* تحقيق : عبدالله بن ظافر الأسمري
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باب عظيم من أبواب الخير التي يحفظ الله بها الأمم ويهلك بها أمماً اخرى فرطت في شأن هذه الشعيرة، ولا شك ان الامر والنهي له اساليب ووسائل يقدم من خلالها ويطبق عن طريقها، ونحن هنا نحاول استعراض كيفية طرق هذا الباب العظيم من خلال باب عظيم آخر ألا وهو باب خطبة الجمعة، ذلك الدرس الاسبوعي الوعظي الذي يتكرر اسبوعيا ليرفع الله به غفلة الغافلين ويقرع به المكابرين ويزجر به المصرين على المعصية، فكيف يكون الربط بين الامرين,؟ وهل هناك اساليب وفنون لذلك؟ هذا ما طرحته (الرسالة) وبحثت زواياه وأطرافه بحثا عن حكم ولوازم وتوابع الامر بالمعروف والنهي عن المنكر من خلال خطبة الجمعة، وكيف يكون الخطيب الناجح متميزا في هذا الشأن
اسس وضوابط
في البداية يحدثنا الشيخ احمد بن ابراهيم الدخيل إمام مسجد العساف بالمربع في الرياض عن الاسس والضوابط التي لا بد للخطيب ان يسير عليها لكي ينجح في اختيار الخطبة وموضوعها فقال:
على الخطيب ان يدرك امورا عديدة لخطبته عليه ان يراعيها قبل اختياره لموضوع الخطبة وهناك امور عليه مراعاتها عند اختياره وامور عند إلقائه، فما ينبغي ان يراعيه عند اختياره لموضوع الخطبة مناسبة الموضوع لحاجة الناس المستمعين اليه وملاءمة ذلك لأحوالهم, ايضا مناسبة الزمان الذي يختار من اجله الموضوع فهناك مواسم وأحوال ينبغي ان تطرح مواضيعها في وقتها ولا يليق تأخير وإرجاء الحديث عنها الى وقت آخر,, كذلك ينبغي ان يكون قصده في طرحه لموضوع الخطبة نفع الناس وتوجيههم لما يقربهم الى الله عز وجل ويجلب لهم محبته، كذلك عليه ان يولي اهمية الموضوع الخاص بمناسبة خاصة اولوية بان يقدم الأهم على المهم.
ويوضح الشيخ الدخيل ان الخطيب ينبغي ان يراعي عند اختياره للموضوع ان ينوع في موضوعاته ولا يهتم بجانب دون آخر فيسهب في الحديث عن المشاكل الاجتماعية ولا يهتم بالمنكرات العامة او الايضاح لفضائل العبادات وهكذا,, فينبغي له ان يوازن بين ذلك مع مراعاة ما سبق التنويه عنه من تقديم الاهم على المهم كما ينبغي للخطيب الا يتطرق الى امور لا تعني الناس كثيرا او يتحدث عن منكرات وبدع لا وجود لها في واقع من يتحدث اليه.
الملاءمة والمواءمة
ويقول الشيخ خالد بن ناصر الحميد خطيب جامع الخطامة بسدير ان الموضوع هو الخطوة الاولى في اعداد الخطبة وتهيئتها وان اساس اختيار موضوع الخطبة ان يكون الموضوع مناسبا لمن تلقى عليهم الخطبة زمانا ومكانا وحالا.
فلا ينبغي مثلا ان يكون موضوع الخطبة عن الاضحية والناس في اول شهر رمضان او يكون المسلمون بحاجة الى توضيح موقف تجاه قضايا يعانون منها فنضرب عنها صفحا ونهملها! بل على الخطيب مراعاة المناسبات ليكون لكلامه وقع في النفوس ، ولان المناسبة بذاتها عامل مهم في تهيئة الذهن لاستقبال ما يلقي اليه من المعلومات وسرعة التأثير به كما ان على الخطيب عند اختياره لمضوع خطبته ان ينظر في مدى ملاءمتها للبيئة التي تحيط فيها فمثلا يتحدث للمجتمع الزراعي البسيط بما يتناسب مع مشاكل هذا المجتمع, واحواله وما يتفق مع الحالة الفكرية لهذا المجتمع ويتحدث للمجتمع الصناعي بما يناسب ظروفه، وخلص الحميد الى ان الخطيب الناجح هو الذي يستطيع مراعاة كل هذه الامور ويلم بمشاكل ذلك المجتمع الذي سيخطب فيه ويحسن فهمها ويعرف اسبابها ثم يحاول ايجاد العلاج المفيد لها والذي تهديه اليه دراسته وعلمه بعد توفيق الله له في ذلك.
وتطرق فضيلته الى ما ينبغي للخطيب ان يراعيه قبل تحضيره للخطبة مشيرا الى ان عليه مراعاة ما نص عليه اهل العلم من شروط الخطبة واركانها وان يحافظ على ذلك وان يجتهد في تلمس المنهج الصحيح في تحضير الخطبة دون اخلال بما نص عليه العلماء في ذلك وان يهتدي بالهدي في الخطبة كما جاء ذلك في السنة اما عند طرحه فيجب عليه ان يكون في طرحه لخطبة طرحا جيدا بعيدا عن التهويل وتضخيم الامور ولا يبالغ في ذرك المنكرات وايضاحها وبيان كيفية وقوعها وذكر اماكنها فان في ذلك اشاعة للفاحشة ودعوة اليها وعليه ان يسلك مسلك التبشير بالخير بعيدا عن التنفير وان يكون متفائلا يعد الناس بخير الدنيا والاخرة ان هم تمسكوا بالحق واعتصموا به ولا يكون متشائما موقعا في قلوب الناس اليأس والاحباط كما ان على الخطيب ان يسمع الى آراء من يثق به ممن يستمع اليه ويدرك ما يحيط في واقع الناس فيستطيع تشخيص الداء وذكر العلاج كما في الشريعة الاسلامية وعلى الخطيب ان يقرأ في دواوين خطب العلماء ومعرفة منهجهم في خطبهم والاستفادة منهم في ذلك.
عظم المسؤولية
ومما لاشك فيه ان دور الائمة والخطباء دور مهم في المجتمع فالخطيب في كثير من المقامات هو طبيب يعالج مشاكل المجتمع ويبصر الناس فعليه قبل وصف العلاج ان يتعرف على العلل والامراض الشائعة في المجتمع ويشخص الداء فاذا استبان له ذلك رجع الى الكتاب والسنة فوضع الدواء في موضع المرض.
وحول ذلك بين الشيخ سعد بن عبدالله آل عتيق رئيس مركز هيئة الفواز وخطيب جامع حي الجامعيين بالشفا ان المجتمع لا يخلو من المنكرات الظاهرة التي تحتاج الى معالجة من اهل العلم، والخطباء وهم اقرب الناس لجمهور المجتمع مما يضاعف المسئولية عليهم لان المنكرات مع فشوها وقلة منكريها قد تصبح مألوفة عند كثير من الناس فاذا تناول الخطيب شيئا من هذه المنكرات وخصص لها موضوعا يوم الجمعة ثم طرحه طرحا يتناسب قدر الامكان مع مستوى الحضور يخاطب به جماهير السامعين ثم ينكر ذلك المنكر على ضوء الكتاب والسنة ويبين خطره على المجتمع ثم يصف العلاج المناسب فانه بهذا الجهد يستحق باذن الله تلاشي المنكرات شيئا فشيئا وان من اشد المنكرات ماذاع وشاع في الآونة الاخيرة من منكرات الأفراح وما يحصل فيها من التبرج والسفور والعري وتقليد الغرب مما لايسع المجال لطرقه فالسكوت عن مثل هذه المنكرات خطر عظيم وانها مسئولية الدعاة والخطباء والمرشدين ثم يوجه الشيخ آل عتيق نصحه قائلا: انني انصح الخطباء الاهتمام بالخطبة مع التحضير الجيد لان ذلك دليل على الاهتمام بامور المسلمين والحرص على هدايتهم مشيرا الى اهمية الايجاز قدر الامكان فذلك أدعى إلى الانصات والاستفادة التامة مما يقوله الخطيب وقال: فالقدرة على الايجاز تنبع من عمق الثقافة وقوة التحصيل ووضوح الصورة والادراك التام لما يريد الخطيب التحدث عنه ذلك ان النفس البشرية لا تزكو فيها المعاني الا اذا امكن تحديدها وتقويمها وينوه الشيخ آل عتيق بمسئولية الخطباء تجاه الامر بالمعروف والنهي عن المنكر مؤكدا انها مسئولية عظيمة فاذا فشا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر تميزت السنة عن البدعة وعرف الحلال من الحرام وأدرك الناس الواجب والمسنون والمباح والمكروه ونشأت الناشئة على المعروف وألفته وابتعدت عن المنكر واشمأزت منه ولا يخفى ان ما أصبنا به من رواج المنكرات والوقوع في البدع والمحرمات ما هو الا بسبب تقصير اهل العلم في هذا الجانب حتى نشأت اجيال لا تعرف معروفا ولا تنكر منكرا وانك لناظر في ذلك شيئا كثيرا من فشو منكرات كبرى وتساهل بالصلاة ووقوع في الربا والزنا وشرب الخمور وما هو دون ذلك واكثر منه يقول بعض الصالحين: (ان الخوف كل الخوف من تأنيس القلوب بالمنكرات لانها اذا توالت مباشرتها ومشاهدتها انست بها النفوس والنفوس اذا انست بشيء قل أن تتأثر به) يقول صلى الله عليه وسلم (كلّا والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد الظالم، ولتأطرنه على الحق أطرا (أي تلزمونه به الزاما) او ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض ثم ليلعنكم كما لعنهم، يعني بني اسرائيل) اخرجه ابو داود واللفظ له والترمذي وحسن من حديث ابن مسعود رضي الله عنه فالله الله ايها الخطباء بالاهتمام بتناول موضوعات هامة من المنكرات الظاهرة والتصدي لها.
الدور المنشود
وماذا عن الائمة والخطباء في معالجة المنكرات واظهار المعروف؟ سؤال عرض نفسه على واقع التحقيق لبيان اهمية هذا الجانب من خطبة الجمعة واجاب عنه الشيخ محمد بن عبدالعزيز الماجد امام جامع الميداني بالعليا فقال: يتبوأ الامر بالمعروف والنهي عن المنكر مكانة عالية في دين الله تعالى فهو شعيرة عظيمة من شعائر الاسلام ودعامة راسخة من دعائم المجتمع الرباني دلت على ذلك النصوص ونطق به الواقع وشهد له التاريخ بل ان الامر والنهي من لوازم وجود بني ادم كما قال ابن تيمية رحمه الله (وكل بشر على وجه الارض لابد له من امر ونهي ولابد ان يأمر وينهي حتى لو أنه لوحده لكان يأمر نفسه وينهاها إما بمنكر وإما بمعروف فان الانسان حي يتحرك بارادته, وبنو آدم لا يعيشون الا باجتماع بعضهم مع بعض واذا اجتمع اثنان فصاعدا فلابد ان يكون بينهما ائتمار بأمر وتناه عن امر).
واضاف: واذا كان من الحقائق الثابتة ان وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر متوزع بين كافة افراد المجتمع ومؤسساته كل بحسبه فان دور خطيب المسجد وواعظ الجماعة من اشد اولئك فاعلية وتأثيرا في امر جماهير الناس بالمعروف ونهيهم عن المنكر: اذ ان الخطيب بلسانه ورقّة جنانه يقتلع جذور الشر والمنكر من النفوس ليحل محلها خشية الله وحب الحق وقبول العدل والتزام الشرع فعمله اصلاح للضمائر وايقاظ للعواطف النبيلة في نفوس الناس وحماية الله للمجتمع من التلوث بالافكار المنحرفة والاخلاق الرديئة، وكيف لا يكون ذلك اذا علمنا ان دور الخطيب وامام المسجد انما هو امتداد واقتفاء لرسالة الانبياء والصديقين والصالحين وحسن اولئك رفيقا.
ويرى الشيخ الماجد ان اسلحة الخطيب الكلمة الرصينة والخطبة الهادفة سبب رئيس وراء معالجة كثير من المنكرات الواقعة وانتشال من ابتلي بها، بالاضافة الى حماية من لم يقع فيها وتحصينه ضدها، غير ان الكلمة كغيرها من وسائل الاصلاح والتغيير لا تؤتي ثمارها ولا يظهر اثرها الا اذا سلك بها مسلكها القويم وسخرت لتقديم العلاج السليم وذلك بان يراعي فيها الخطيب والمتحدث جملة من الامور يأتي في مقدمتها اخلاص النية لله تعالى لقوله سبحانه: (وما أمروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ,,) الآية.
وعن عمر بن ذر أنه قال لوالده يا أبي مالك اذا وعظت الناس اخذهم البكاء واذا وعظهم غيرك لا يبكون؟ فقال يابني ليست النائحة الثكلى مثل النائحة المستأجرة.
فن ليس الكل يجيده
ثم يضيف الشيخ الماجد سلاحا ثالثا وهو العلم حيث يقول: العلم وهو على شقين علم بالشرع وحكم الله في الواقعة المراد انكارها وعلم بالواقع المراد تغييره وانكاره حتى يقع الدواء على عين الداء اذ ان الحكم على الشيء فرع عن تصوره وربما ادى الجهل بالواقعة الى تنزيل غير حكمها عليها او تهويل منكر لا وجود له في الواقع او التساهل في معالجة منكر مستفحل.
ومن الامور التي ينبغي مراعاتها التدرج في معالجة المنكرات لا سيما عند تفشي وظهور المنكرات واضمحلال الديانة في قلوب كثير من الناس وذلك بالبدء بعلاج المنكر الأشد خطورة والاكثر اضرارا بالدين حتى اذا اطمأن الى نفورهم منه اتجه الى ما هو دونه حتى يثمر غرسه اينع الثمرات ودليل ذلك حديث معاذ حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بالتدرج من الشهادة الى الصلاة ثم الزكاة وهكذا.
الحصن الحصين
ويتفق الشيخ خالد بن ناصر الحميد خطيب جامع الخطامة بسدير مع الرأي السابق انه ينبغي على الخطيب ان يقوم بواجب النصح والوعظ في انكار المنكرات على الوجوه التي جاءت بها الشريعة الإسلامية بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي احسن وليجعل الخطيب الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر - النجاح والامل نصب عينيه فان ذلك اكبر عون له على سيره في مهمته ولا يجعل لليأس عليه سبيلا فتفتر همته وتضعف عزيمته وعلى المؤمنين كلهم ان يتعاونوا في هذا الامر العظيم، ويساعدوا من رأوه قائما بهذا الامر، نصرة للحق وقضاء على الباطل فان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب علينا جميعا.
وينوه الشيخ الحميد بان النصيحة لكافة المسلمين تكون بارشادهم الى مصالحهم وتعليمهم امور دينهم ودنياهم وستر عوراتهم وسد خلاتهم ونصرتهم على اعدائهم وكف الاذى عنهم، فيعلمهم ما يجهلونه من دينهم ويعينهم عليه بالقول والفعل ودفع المضار عنهم وجلب المنافع لهم وامرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر برفق واخلاص والشفقة عليهم وتوقير كبيرهم ورحمة صغيرهم وتخولهم بالموعظة الحسنة ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بالرفق واللين والاقناع، ويصبر على ما يحدث له من الاذى,, وهاهنا امر جدير بالوقوف عنده إنه اذا كان المنكر متفشيا في افراد كثيرين في المجتمع ففي هذه الحال يسلك المحتسب الانكار العلني المؤدب الذي لا يشهر فيه بأحد بعينه، بل على غرار ما بال اقوام كذا، او ما بال اقوام يتركون كذا ويذكرهم ويرغبهم ويخوفهم بالله جل جلاله، ويحثهم على لزوم التقوى، ومجانبة طريق الردى.
ولقد سلك رسول الله عليه وسلم هذا المسلك في علاج المنكرات او الاخطاء او التجاوزات العامة: فمن ذلك ما رواه انس بن مالك رضي الله عنه قال: النبي صلى الله عليه وسلم: (ما بال اقوام يرفعون ابصارهم الى السماء في صلاتهم؟ فاشتد قوله في ذلك حتى قال: لينتهن عن ذلك قوم او لتخطفن ابصارهم) ومن النصيحة لائمة المسلمين معاونتهم على الحق وطاعتهم فيه وأمرهم به وتنبيههم وتذكيرهم برفق ولطف واعلامهم بما غفلوا عنه ولم يبلغهم من حقوق المسلمين وترك الخروج عليهم ورد القلوب النافرة اليهم وان يدعو لهم بالصلاح.
