Friday 10th September, 1999 G No. 9843جريدة الجزيرة الجمعة 30 ,جمادى الاولى 1420 العدد 9843


الشيخ أحمد الحمدان لـ الجزيرة
الطفولة منعطف خطر يحدد مسار حياة الإنسان

كتب - مندوب الجزيرة
وصف الشيخ الداعية أحمد بن عبدالعزيز الحمدان مرحلة الطفولة التي يمر بها الإنسان بأنها أخطر مرحلة في حياته، إذ هي محطة بذر المبادىء والقيم والمفاهيم، وهي البيئة التي تظهر فيها ميول الإنسان ونوازعه.
وقال الحمدان في حديثه لالجزيرة إن مرحلة الطفولة تعد منعطف طرق خطراً يتحدد من خلاله مسار الصغير في حياته كلها، وهي محط أنظار المصلحين، ومجمع اهتمام المربين، ومجال بحث الباحثين، وهي كذلك محط أنظار المفسدين، ومجمع اهتمامهم وميدان بذلهم وإنفاقهم، لعلمهم أن كل أمة إنما تصلح بأفرادها،ويحمل راية عقيدتها، صغارها عن كبارها، فهم خلف الكبار، ومجددو مجد سلفها الأبرار.
وأضاف الشيخ الحمدن: أنه كان لزاماً على الجميع معرفة قواعد التربية الصحيحة, ليعرف كل فرد عمله ومكانته،وأساليب تطبيق ما تعلم في حياته العملية، وبيئته الأسرية، ليؤدي عمله الرائد في إخراج جيل صالح، ومجاهد ناجح، ومؤمن متمسك بدينه، ساع لإرضاء ربه، حريص على الأخذ بسنة نبيه، مترسم خطى سلفه الصالح.
وأكد فضيلته على أهمية ان يربى الطفل الصغير منذ نعومة أظفاره على تعليمه القرآن الكريم، والسنة المطهرة، وسير سلف هذه الأمة المليء بالمبادىء والقيم، والمعاني والآداب، والأساليب التربوية.
واجبات المربي
وخلص الشيخ الحمدان في حديثه إلى أن على المربي عند تربية الأطفال مراعاة مراحل عمر الطفل، وميوله، وقدراته، على الفهم، والأخذ بما يلقى عليه، فليس كل طفل يعامل كالآخرين كما أن على المربي أن يعلم أن فطرة الصغير سليمة، وأن ما يلحقها من كدر مرده إلى مؤثرات خارجية، وأنه يتحمل الجزء الأكبر من ذلك.
واستطرد فضيلته قائلا: كما على المربي أن يعلم أن الأخلاق تقبل التغيير، من حسن إلى سيىء والعكس أيضا، لذلك كان واجباً على المربي عظيما في متابعة الصغير وفي ملاحظة خلقه وسلوكه، فما كان حسناً سعى في تثبيته، وما كان سيئا سعى في تقويمه وإصلاحه, كذلك على المربي أن يوطن نفسه على الصبر، فإن مرحلة الطفولة طويلة، والواجب الملقى عليه كبير، والتربية رسالة شريفة، مهم فيها بذر الحسن، وتقويم المعوج، وقلع القبيح، وصيانة العود، وحماية الموجود، فأما النتائج فبيد الله سبحانه وتعالى.
وأشار الشيخ الحمدان الى أن البناء العادي عند الطفل يبدأ مع بداية تميزه، وقدرته على تميز الأفعال المختلفة وعلى هذا فإن الخلق خلقهم الله لعبادته كما قال سبحانه وتعالى }وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون{ ولابد أن تكون العبادة خالصة صواباً حتى تكون مقبولة عند الله تعالى، والإخلاص لايتأتى مع الخلل العقدي، والصواب لايأتى مع الجهل بالسنة, فالعقيدة أساس العبادة، وأداء العبادة خالصة صواباً دليل صحة العقيدة.
وأوضح فضيلته في السياق نفسه أنه حتى تظل العقيدة حية قوية في النفوس فإنه لابد أن تسقى بماء العبادة، بمختلف صورها وأشكالها، وبذا تقوى العقيدة ويصح رسوخها في النفوس, قال الله تعالى }إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون، الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون، أولئك هم المؤمنون حقاً لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم{.
معنى العبادة
وأكد فضيلة الداعية الحمدان: أنه يجب على الطفل الصغير أن يعلم معنى العبادة، وأنها تعني: الخضوع الكامل التام لله سبحانه وتعالى،مع بلوغ الغاية في محبته سبحانه فكل فعل يحبه الله ويرضاه عبادة،اذا فعله المسلم أحبه الله تعالى- إن كان الفعل فرضاً - وكلما ازداد المسلم في فعله للصالحات ازداد قرباً من الله تعالى، وزادت محبة الله تعالى له، حتى يحفظه في جميع جوارحه، كما في صحيح البخاري: قال رسول الله * :( إن الله قال : من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب اليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه،وماترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مساءته).
