفسي في اية مدرسة لونية او فكرية دائمة لان عملي الفني وما اعمل على انجازه يأخذ كل الاحتمالات الممكنة للوصول الى الحالة البصرية التي اريدها وذلك يتبع الحالة الفكرية واللونية التي اعيشها ولاتوجد مدرسة فنية اقولب نفسي بها فكل ما اعرفه انني رسام من هذا الزمن بحدود الممكن وأكثر.
*في زمن السرعة والمتغيرات الدولية، وتحول العالم الى قرية كونية تتجه في أعمالك الى المفردات والعناصر البيئية البسيطة والمعبرة عن حميمية الارتباط ومصداقيته, فهل هذا تأكيد من قبل للتعبير عن الاحساس بالجمال وحاجتنا اليه في مثل هذا الزمن؟!.
-في هذا الزمن العجيب الذي اصبحنا فيه متفرجين على مايدور من حولنا من متغيرات على جميع الاصعدة والنواحي، لم نعد نتبنى سوى هاجس فكري متخاذل ونعيش واقعاً إنسانياً مشتتاً يتملكنا الدمار النفسي والفكري معاً، اذ لم يعد للجمال معنى حيث حل الدم والحديد مكانه فكراً ولغة عندما اعود الى المفردات التراثية القديمة أزيح عنها غبار السنين باللون وما احمل من رؤى ومعنى للجمال والقيمة الجمالية للانسان والطبيعة وفي شوارعنا القديمة التي رحلت والتي تعيش في الذاكرة وازياء الفراتيين وحياتهم الشعبية واساطيرهم تدرك فطرة الجمال واللون والانسان ، ذلك الجمال الذي لفه غبار السنين اجد نفسي مغموساً في اعماق ذلك التراث استمد منه انسانيتي ومعنى وجودي وهويتي التي باتت تلوح في غروب العولمة والصراع على طمس الحضارات بكل قيمها وافكارها وانسانيتها.
السيرة الذاتية للفنان
التشكيلي عفيف الساير,.
-من مواليد الميادين-سوريا عام 1963م.
-خريج معهد اعداد المدرسين -قسم التربية الفنية-
-مشارك بالمعارض الجماعية لفناني القطر العربي السوري.
-معرض فردي برعاية وزارة الثقافة في المركز الثقافي العربي بدمشق (1990).
-معرض فردي بالمركز الثقافي السوفيتي بدمشق سابقاً(1992).
-معرض فردي بالمركز الثقافي العربي بالمسرة دمشق -سوريا(1993).
-معرض الاسير بمناسبة عيد التحرير الخامس (الكويت1996).
-معرض التحرير السادس (جمعية الفنون الكويتية).
-معرض هوايات المعلمين الخامس بجمعية المعلمين الكويتية.
-معرض هوايات المعلمين السادس بجمعية المعلمين الكويتية 1998.
|