مشيرا فضيلته الى اهمية تصدي الخطبة لمنكر واحد لان الجمع بين عدد من المنكرات يضعف التأثير ويجعل علاجها عاما لا يستأصلها من النفوس ومن ذلك انه عند معالجة المنكرات لاسيما الظاهرة منها ألا يبدأ في الولوج في المراد مباشرة اذ قد يؤدي ذلك الى نتيجة عكسية لا تخدم مراده وانما الاولى ان تكون البداية بذكر الامور المتفق عليها والمقاصد العامة للشريعة وحفظ الاسلام للدين والنفس والعرض والمال والنسب والعقل ليصل بعد ذلك الى ما يريد انكاره ببيان مضار المنكر النازلة بمرتكبه ومضاره على المجتمع وكيف حال المجتمعات الواقعة فيه ويربط ذلك بحال السلف وما كانوا عليه من صلاح وما نالوه من حظ عظيم في الدنيا والاخرة بسبب ابتعادهم عن ذلك المنكر واشباهه ولابد له مع ذلك كله ان يدعم حديثه بالادلة والبراهين والحجج من الكتاب والسنة واقوال السلف وغير ذلك مما يزيد اقناع السامعين.
ومن الامور التي ينبغي مراعاتها عند الانكار العدل في القول وذلك بالا يقتصر الحديث على الانكار وحشد المساوىء والعيوب بل يزين نصحه وانكاره بثناء جميل مقتصد على حسنات لدى المستمعين يكون ضمنها دعوة لهم الى نشدان الكمال البشري الممكن.
بيان الخلل وتوضيح الحل
ويشير الشيخ الماجد الى ضرورة مراعاة ايجاد البدائل عن المنكر وذلك في مثل قوله تعالى مخبرا عن قول لوط عليه السلام: (أتأتون الذكران من العالمين, وتذرون ما خلق لكم ربكم من ازواجكم بل انتم قوم عادون) فالنكاح الشرعي بديل مشروع عن الفاحشة ولعل من البدائل المؤثرة تبصير الناس بها ان سعادة الايمان ولذة الطاعة تفوق بكثير ما ينشدونه في معاقرة المعاصي والمنكرات من سعادة ولذة.
ويصنف الشيخ الماجد المنكرات الواقعة بين الناس الى انواع منها ما يختص بأزمنة دون غيرها كالاعياد والافراح والعطل والاجازات ولذا فان على الخطيب الاعتناء بمعالجتها حين فشوها وظهورها، غير انه مما ينبغي على الخطيب الا تكون عامة مواعظه وخطبه تدور في فلك واحد لا يتجاوزه بل ينبغي مراعاة الشمول والتكامل فيما يطرحه فالى جانب معالجة المنكرات فهناك جانب العقيدة والسلوك والتعليم والتفقيه والتربية الى غير ذلك.
معالجة المنكرات
انهينا في السطور السابقة اساليب واغراض خطبة الجمعة للتحذير من المنكرات الظاهرة المتفشية في المجتمع لما لها من الخطورة العظيمة على الفرد والمجتمع وفي هذا الصدد يضع الشيخ عبدالله بن ناصر الدخيل خطيب جامع ورئيس مركز هيئة البطحاء عدة خطوات ينبغي للخطيب ان يتبعها للقضاء او التحذير من منكر ظاهر منتشر بين الناس يجملها فيما يلي:
أولا: تقرير واثبات وجود ذلك المنكر بالادلة والبراهين العقلية والنظرية وهذه الخطوة بمنزلة الشعور بالمرض وهي كما يقال بداية العلاج.
ثانيا: اثبات ان ذلك المنكر محرم بالادلة الشرعية من الكتاب والسنة.
ثالثا: ذكر العواقب الوخيمة والسلبيات التي ترتبت على فعل ذلك المنكر وايراد القصص وضرب الامثال بهذا الشأن.
رابعا: تفنيد الشُّ
به التي يثيرها المتعلقون بذلك المنكر او المؤيدون له - ان وجدت.
خامسا: بيان وتأصيل مسألة الانقياد التام لأوامر الله عز وجل واجتناب نواهيه وان ذلك من شروط شهادة الا إله إلا الله فالمؤمن ينقاد لامر الله ونهيه ولو لم تظهر له حكمة ذلك.
سادسا: ذكر الاسباب التي ادت الى وقوع ذلك المنكر والتحذير منها.
سابعا: توجيه الخطاب المباشر للمتسببين في وقوع ذلك المنكر بصفاتهم لا بأعيانهم كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم حين يقول: (ما بال أقوام) ويذكر صفات اشخاص وقعوا في بعض المخالفات ويحذر من صنيعهم مثل ان يخاطب الآباء او المعلمين او الشباب او,, الخ.
ثامنا: ايجاد البديل المباح الذي يحل مكان ذلك المنكر - ان وجد.
|