لقد امتدح الله عز وجل أهل الاستقامة، وجعلهم أولياءه في الدنيا والآخرة، وبشرهم بالجنة التي وعدهم فقال سبحانه: (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون، نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون)، وقد أمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين في موضع آخر بالاستقامة على تعاليم الإسلام فقال سبحانه: (فاستقم كما أُمرت)، قال ابن عباس رضي الله عنه: ما نزل في القرآن آية كانت اشد على النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الآية، حتى أن الصحابة رضوان الله عليهم فزعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسألونه عن وجود الشيب في رأسه، فأخبرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: (شيبتني هود وأخواتها) وسأل احد الصحابة رضوان الله عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله دلني على عمل يدخلني الجنة، فقال صلى الله عليه وسلم له: (قل أمنت بالله ثم استقم) رواه مسلم.
فلا يكفي إدعاء الإيمان دون العمل، بل العمل مترجم للإيمان وثمرة من ثمراته، والمتأمل في واقع حال المسلمين اليوم يجدهم وللأسف بعيدين كل البعد عن مفهوم الاستقامة، فترى البعض وما أكثرهم يكتفون بانتسابهم للإسلام فقط دون تطبيق منهج الإسلام في حياتهم، والبعض الآخر يظن ان الاستقامة هي فقط أداء الواجبات المفروضة كالصلوات والصوم والحج، ولا يبالون في غشيان المحرمات وفي أي واد يهلكون، والبعض وهم القلة الناجية (وقليل ما هم) هم المتمسكون بمنهج الكتاب والسنة، واتباع أوامره واجتناب نواهيه، ولا يراوغون عن تعاليمه روغان الثعلب، ولا تأخذهم في الله لومة لائم في تبليغه والعمل به، فهؤلاء هم أقل الاستقامة، وهم أولياؤه الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، نسأل الله عز وجل أن نكون منهم، وأن يوفق جميع المسلمين لتحقيق مفهوم الاستقامة في حياتهم، والله من وراء القصد.
ناصر بن سعيد الزهراني
رئيس هيئة محافظة القرى