تكثر الزلازل في آخر الزمان كما اخبر بذلك الصادق المصدوق رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ثبت عنه في السنة الصحيحة، وقد يكون المراد بذلك الزلازل الحسية كما هو ظاهر، وهو الاصل في ذلك وقد تكون زلازل معنوية تعني كثرة الفتن في الدين وانشغال بعض الناس بالقيل والقال ووقوع الكثير منهم في الحيرة من امرهم وخاصة في امور دينهم وقلة العلماء المعتبرين وقد يكون المراد بذلك الامرين معا والله اعلم.
ومما ينسب إلى علماء الارض ان هناك بؤرا ومراكز في بعض نواحي الارض تكون اكثر عرضة للزلازل دون غيرها مثل اليابان وإيران والجزائر والمكسيك وتركيا وولاية كليفورنيا الامريكية ففي اليابان مثلا تعتبر الزلازل شبه يومية تقريبا حيث بلغ عددها 360 زلزالا في العام فاعتاد الناس على ذلك وأخذوا بكل جدية بمبدأ السلامة وتلافي الخسائر التي قد تنتج عن ذلك في الارواح والممتلكات وصار اليابانيون قبلة في هذا الشأن من حيث اعداد التصاميم والدراسات والتنفيذ لجميع المشروعات التعليمية والسكنية والتجارية يليهم في ذلك الاهتمام الولايات المتحدة الامريكية وبعض الدول الاوروبية.
ومن المعلوم ان الزلازل لها اسبابها القدرية الكونية التي يقدرها الله عز وجل في قدره الكوني العام زمنا ومكانا كغيرها من الظواهر الكونية الاخرى مثل البراكين والاعاصير المدمرة والكسوف والخسوف وغير ذلك، كما ان لها اسبابا شرعية تتمثل في تذكير العباد بقدرة الله تعالى ومدى ضعفهم وحاجتهم إليه سبحانه، وتخويفهم من غضبه وانتقامه إذا عرضوا عن دينه وتركوا كتاب الله وراءهم ظهريا,, قال سبحانه: (وما نرسل بالآيات إلا تخويفا) وهل هناك اعظم مما عليه المسلمون اليوم من تقصير وتفريط في طاعته - إلا ما رحم ربي - فانظر اخي الكريم إلى تحكيم معظم بلدان العالم الاسلامي احكام الجاهلية والقوانين المستوردة وتقديمها على حكم الله ورسوله فاستحقوا من الله عز وجل المذلة وعيشة الضنك وتسلط الاعداء وتخويفهم ببعض آياته العظيمة قال سبحانه: (وما أنا بظلَّام للعبيد) ويقول سبحانه: (إن الله لا يظلم مثقال ذرة) ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه في الحديث القدسي: يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا,, فالله سبحانه وتعالى منزه عن الظلم وما قد يقع من قتل ودمار نتيجة لتلك الهزات الارضية وغيرها إنما هو بعلم الله عز وجل وحكمته البالغة فهو سبحانه الذي اوجدهم وقدر أرزاقهم وآجالهم وسوف يبعثون على نياتهم كما انه لا ينبغي نسبة ذلك إلى الطبيعة والغفلة عن الاسباب الشرعية التي جاء بها الاسلام قال سبحانه: (يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون) ويقول سبحانه: (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون, قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل كان أكثرهم مشركين).
وقد تكون الزلازل والهزات الارضية على درجات متفاوتة فإذا بلغت 6 درجات فأكثر على مقياس ريختر فهذا يعني الدمار العظيم كما حصل ذلك مؤخراً في غرب تركيا حيث وصل إلى 7,8 ولعدة ثوان فقط نتج عنه ما تردده وسائل الاعلام المختلفة من ارقام متنامية من حيث القتلى والجرحى والخسائر المادية وتحطيم البنية التحتية للدولة وانتشار الاوبئة والامراض الفتاكة ووقوف الانسان امام ذلك عاجزا محتارا لا حول له ولا قوة.
أذكر بهذه المناسبة حين كنت في مدينة لوس انجلس الامريكية في منتصف الثمانينيات الميلادية وقوع بعض الزلازل الخفيفة نسبيا في مدينة الملائكة - كما تسمى بذلك - وهي ليست كذلك - وما حصل من اصوات للبهائم واجراس الانذار وتحطم بعض الجسور وتراقص ناطحات السحاب في امر لا يمكن تصوره,, ويخرج الناس في حالة من الخوف والذعر وتتابع النصائح والارشادات اللازمة عبر وسائل الاعلام للناس ليأخذوا حذرهم.
مما يذكر ان مدينة لوس انجلس ينتظرها زلزال مدمر ينسفها في البحر كما يقول علماء الطبيعة، والعلم عند الله!!
وفي تلك المدينة عرفت رجلا أمريكيا من الجنس الابيض يبلغ من العمر خمسا وستين عاما كان يتردد على مسجد ابن تيمية قبل اعمار المشروع مؤخرا من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود - أثابه الله وأحسن إليه في الدارين - وكان اسمه وليم بل فتسمى بلالا فسألته عن سبب اسلامه فقال لقد عرض علي احد رجال الاعمال من المملكة الاسلام مقابل عشرة آلاف دولار ففعلت غير انه لم يحسن اسلامه ولم يفقه من الاسلام شيئا غير انه كان خدوما مخلصا محبا للمسلمين وبخاصة فيما يتعلق بانهاء اجراءات المؤسسة لدى الجهات الرسمية.
دعاني ذات يوم إلى منزله الصغير المتواضع في حي هليود وأخبرني ان المدينة ينتظرها زلزال مدمر ولذا فقد احتفظ بعدة جالونات من الماء وبعض المأكولات الخفيفة كالبسكويتات وغيرها فسألته عن السبب فقال إذا وقع ذلك الزلزال فأكون في هذا المكان الآمن من هذا المنزل وسوف اقوم بالأكل والشرب لمدة طويلة حتى يتم العثور علي واخراجي من بين الانقاض فعجبت لذلك التفكير والحرص على الحياة.
وفي يوم من الايام طلبته بواسطة الهاتف فلم اجده وتكرر الاتصال به دون نتيجة حتى جاءنا من اخبرنا في المؤسسة بموته في منزله منذ اربعة ايام,, وانه لم يكن مسلما إطلاقا وإنما كان نصرانيا ثم غير دينه إلى البوذية - كعادة كثير من النصارى - وما يزال على ذلك والعياذ بالله فحاولنا اقناع احد ابنائه بالتبني ليسلم لنا الجثة لتغسيلها والصلاة عليها ودفنها في مقبرة المسلمين فرفض ذلك بكل شدة قائلا: أنا أعلم منكم به وطلب هو ان يتولى مراسم دفنه واحراقه حسب المعتقدات البوذية، فتركنا الامر له وكان من المفترض ان تكلف اجراءات دفنه وتغسيله ميزانية المسجد قرابة أربعة آلاف دولار كان المسجد بحاجة ماسة إلى ذلك وكفى الله المؤمنين القتال والله اعلم بما هو حاله فاعتبروا يا أولي الأبصار.
* كوالالمبور - ماليزيا.