وشدد فضيلته على أنه يجب على المربي أن يعلم الصغير كل هذه المعاني العظيمة، وأن يبين له سبب قيام العبد بالعبادة، وفوائد العبادة على العبد في دنياه وأخراه، وأن يبين للصغير أن أعظم عبادة يجب أن يلتزم أداءها هي :الصلاة، وانها ركن الإسلام الركين، وعموده المتين، وأنها من الدين بمنزلة الرأس من الجسد،وأنها الصلة بين العبد وبين ربه، من حافظ عليها حفظه الله ومن ضيعها ضيعه الله، وأنها مفتاح الفرج، والنور الذي يجتاز به العبد ظلمة الصراط المضروب على جهنم وأنها أول مايحاسب عليه العبد يوم القيامة، فإن صلحت أفلح وأنجح، وإلا خاب وخسر، قال رسول الله *-:(أول مايحاسب عنده العبد يوم القيامة الصلاة، فإن صلحت صلح له سائر عمله، وإن فسدت فسد له سائر عمله) رواه ابن نصر والطبراني في الأوسط.
وأضاف قائلاً في السياق نفسه: وأن يعلم الصغير أن من ترك صلاة واحدة متعمداً كفر، قال * _:(من ترك صلاة مكتوبة متعمداً فقد برئت منه ذمة الله) رواه الإمام أحمد وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح وقال * -:(العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر) رواه الإمام أحمد وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، مشيرا فضيلته الى انه يجب إفهام الصغير أن تارك الصلاة مصيره أن يسلك في سقر _عياذا بالله تعالى_ قال الله تعالى: }كل نفس بما كسبت رهينة، إلا اصحاب اليمين في جنات يتساءلون عن المجرمين ما سلككم في سقر، قالو لم نك من المصلين{.
تعويد الصغير أداء الصلاة
واستطرد الشيخ الحمدان قائلاً : وليعلم المربي أن رسول الله* أمره بتعويد الصغير أداء الصلاة، وأن يلزمه ذلك ليتعود أداءها، وتصبح جزءا من برنامجه اليومي الذي لايتركه أبداً، ولايتخلى عنها مهما كانت الظروف قال رسول الله * -:(علموا الصبي الصلاة ابن سبع سنين، واضربوه عليها ابن عشر) رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي، وهو صحيح.
وأشار فضيلته في هذا الصدد إلى أن هذا ديدن أنبياء الله ورسله -عليهم الصلاة والسلام- قال الله تعالى }وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها{ وقال تعالى عن إسماعيل عليه الصلاة والسلام }وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا{ مبينا في الوقت ذاته أن الرسول * حرص على تعليم الصغار الصلاة ببيان منزلتها وتحذيرهم من التفريط فيها، وإرشادهم الى المستحب فعله فيها وبأمر الآباء بمتابعة الأبناء وأخذ الذكور منهم الى المساجد، لأدائها مع الرجال وربطهم بالمساجد من خلالها.
وحذر الشيخ احمد بن عبدالعزيز الحمدان من التهاون في أداء الصلاة جماعة، حيث يلاحظ أن بعض الآباء جعلوا أنفسهم قدوات سيئة لابنائهم، بتفريطهم في صلاة الجماعة أصلاً، أو بعدم اصطحابهم صغارهم الى المساجد، وبعضهم يفعل ذلك عن جهل منه، يظن أن الصغير لايلزم بشيء، ويظن أنه إذا كبر صلى، وهذا خطأ كبير، فإن الصغير إذا اشتد عوده على عدم فعل العبادات ثقلت عليه في الكبر، وفرط فيها وتركها داعيا الى ضرورة تعويده عليها منذ الصغر، وليس في ذلك قسوة وشدة على الصغير، بل فيه دفع الى الخير، وعندما يكبر الولد ويكون صالحاً ويصبح قرة أعين والديه يدرك أن تلك الشدة آتت ثمارها,
وأهاب فضيلته في ختام حديثه بالأب إلى الحرص على اصطحاب ابنه معه إلى المسجد، وأن يجلس بجواره، حتى يضمن عدم عبثه، وحتى يقلده ولده في فعله فيكون قدوة حسنة له في عبادته، سائلاً الله تعالى أن يوفق الجميع لأداء الأمانة، ونعوذ به من الغش والخيانة، والعصمة والسلامة بمنه وكرمه.
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المتابعة
أفاق اسلامية
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
شرفات
العالم اليوم
تراث الجزيرة
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved