Friday 10th September, 1999 G No. 9843جريدة الجزيرة الجمعة 30 ,جمادى الاولى 1420 العدد 9843


رياض الفكر
النمامون !!
سلمان بن محمد العُمري

ليس البشر متساوين في صفاتهم وأخلاقهم وعاداتهم وطباعهم التي منها الجميل الحسن، ومنها القبيح السيئ، وربما لا يخلو انسان من صفة قد تكون غير محمودة، ومن هذه الصفات بلاء اسمه النميمة ندعو الله تعالى ان يبعدنا وإياكم عنها، ويبعدها هي وأشباهها عن جميع بني البشر.
لماذا هكذا صنفناها ضمن الشرور، وأردنا ان لا تلحق بنا ولا نراها؟
لانها حقا تستحق هذا الابعاد والجفاء، فهي من الصفات الذميمة عند البشر، وخلاصتها ان الانسان يسعى لذكر احاديث واحداث حول الآخرين قد تجانبها الحقيقة - وغالبا ما تكون كذلك - تحقيقا لغاية ما، وربما لعادة تعودها، وربما لطبع تطبع به يصعب الخلاص منه، وقد يكون صاحبها من صفاته الكذب، ولذلك لا يستطيع الا ان يذكر اشياء حول الآخرين، ليصل لمآرب خاصة، كما انه قد يكون بالفعل مريضا في نفسه وضعيف الشخصية، فيحاول ان يعوض هذا النقص بهذه العادة الرديئة التي قد توصله لغايات معينة، ولكن لن يطول به حبل النجاة، فعاجلا اوآجلا سيكشف أمره وعاقبته الدنيوية، وبالتأكيد في الآخرة ليست جيدة، ان استمر على فعلته تلك.
لمن تكون النميمة؟ إن النميمة يمكن ان تذكر لاي انسان او جماعة او مجموعة من الناس، ولكن يكثر ذكرها لاصحاب المصالح والاشخاص المهمين وأرباب العمل وربما للناس العاديين بهدف خلق مشاكل واضطرابات وخلافات بين الناس، فالساعي بالنميمة يصبح همه وشغله الشاغل الايقاع بين الناس، وتحقيق منافع ضيقة لنفسه وذاته على حساب الآخرين.
إن حالات النميمة لا يخلو منها مجتمع او مؤسسة كبرت ام صغرت، ففي كل منشأة او مؤسسة هناك مصالح متداخلة، وهناك الناجح والفاشل، وهذا الاخير يحاول التعويض بأي وسيلة، ومن الوسائل التي قد تتراءى لنفسه المريضة امر النميمة التي قد يزين له الشيطان طريقها، فيذهب الى صاحب العمل ذاكراً صفات او اعمالا لم يقم بها وذلك زوراً وبهتاناً، كما انه يتباهى بنفسه العليلة امام رب العمل جاعلا من نفسه ملاكا، وينعت الآخرين بصفات رديئة، ويذكر من الاحداث ما يجعل رب العمل امام حالة من خلط الاوراق، ان صاحب النميمة قد يستطيع اقناع رب العمل بأشياء كثيرة، لاسيما إذا كان هذا الأخير من النوع السريع التأثر، والمتسرع في اتخاذ القرار، وخصوصا ان كانت حاشيته وبطانته ليست على القدر الكافي من الحكمة والوعي والصدق.
ان للنميمة قرينا سيئا آخر ألا وهو الغيبة، وهما مرتبطان ببعضهما برباط لا تنفصم عراه، لأنهما تحققان غاية واحدة، وتصلان عبر خبيث واحد، وصاحب النميمة لا تخلو نفسه من حب للغيبة والعكس صحيح ايضا، فالمرض واحد له وجهان كالعملة التي يتداولها البشر.
إن حالات الغيبة والنميمة قد ادت لاحداث ووقائع وسلوكيات في التاريخ البشري لا توصف إلا بالمريعة، لانها ادت لظلم حقيقي من اعلى الدرجات لادناها، سواء في جو الاسرة او المجتمع.
ان الغيبة والنميمة شران حقيقيان، ولذلك على كل صاحب مسؤولية ان يدعو الله ان يرزقه البطانة الصالحة، وان يبعد عنه شر البشر المسيئين، وبالاضافة لذلك ان يعمل جاهداً على تحري الصدق من الكذب، والتمييز بين الناصح الامين، وبين ذي المصلحة الكاذب المنافق، حتى لا يتخذ قرارات خاطئة، وحتى لا يحدث على يده مالا تحمد عقباه، فالظلم صعب والتعسف مصيبة.
إن صاحب النميمة هو منافق بشكل او بآخر، وهو كاذب بكل المعايير، وهو انتهازي واناني مهما اردنا تبرير فعلته.
إزاء هذه الوقائع يجب على اصحاب المسؤوليات أيضا تمييز من يأتيهم بالقصد النافع والكلام ذي المغزى النبيل، وكم انهارت مؤسسات لان اصحابها لم يأخذوا بنصيحة ناصح مخلص، واستسلموا لأقوال وأفعال كاذب مسيء.
إن من الامور الصعبة حقا التعامل مع نفسيات البشر ونفوسهم، والسعيد هو من اعطاه الله تعالى بصيرة تكشف له عن بعض خبايا ما يتلفظ به الآخرون صدقا او كذبا.
يوصف اصحاب النميمة والغيبة بأنهم من عشاق الظلام كونهم يتخفون بظلام الليل لايصال اخبارهم غير السارة، ولكن الحقيقة انهم صاروا يسعون في وضح النهار وخصوصا عندما يجدون من يستمع إليهم، وخصوصا إذا كبرت روح المصلحة والانانية في نفوسهم,, بقي أن نقول: إنهم من عشاق الظلم والظلام.
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المتابعة
أفاق اسلامية
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
شرفات
العالم اليوم
تراث الجزيرة
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved