Thursday 9th September, 1999 G No. 9842جريدة الجزيرة الخميس 29 ,جمادى الاولى 1420 العدد 9842


للحداثة حديث

قرأت بكل أريحية ما سطره الأخ فوزان الماضي في مدارات شعبية بجريدتكم الغراء عدد 9813 عن مفهوم الحداثة المغلوط الذي من خلاله نعت الحداثة بالحداثة الزائفة التي لا لها بالحداثة الحقيقة صلة من قريب أو بعيد وأوضح مفهوم الحداثة الحقيقي في نظره بأنها تجديد الكلمة الشعرية.
والذي أحب أن أشد على عضدي أخي الكريم غيرته على الشعر الموزون المقفى المحتوي على جمال الكلمة وروعة التشبيه، فهذا أمر مطلوب ومرغوب ومن الضرورة في نظم الشعر وقرضه، ولكن ربما في الحداثة ما يحتوي على جمال الكلمة وقوة المعنى وغزارة التشبيه ولهجة تخاطب جيلا يلهج بنفس اللهجة تلبية للرغبات ومواكبة لظروف المناسبات محافظة على أصول اللغة من بديع ومعان وتشبيه وإيجاز، وهنا يكمن حديث:
فالحداثة أخي الكريم اسم ووصف لكلام وضعه مريدوه ربما كما قلت (عجز عن مقارعة الشعر الأصيل) واقول ربما مواكبة للهجة بدأت تغزو المجتمعات العربية الحديثة فكان لابد من مخاطبتهم بنفس لهجتهم تمشيا وتلبية لرغبات العصر الحديث ألا يدع من هب ودب أن ينثر عجرفته اللغوية وأسلوبه المتهالك وغموضه الداكن في حداثته.
بل يقارع الحداثة بالحداثة نفسها ولسان حاله يقول (وعند جهينة الخبر اليقين)، كل ذلك تمشيا مع رغبات المجتمع الحديث وما أراده ومواكبة للظروف، فالمبدع دائما مبدع في أي مجال يضربه وأي ضرب يخوضه.
وفي اعتقادي البحت أن الحداثة لم تنتج إلا بعد أن سادت تلك اللهجة العامية المجتمعات العربية واندثر موروثهم الأصيل وكان الشعر الشعبي على جودة صناعته وعلى ما فيه من تكسير وتشويه أحيانا للغة الفصيحة قد أخذ مساحة واسعة وحيزا كبيرا لدى عامة الناس لأنه يخاطبهم بنفس لهجتهم فصار له صدى وقبول لديهم!!، ثم ظهرت هذه الحداثة بقضها وقضيضها نتاجا طبيعيا تحاول عبثا وتكلفا أن تحدث في الشعر نقلة نوعية تسميها حداثة بسبب أو آخر وحيث إن مع (الخواطي سهم صائب) فقد أحدثوا وابتكروا شيئا جميلا إذا ما روعي فيه اعجاز اللغة من جزالة اللفظ وروعة الانتقال وجمال في التشبيه وحسن في الايقاع وعندها نقول (رب حداثة لم تلدها أمك) - أعني بالأم اللغة العربية، وما عداها من حشو وركاكة وغموض ليس بأحسن حال مما هي عليه من اخلال في الوزن والقافية وعندها يحق لنا أن نسميها (غثاثة).
إذاً الحداثة قد تشتمل على روعة بالتشبيه وجمال في الكلمة وحسن في الإيقاع وجزالة باللفظ ولكنها ليست بموزونة ولا مقفاه فلهذا أصبحت بعرف ونظر الشعراء ليست بشعر ولا يعني إن لم تكن شعرا لا تكون شيئا فهذا عين الغلط واساءة الفهم.
وللإيضاح أكثر أقول: إن الحداثة المشتملة على جزالة اللفظ وروعة التشبيه والانتقال وحسن الايقاع والسبك، تدخل في باب النثر الحر وان سميت شعرا فمجازاً لأنها قد وافقت الشعر من حيث جمال الكلمة وروعة الانتقال وحسن الايقاع والتشبيه، ولهذا بالإمكان أن يطلق عليها اسم الشعر مجازا هكذا أرى وأما حقيقة فلا تسمى شعرا، هذا بالنسبة للحداثة وأما تلك الغثاثة فلا هي نثر أصلا يستعذب فكيف تكون شعراً يقبل مجازا كان أم حقيقة.
والذي احب أن أصل إليه أنه قد تكون الحداثة حقاً أريد به باطل فلهذا لا يمنع أن نسيطر عليها بإعجاز لغتنا وجزالة لفظها وقوة معناها ووضوح ودلالة مفهومها وبديع نسقها ورونق مظهرها وروعة تشبيهها، (وتدخل في ذلك اللهجة العامية لما لها مثل ذلك أوفر نصيب على ما فيها وليس المجال هنا لبسطه).
ونحاول جاهدين أن ننقحها وننقيها مما علق بها من الشوائب والأكدار حتى تصفو وتستعذب ومن قرأ تلك الحديثيات القوية السبك الجميلة الكلمة الحسنة الايقاع الرائعة الانتقال لتذوق حلاوتها وعرف صدق ما نقول.
ثم على الشعراء مواكبة العصر والتمشي معه ومخاطبته بما يرغب حتى يتسنى لهم تقرير ما يريدون وما يرغبون، فالمكتبات ملأى من الدواوين الحديثة وفيها الغث والسمين فسمينها يقبل ويطرب وغثها يطرح ولا يلتفت إليه.
هذا وعلى العموم الشعر بأنواعه والنثر بأنواعه مسميات لمدلول واحد (حسنه حسن وقبيحه قبيح) لا من حيث جزالة اللفظ أو عكسه والموفق من وفقه الله.
وأخيرا ما كتبت وما قلت فهو رأي يحتمل الخطأ والصواب فإن أصبت فالحمد لله من قبل ومن بعد، وإن اخطأت فرحم الله امرأ دلني على الصواب.
عبدالعزيز حمود القويعي
حائل

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
فنون تشكيلية
مقالات
الفنيـــة
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved