Thursday 9th September, 1999 G No. 9842جريدة الجزيرة الخميس 29 ,جمادى الاولى 1420 العدد 9842


ما بعد المفاجأة
د, فهد حمد المغلوث

تظل المفاجآت النادرة الجميلة التي تحدث لنا من حين إلى آخر من اجمل اللحظات في عمرنا وامتعها على الاطلاق، لأنها لحظات قلما تتكرر بنفس الكيفية وتحت نفس الظروف وفي اوقات غير متوقعة وغير محسوبة.
ويكفي تلك المفاجآت السارة انها تشعرك بأنك مازلت في قلوب الآخرين وفي اذهانهم ومازال لك موقع مهم وكبير في خريطة حياتهم.
يكفي تلك المفاجآت السعيدة انها تشعرك بأنك لست اقل حظاً من الآخرين ولست اقل شأنا منهم.
ولعل اجمل لحظات المفاجآت الحلوة تلك التي تحدث في وقت تستبعد حدوثها وفي وقت انت احوج ما تكون لها.
ولك ان تتخيل الآن، وفي هذه اللحظات بالذات تلك المفاجآت السارة التي حدثت لك او بعضها، واسأل نفسك متى حدثت؟ كيف؟ وتحت اي الظروف؟ وماهي مناسبتها؟ وكيف كان رد فعلك لها؟ هل مازلت تتذكرها؟ وهل تريد استعادتها؟
ان كل تلك الاسئلة الذاتية تجعلك تعيش في اجواء رائعة تشعرك بقيمة نفسك واهميتك وتضفي على حياتك في تلك اللحظات سعادة من نوع آخر تتمنى ان تدوم ليس ذلك فحسب، بل انها تشغل وقت فراغك بشيء جميل تحبه وتتمنى العيش في اجوائه.
احياناً ربما تتضايق وتقول لنفسك او حتى لغيرك إنه لا مكان للمفاجآت السارة في حياتي فأنا هو انا لم اتغير ولم اتبدل ولا يبدو انني في طريقي لذلك!
وانت بقولك هذا، لست الوحيد في ذلك، فكثيرون هم الذين يشاطرونك القول نفسه والمشاعر ذاتها، لان النمطية المملة والرتابة الزائدة تجعلهم يشعرون بهذا الشعور ويعتقدون انه لا مكان للاشياء الجميلة في حياتهم!
ونحن بدورنا لا نستطيع إلا أن نتعاطف معهم، ولكن التعاطف وحده لا يكفي لكي يحسّن الانسان من وضعه، ويثق بقدراته الذاتية المخزونة التي لم تر حتى الآن الطريق للنور، ولم تتح لها الفرصة المواتية للظهور والتعبير عن نفسها بشكل يجعلها راضية عن نفسها.
ان احد الجوانب المهمة التي تساعدك كإنسان على الثقة في قدراتك، هي ان تتأكد ان كل انسان منا مهما كانت كآبة الظروف التي من حوله وسوداويتها فانه قد مرت عليه مفاجأة جميلة في حياته او اكثر، قد تكون تلك المفاجأة حدثت منذ زمن، ولكن لا يهم والمهم ان تستحضرها بكل دقائقها هي وغيرها من المفاجآت الاخرى السارة وتعيشها كما لو كانت الآن بكل احداثها فربما أوحت لك احداث تلك المفاجآت ببعض الامور الضرورية التي لم ترها والتي هي ضرورية لحدوث مفاجآت اخرى ربما اجمل منها وافضل، ولم لا؟!
ولكي أوضح تلك النقطة الاخيرة بشكل اسهل، دعني اقول لك ان المفاجأة التي حدثت لك سابقاً اياًكان نوعها، ولنقل هدية غير متوقعة، ربما اهديت لك لان تصرفك مع الآخرين كان افضل مما هو عليه الآن، او ربما كان كلامك لغيرك في تلك الفترة مقروناً دائماً بأشياء جميلة ومريحة للغير كالابتسامة مثلا او الاعتراف بالجميل وغيرهما وهذا ما تعتقده الآن وهكذا ومعرفتك الواضحة لجوانب القصور تلك ربما ساعدت على ان تحييها بداخلك ولو بشكل تدريجي يعيد الثقة الى نفسك ولك ان تقيس على ذلك اشياء اخرى غير محسوسة.
وفي غاية الاهمية ولن تحتاج سوى ان تكون جاداً في مسعاك.
وبالمناسبة، فنحن احيانا نتمنى ان نحظى بمفاجأة حلوة كتلك التي نحلم بها ولا تتحقق لنا وقد تشعر بحاجة ماسة بداخلنا لمثل تلك المفاجآت السعيدة، وحينما لا تتحق لنا ربما تركت في نفوسنا شيئاً من حتى!
ولكن يجب الا ننسى ان بأيدينا ان نحقق المفاجآت الحلوة لغيرنا ممن يهمنا امرهم وممن هم بحاجة لتلك المفاجآت الجميلة.
بامكاننا ان نحدد مقدار السعادة التي سوف ندخلها على قلوب من نريد على قدر المفاجأة الحلوة التي سوف نفاجئهم بها ونحضّرها لهم.
