أي فاجعة تلك التي حلت بنا، وأي هم وحزن المّ بنا، رحل الفارس الشهم الامير، رحل ذو القلب الكبير الذي بذل يديه لفعل الخير، فشمل الصغير والمحتاج والفقير، رحل أبو اليتيم وماسح دمعة السقيم.
آه وألف آه من الاعماق، آه ما اقسى الفراق، على من سكن بحبه القلوب والاحداق، رحل ذو البسمة العذبة الشجية، والطلة البهية، رحل امير الشباب والإنسانية.
رباه لسنا جزعين، ولا من الأجل ناجين، بل بقضائك مؤمنون، واليك راجعون.
لكنه الفيصل الذي عهدناه رحمه الله دوما في افراحنا فأحببناه، وبالبسمة والورود بادلناه، انه فقيد الوطن والامة العربية صاحب المنجزات الخالدة، التي ستبقى للاجيال الواعدة شاهدة، من صفّق دوما لابنائه عند البطولات بالمحافل فقيدنا الفيصل من على جيله نافل، لنرثيك رحمك الله كتابة ونثرا وننظم عزاءنا فيك شعرا.
نعم إنه مصاب جلل، له الدمع همل، كيف لا وفقيد الوطن هو فيصل بن فهد ذلك الامير الغالي الرحيم الذي لازم والدته في السراء والضراء وفي رحلة علاجها رحمها الله حتى عاد مرافقا لجثمانها الطاهر ولولا إيمانه بالله واحتسابه بالقضاء والقدر لم يضعه بالقبر حيث كان رحمه الله بمقدوره ان يولي رعايتها لأفضل الاطباء وعشرات الممرضات المرافقات لكنه آثر ذلك لنفسه، فآنس وحشتها وهون من آلامها، وحرم جفونه النوم حتى تنام، فكان قريبا من انينها وحنينها جابرا بخاطرها، بارا بها حتى اختارها الله عز وجل من بين يديه فكانت آخر نظرة لها دمعة عينيه.
لقد كان رحمه الله قريبا من المحتاجين فكانت تبرعاته التي يرجو بها وجه الله عز وجل دائما ما تطالعنا بها الصحافة المحلية والعربية، فتارة يتبرع للمرضى والايتام والمعاقين واخرى لفك اسر المعسرين، وكان ما ينفقه في السراء اضعاف ذلك فعم بذله القاصي والداني وكان لابنائه وإخوانه الرياضيين النصيب الاوفر من تلك العناية والرعاية.
لقد كان الفراق اكثر لوعة وفظاظة، عندما اختار الاجل امير الخير والرياضة الذي اعطى لوطنه غضاضة شبابه فقفز بالقطاع الرياضي في بلادنا الى العالمية، حيث الرياضة رمز الحضارة ولغة التسامح والسلام والتنافس الشريف بين الامم.
لقد جعل العالم يصفق باعجاب لابناء الصحراء في المنافسات القارية والعالمية، ولم يرض لرياضة وطنه سوى بالذهب، فقاد دفة السفينة الرياضية بكل تخطيط وتفكير وحنكة الى شاطىء المجد والتطور، وكان لجهوده المخلصة ان اوصل منتخباتنا الى المنافسات العالمية بعد ان سيطرت على البطولات القارية، وكان لبعد تفكيره رحمه الله واهتمامه بشئون الرياضة ورعاية الرياضيين وتقديم كل ما هو مفيد لهم ان اقر اعتماد نظام الاحتراف في انديتنا السعودية الامر الذي ادى الى ان تنافس انديتنا على البطولات القارية وتتربع على قمتها.
وكانت (بطولة القارات على كأس خادم الحرمين الشريفين لكرة القدم) احدى ثمار غرسه رحمه الله حيث تم اعتمادها من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) كثاني مسابقة عالمية رسمية بعد كأس العالم.
لقد اخذ الله امانته بأغلى الرجال، فشد الى ربه الرحال، فيا رب يا من خلقت كل شيء حي من الماء الزلال، اجعل له في جنة الخلد منزلا وظلالا، وارحمه رحمة واسعة يا رب العزة والجلال.
واجبر عزاء نواف وخالد فكلنا نشاطركم الحزن والعزاء ولوعة الفراق، لان من احبه الله جعل حبه في قلوب خلقه، فان هو رحل عنا بجسده لن يرحل من قلوبنا، ولو كان الموت يفدى لفديناه بأرواحنا.
وكل العزاء الخالص لرمز عزتنا وباني نهضتنا مولاي خادم الحرمين الشريفين وسلمت لنا قائدا ورائدا ما حيينا، ولسمو ولي العهد الامين وسمو النائب الثاني واشقاء وشقيقات وابناء الفقيد وكل افراد الاسرة المالكة الكريمة والشعب السعودي ولكل الرياضيين في بلادنا.
ان هذه الكلمات احساس مواطن محب لقادته وعظماء وطنه قبل ان تكون إحساس وآهات كاتب، جبر الله مصابنا جميعا واحسن عزاءنا فلكل اجل كتاب فإذا جاء اجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون, وإنا لله وإنا اليه راجعون وإنا على فراقك يافيصل لمحزونون.
حسين سالم الخمعلي