* القنيطرة- جاك ريدن- رويترز
في مرتفعات الجولان المحتلة وعلى مسافة بضع مئات من الأمتار من لافتة تقول: مرحباً بكم في إسرائيل جلست عائلة داود وسط خرائب موجودة منذ ان اعادت إسرائيل المدينة إلى سوريا بمقتضى اتفاق لوقف اطللاق النار تم التوصل اليه قبل 25عاماً.
وأعربت العائلة عن تأييدها لسياسة السلام التي ينتهجها الرئيس حافظ الأسد ولكنهم ذكروا كيف تم القبض على سكان القنيطرة وابعادهم بعد احتلال إسرائيل للمدينة في حرب 1967, وعندما عادوا بعد انسحاب إسرائيل الجزئي عام 1974 وجدوا ان المدينة تعرضت لتدمير جديد.
ونظرة الى التدمير الشامل للقنيطرة الذي شمل بيت عائلة داود تشير إلى إن إسرائيل لن تجد سلاماً دافئاً مع السوريين حتى اذا انهت مفاوضات متوقعة حالة الحرب المستمرة منذ عشرات السنين.
وقال واحد من العائلة كان في التاسعة عندما طرد من المدينة عاصمة الجولان وقتئذ المآسي لا يمكن ان تنسى .
وكشاهد للنضال تركت سوريا القنيطرة في صورة رقعة دكتها القذائف مليئة بانقاض مجمعات سكنية كان يعيش فيها نحو 50 الف نسمة, وتعيش في هذا المكان ثلاث عائلات فقط في سكون لا يعكره سوى صفير الرياح وكأنها ساحة تضم أطلال حضارات سورية قديمة.
وفي اجراء اصبح تقليدياً ترتب سوريا زيارات للموقف لضيوفها الرسميين.
كما تصل حافلات تحمل طلبة ووفوداً من الخارج ليشاهدوا الدمار الذي لحق بالمدينة ويطلوا من التلال على مواقع للجيش الاسرائيلي تحوطها الاسلاك الشائكة التي تحدد الحدود الحالية.
وقال مفيد بدرية رئيس الشؤون العامة في القنيطرة في لقاء مع الزوار في قاعة اجتماعات تقرر ترك المدينة كما هي لتكون شاهدا على وحشية إسرائيل.
وتوزع نسخ من قرار تنديد اصدرته الامم المتحدة في 1974 يقول تعتبر الجمعية العامة ما قامت به إسرائيل من تدمير وتخريب متعمد لمدينة القنيطرة انتهاكاً خطيراً لمعاهدة جنيف الخاصة بحماية المدنيين في زمن الحرب.
وجعل الأسد استعادة الجولان شرطاً غير قابل للتفاوض في عملية السلام مع إسرائيل, حاول استعادتها على ساحة القتال في عام 1972 ولكن بعد تقدم في البداية انتهى الصراع بتقدم قوات إسرائيلية نحو دمشق.
وبموجب ترتيبات لتجنب تجدد القتال انسحبت إسرائيل من معظم القنيطرة ورابطت قوة لمراقبة فك الاشتباك تابعة للأمم المتحدة في منطقة عازلة جديدة بين الجيشين, ولاتزال هناك وتطل ابراجها البيضاء على منطقة عازلة طولها 75كيلومتراً.
وبخلاف قوات الأمم المتحدة تكاد لا توجد حركة عبر الحدود, يسمح لحفنة من 23 ألف سوري لا يزالون يعيشون في الجولان المحتلة بالذهاب إلى دمشق للدراسة وعرائس سوريات ينتقلن الى خمس قرى درزية لا تزال موجودة.
ولكن بالقرب من الطرف الشمالي للجبهة وعند قاعدة جبل الشيخ الذي يبلغ ارتفاعه 2814متراً ويتيح لإسرائيل منظراً ممتازاً لدمشق تستطيع عائلات سورية الحديث مع الأقارب بمكبرات صوت عبر واد شديد الانحدار.
وبهذه الوسيلة تتصل العائلات مع بعضها في الجنازات والافراح, وفي يوم الجمعة العطلة الرسمية تحضر حافلات زواراً لتبادل الأحاديث عبر الحدود أو النظر إلى بلدة مجدل شمس، وفي أحد ايام الجمعة منذ وقت قريب قام نشطاء سياسيون ببث رسائل من مكبرات صوت ترتفع مترين مثبتة على ظهر شاحنة.
وقد لا يهتم الإسرائيليون كثيراً بهذا العداء ويعتبرونه منتجاً لدعاية حكومية طالت عشرات السنين ونظام دراسي يعلم كراهية الصهيونية وان هذا شيء سيختفي عند التوصل الى معاهدة سلام.
ولكن سوريين ودبلوماسيين غربيين يحذرون من توقع تغيير سريع يقولون ان جماهير الشعب السوري تشترك في الشعور بالضجر من الحرب غير ان كراهية إسرائيل حقيقية وعميقة.
وقال دبلوماسي غربي في دمشق اعتقد ان 99,9 في المائة يريدون سلاماً فاترا, سيفضلون عدم رؤية إسرائيل أو الأعلام الإسرائيلية اذا تحقق السلام.
ويشكو الإسرائيليون بمرارة من سلام فاتر مع مصر مستمر منذ توقيع معاهدة انهت الصراع قبل 20 عاماً.
وتصر إسرائيل على أن أي اعادة للجولان تتطلب من سوريا تقديم تطبيع كامل للعلاقات تبادل السفارات والتجارة والحدود المفتوحة وانهاء الدعاية المعادية ولكن اي معاهدة لا تستطيع النص على ان تكون العلاقات دافئة او حميمة.
وقد يحدث السلام تحولاً في المنطقة بخفض التوتر واجتذاب سياح واستثمارات اجنبية ولكن الاحتمال ان يكون الاتصال المباشر بين سوريا وإسرائيل على مستوى منخفض.
كما ان اقتصاد كل من إسرائيل الغنية وسوريا الفقيرة نسبيا على درجة من الاختلاف قد لا تتيح تبادلاً تجارياً كبيراً كالحادث مع دول عربية توصلت إلى معاهدة سلام مع إسرائيل مثل مصر والأردن.
كما ان القلة من السوريين التي تتيح لها امكانياتها زيارة إسرائيل قد تفضل السفر إلى دولة عربية أو أوروبية كما ان رحلات تستغرق يوما واحداً لإسرائيليين لسوريا كما يحدث في الأردن قد لا تكون مناسبة لاتساع سوريا مما قد لا يريح الإسرائيليين.
وقال رجل اعمال بارز في دمشق: الإسرائيليون يشكلون مفهوماً مختلفاً عن اليهود بسبب الوضع السياسي, وذكر ان جالية يهودية عاشت في سوريا أكثر من 2000 عام إلى أن اختفت بعد قيام إسرائيل.
وقال رجل الأعمال: لا يشكل اليهود مشكلة للسوريين, ولكن لا يمكن نسيان 50 عاماً من العداوة والصراع مع إسرائيل.
|