تحية وتقدير لاولئك المستشارين والمنفذين لعملية الترقيم الحرفية الرقمية للعربات في بلادنا، فادخال الاحرف في عملية الترقيم احيت موات اللغة، فانا وغيري نقرأ مضامين الاحرف ونعجب كيف تكون هذه الكلمات غائبة عن الاستخدام، فكشفت هذه العملية عن آلاف الكلمات التي يحق لها ان تحيا.
والمرور بهذه الاحرف الرقمية كشف عن اسباب غياب بعض الكلمات لصعوبة النطق بها، اليس من الصعوبة نطق كلمة مكونة من حرف العين والهاء والحاء في لفظة واحدة، وقس على ذلك الكثير والكثير ومن محاسنها ان كل صاحب سيارة بحث عن معنى اللفظة التي تحملها سيارته، مما اوجد وعيا لم تكن له سابقة في علم المرور العربي,ومما ينغص الحياة اليومية ما تطلع علينا به صحفنا السيارة من نكبات مرورية، فهذه فتاة تشهد مصرع اسرتها، وتصعق لصرخاتهم وصيحاتهم، وتقرأ تارة عن اسرتين لم يبق منهما حي، وتسمع عن نكبة شخص يتمتع باجازته فيعترض له طفل غر يقود اكواما من الحديد فيقضي عليه واسرته جميعا ورابعة وخامسة وهكذا.
ان نكبات المرور التي يفرط فيها الانسان المسلم بعقله اكثر من نكبات الحروب، والفيضانات بل والزلازل، الامر الذي فرض علينا التفكير في مهمة رجل المرور الذي هو مماثل لرجل الامن او هما معا في رجل الامن الشامل اليوم.
فرجل المرور حامل امانة الانفس البشرية، مما يحتم عليه ان تكون وظيفته هي الهاجس، فأي مهمة اعظم من حفظ الانفس فهو معني ومسؤول مسئولية ذاتية ينبغي ان تستحوذ عليه هذه الوظيفة وصلاحها وصلاح اهلها، فمن واجبه الوعي بالعوامل المساعدة لسلامة الانفس سواء كانت فكرية او يقظة شعورية، او عملية حسية، فالفكرية تؤدي الى الوعي لصاحب المهمة وصاحب الوسيلة،مما يدفع الى تنظير فكري يبني شخصية الفرد مع مطلع حياته, اما اليقظة الشعورية فان المطلوب شحذ الاحاسيس الذاتية للفرد، ليحافظ على حياة الآخرين ان كان مسؤولا، وليحافظ على حياته ولا يلقي بيده الى التهلكة، ولا يكون سببا متعمدا في قتل الانفس البشرية ونفوق الحيوانات البرية، فلا مناص من غرس المحاسبة الذاتية، فمهما وجد من مبررات ومعاذير، فان الحيطة والحذر امران واجبان على كل فرد يحتمهما الشرع والعقل, فاذا تهاون في قيادة عربته، وكان سببا في حادث مدمر اليس هناك حاسب ظاهري، والادهى والامرّ ما يعتلج في الباطن وما يشعل الضمير, وتكون المحاسبة فكيف يزهق الارواح، وكيف يهلك الاموال بل اموال الفقراء والمحتاجين.
لا ينجي من ذلك ضعف الرادع او جهل الكاشف، او تواطؤ ضعيف النفس كل ذلك مدعاة لكتابة التنظير الفكري المدرسي والثقافي.
اما الوسائل الحسية المتمثلة في العوامل المساعدة فيجب ان ننظر لها من خلال آلة المواصلات، فكما ان الحياة القديمة ابتكرت التدريب والترويض والاعتساف للخيل والابل، فان الحياة المعاصرة توجب النظر لهذه المطية المعاصرة اولا، فتكون خاضعة للمقاييس التي تحول دون الافراط والتفريط من اقرب الامثلة على ذلك بل مالفت انتباهي وحير فكري، ان سيارة صغيرة خفيفة الوزن، محشوة بالبلاستيك تعرضت لصدمة خفيفة داخل المعابر، فتطايرت ابوابها، واصحبت معجونة المقدمة، امتطيتها بعد اصلاحها واذا بسرعتها 220 كيلا في الساعة، فكيف لو كان الحادث في الطرقات السريعة الطويلة، بل ان السيارة معدة للشباب الذين بعضهم نزواته وشهواته اسرع من عقله وتأمله، فكيف تكون هذه الحالة بمباركة من المقاييس، اليس من العقل الوقوف في وجه هذه السرعة بمنع دخول اي سيارة تتجاوز سرعتها 150 كيلا، ولو لي من الاستشارة نصيب لصنفت السيارات فمما يركب داخل المدن لا تتجاوز سرعته 100 كيل وهناك عربات للطرق الطويلة يسمح لها بدرجة لا تبلغ مرحلة الخطر.
د, مسعد العطوي