أن يتم اطلاق سراح الدفعة الأولى من المعتقلين الفلسطينيين بعد يوم واحد من تصديق الحكومة والكنيست الإسرائيليين على اتفاق شرم الشيخ، فهذا يعني، أن خطوات تنفيذ الاتفاق ستتم حسب ما ورد في وثائق الاتفاق، وإذا ما تم إاسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي وإعادة انتشارها وفق الخرائط المحددة للمواقع التي ستخليها وتسلمها للسلطة الفلسطينية، فإنه يمكن القول إن مرحلة جديدة من التعاون سترافق مسيرة العملية السلمية، فسرعة التنفيذ وسلاسته أمر لم يعتده العرب والفلسطينيون خصوصاً من الإسرائليين، إذ إن التعاملات السابقة مع الحكومات الإسرائيلية قد رسخت لدى الفلسطينيين أن التوصل إلى الاتفاقيات شيء، وتنفيذ تلك الاتفاقيات شيء آخر، وإذا كان التوقيع على الاتفاق أمراً ممكناً، إلا أن الأصعب منه هو تنفيذ ذلك الاتفاق.
هكذا واجه الفلسطينيون كثيرا من خيبات الأمل من حكومات إسرائيلية عديدة: من رابين ومن شيمون بيريز، ومن سيىء الذكر نتنياهو,, فتعطل تنفيذ الكثير من اتفاقيات أوسلو رغم توقيعها، ولا يزال اتفاق الخليل غير منفذ كلياً، وحتى الاتفاق الحالي، اتفاق الواي، احتاج إلى اتفاق آخر لتنفيذه,,!!
إذن، فتنفيذ بنود الاتفاقيات - أياً كانت تلك الاتفاقيات - التنفيذ الصادق والأمين دون تجاوز أو مماطلة هو المحك الحقيقي والاختبار العملي الوحيد الذي يؤكد أن الإسرائيليين فعلاً جادّون في اختيار السلام ونبذ الحروب التي ادخلوها للمنطقة.
والشيء الذي يجب التأكيد عليه هنا، رغم البداية الإيجابية المتمثلة في تنفيذ بنود اتفاق شرم الشيخ، أن الذي يجب ان يفهمه رئيس الحكومة الإسرائيلية ايهود باراك ووزراؤه ويعملوا به، هو أن السلام لا يمكن أن يتحقق ويبقى صامداً، ما لم تعاد الحقوق للشعوب وتحرر الأراضي من الاحتلال، فالشعوب المقهورة والمسلوبة الحقوق لا يمكن أن تستكين وتظل مغلوبة على أمرها طويلاً، ومثلما تحمي الشعوب السلام فهي قادرة على إثارة الحروب وإشعالها لانتزاع حقوقها.