وبمعنى آخر، ان سعادة الآخرين بأيدينا - بعد ارادة الله- ولو لفترات معينة من اليوم او الاسبوع او الشهر، وبامكاننا اطالة امد تلك السعادة لو أردنا، وبامكاننا تكرارها على الصورة التي نريدها وكل هذا بحسب حجم ونوع وطبيعة المفاجأة التي نقدمها لهم، ومن ذلك مثلا:
دخولنا على من نحب بهدية جميلة معبّرة مهما كانت بسيطة في قيمتها المادية.
كما ان بامكاننا مفاجأة الآخرين بسؤالنا عنهم بعد طول غياب مثلا بهدف الاطمئان عليهم، وهذا لا يكلفنا شيئاً، بل نحن نعرف السبيل لذلك.
بل الاكثر من ذلك فان تحقيق المفاجآت الحلوة والسارة لغيرنا سوف يحقق لنا نحن مفاجآت سارة ايضا، فالهدية حينما تشتريها لانسان عزيز او صديق سوف يردها لك على شكل مفاجأة ايضا وربما احلى من مفاجأتك له, وهكذا تتطور الامور لتشعر ان حياتك مفاجآت سارة بل ان رؤيتك لردود فعل الطرف الآخر حول هديتك او مفاجأتك سوف تسعدك ويدخل البهجة إلى قلبك وان شئت أكثر من ذلك فخذ التهنئة بمناسبة جميلة، نقل خبر سار,, الخ.
وما اقصده باختصار، ان بأيدينا الشيء الكثير الكثير جداً لنسعد انفسنا وهذا يعتمد - بعد الله - على مفهومنا للمفاجأة نفسها ونظرتنا لها.
فنحن بامكاننا ان نحقق المفاجآت لأنفسنا بطريقة او بأخرى كي نشعر باننا لسنا اقل شأناً او حظاً من الآخرين,, صحيح اننا احيانا لا نستطيع تحقيق ما نريد وادخال السعادة الى قلوبنا لانه لا احد يفكر بأن يفاجئنا بأشياء حلوة ولا احد يهتم بنا، ولكننا، بامكاننا لو اردنا إدخال السعادة للآخرين عن طريق إحداث المفاجآت الحلوة لهم وبالتالي ادخال السعادة لانفسنا وهذا في حد ذاته سعادة كبيرة، لاننا حينما ندخل السعادة إلى قلوب الآخرين ونرسم الابتسامة على شفاههم ونعيد اليهم الامل من جديد، فاننا بذلك نكون قد اسعدنا انفسنا خاصة اذا كان اولئك الناس لهم مكانة خاصة في قلوبنا وكلما اجبرناهم على الابتسامة بسبب مفاجآتنا الحلوة لهم، شعرنا نحن بتلك الابتسامة، فأحيانا لا نستطيع ان نبتسم لأسباب خارجة عن ارادتنا تجعلنا محرومين منها ولكننا نرى ابتسامتنا ونشعر بها من خلال ابتسامة الآخرين الذين يهمنا امرهم، أليس هذا شيئاً رائعاً؟
وان كنت تريد ان تعيش المفاجأة بكل حلاوتها وجمالها، فتخيل نفسك وانت ترى اعز الناس لديك واقربهم الى قلبك يكاد يطير من الفرحة بسبب مفاجأتك الحلوة اياً كان نوع السعادة هدية، سؤالك عنه، نقل خبر سار، عمل شيء مفرح,, الخ.
تخيل شعورك والبسمة تعلو شفتيه وهو يأخذك بالاحضان، يعبر عن امتنانه لك ويدعو لك بالتوفيق.
اذن، فالمسألة ليست هي فقط المفاجأة في حد ذاتها التي تشدنا اليها وتجعلنا شخصا آخر، بل هي احداث ما بعد المفاجأة وتفاصيلها وتأثيرها علينا، هي التوقيت الذي تشعر فيه بقيمة المفاجأة وحلاوتها هي الاجواء المناسبة التي تفعِّل من سعادتنا اكثر واكثر وتطيل امدها.
واخيراً لنتذكر ان المفاجآت الحلوة من حولنا في كل مكان، محاطة بنا كالازهار بامكاننا ان نقطف منها ما نشاء في اي وقت نشاء شريطة ان نعرف ماهي المفاجأة وما تتطلبه منا فهل انت جاهز للمفاجأة؟ فقط تخير نوعها وحجمها ولونها واقطفها بيدك واستمتع بها مع من تريد.
همسة
صحيح ان مفاجأتك الحلوة لي
حينما سمعتها منك ورأيتها
احدثت وقعاً خاصاً في نفسي
ألجمني عن الكلام
لعدم توقعي لها ,, !
اجبرني على الابتسام,.
من شدة فرحتي بها!
جعلني أحلِّق في السماء
وكأنني أولد من جديد!
جعلني أنظر للحياة
وكأنني اعيشها لأول مرة!
صحيح انها مفاجأة رائعة
أسعدتني ايما سعادة
ولكن ما اسعدني اكثر
هو من حققها لي
من اوجدها بداخلي
من احسسني بها
من جعل لها طعما آخر,.
يفوق اي مفاجأة اخرى!
ولانك انت ذلك الانسان
فسعادتي بك اكثر واكثر
أتعلم لماذا ,, ؟
لأنك انت المفاجأة الحلوة
التي لن تتكرر مع الغير!
انت المفاجأة التي ستظل رائعة
مهما تقادم عليها الزمن!
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
فنون تشكيلية
مقالات
الفنيـــة
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved