Friday 10th September, 1999 G No. 9843جريدة الجزيرة الجمعة 30 ,جمادى الاولى 1420 العدد 9843


قضية تحت دائرة الضوء
محاولة للترشيد في مناسبات الزواج

عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
كنا في مجلس عائلي فأبحرت بنا السواليف كالعادة مشرقة ومغربة بيد انها هذه المرة صادفت شُعباً مرجانية من القضايا الاجتماعية التي احتجنا معها الى المطارحات حولها وتقاذفنا الاراء فيها لكنه تقاذف وتراشق كعادة الكثيرين حين يحتد النقاش حتى لا يكاد المستمع احياناً يلتقط شيئاً او يمسك بطرف حديث.
حينها ادركنا ان هذا لا يعود علينا الا بصمم آذان البعض وارتفاع الضغط عند آخرين وربما بشيء من الشحناء, فاتفقنا على ان يكون الحوار اكثر هدوءاً وتنظيماً، والتنظيم مفتاح الهدوء، ومن التنظيم ان يتولى ادارة الحوار احدنا لينقل الحديث من طرف لآخر، ويمسك بزمام المداخلات حتى لا تقطع اتصال الموضوع فنخرج به الى استطرادات لا حاجة لها او حقها التأجيل.
وبدأ الحوار,.
لقد شعرنا ببون شاسع بين هذه الجلسة وتلك وبين حديثنا الان وحديثنا قبلاً وبين استماع بعضنا لبعض وانصاته وتأمله لحديثه واستعداده لتقبل طرحه، وبين ما كان قبل ذلك من ارتفاع الاصوات وتداخل الحديث وانتهاز كل شخص الفرصة ليلقي برأيه وينتصر له ويرد الرأي المخالف جملة.
استمعنا للآراء وتفهمناها وعرضنا ما يرد عليها وخلصنا الى نتائج اثبتت لنا ان آراءنا متقاربة وانها يمكن ان تلتقي اذا احسن طرحها وتداولها.
عندها قلنا جميعاً: ماذا لو كانت جلساتنا او كثير منها على هذا المنوال نعرض فيها قضية من قضايانا الاجتماعية ونتناول الرأي فيها بهذا الهدوء وحسن الحوار ويستحسن ان يتولى شخص ادارة الحوار ولا مانع من التناوب على هذه المسئولية .
واجزم ان النتائج فوق ما نتصور، ليس فقط في استغلال هذا الوقت بشيء مفيد بدلاً من السواليف العابرة او النقاشات الهوجاء او الاحاديث الجانبية بين اثنين، واحياناً يجلس الواحد لا يجد من يحادثه.
بل ذلك فعلاً هو المتعة والانس حتى لتجد الشخص نفسه يشتاق لمثل هذه الجلسات وينتظرها.
اما قضيتنا التي طرحناها في تلك الجلسة فلا مانع من الاشارة اليها لعل القارىء يشاركنا الحوار فيها.
وليمة العرس سنة نبوية ماضية وهي عادة جرت عليها الامم كلها، غير ان للاجيال والشعوب والقبائل والبلدان عادات في هذه الوليمة او فيما يتبعها.
والحديث في جلستنا المشار اليها في واحدة او اثنتين من تلك العادات التي ربما تختص بها بعض البلاد او القبائل دون بعض، مرجيين الحديث في بقيتها لجلسات اخرى.
من عادة الناس في بعض البلاد بعد وليمة العرس اي من الغد في الغالب او بعد الغد ان يقوم والد الزوج او من يقوم مقامه بدعوة قرابته وقرابة الزوجة الى وليمة كبيرة ويقصد منها زيادة التآلف والتعارف والمباركة للعريس.
ثم بعد ذلك يقوم قرابة الزوج من اخوة واعمام احياناً من ابناء عم واحياناً الاصهار يقوم كل شخص منهم باقامة وليمة مماثلة وربما كانت هذه الولائم متتابعة احياناً يومياً او يوما بعد يوم وفي احسن الاحوال اسبوعيا.
كان الحوار حول اهمية وليمة والد الزوج ووقتها وحول اهمية الولائم الاخرى من اقارب الزوج.
بعد تداول الرأي كادت الآراء تلتقي على ان وليمة والد الزوج لها معناها واهميتها حيث تشد من اواصر المحبة بين الاسرتين اللتين قامت بينهما المصاهرة تزيد من الالفة والتعارف وتكون فرصة للمباركة للعريس وتهنئته.
اما وقتها فاجمع الحاضرون على ان تأجيلها اولى واكثر تحقيقاً لفائدتها, فان من عادة العريس ان يسافر مع زوجته بعد الزواج فيكون الوقت المناسب لهذه الوليمة بعد رجوعهما، لامور:
1- ان الدعوة بعد العرس مباشرة تفقد معناها من الاجتماع حيث تم الاجتماع قريباً بالامس.
2- ان الوفاق قد لا يتم بين الزوجين فاقامة الوليمة حينئذ تكلف لا حاجة له كما ان فيها احراجاً لذلك الزوج الذي لم يحالفه التوفيق.
3- ان الوليمة بعد رجوع الزوج من سفره تعطي معنى جديداً لها وتكون مناسبةً للسلام بعد السفر.
4- ان هذا التأجيل يتمكن به والد الزوج من اختصار دعوته ان كان مستور الحال فالناس ليسوا على درجة واحدة وبعض العادات قد تضطر الكثيرين الى الاستدانة فيما هو في غنى عنه .
والاختصار يتحقق به المقصود حين تقتصر الدعوة على اقارب الزوجين القريبين جداً.
اما قضية ولائم اقارب الزوج فكاد الحاضرون يجمعون على عدم اهميتها، اذ دعوة والد الزوج كافية في تحقيق المراد وتبقى هذه الدعوات من باب فضول التكريم الذي يمكن تعويضه فيما بعد فيما يجد للناس من مناسبات كما ان فيها شيئاً من التكليف الذي قد يستثقله البعض ولكنه بحكم العادة يضطر اليه وقد يستدين ايضاً لذلك.
ثم اجمع الحاضرون على ان جهاز التحكم في هاتين القضيتين في الحقيقة انما هو في يد والد الزوج حيث يستطيع ان يوضح لاقاربه واصهاره ان دعوته ستكون باذن الله بعد رجوع الزوج من السفر كي يتجنب الظن بتنصله من هذه الدعوة .
واما ولائم اقارب الزوج فبيده ايضاً زمامها فيستطيع منعها بأسلوب مناسب مقنع لان الدعوة لا تكون الا عن طريقه فله ان يقول مثلاً في وليمته التي تكون بعد سفر الزوج: ان كثيرين طلبوا موعداً لولائمهم تكريماً للزوج وانا اشكر لهم ذلك ولكنني ارى ان هذه الوليمة كافية وقد حصل بها المقصود وحقنا عليكم الدعوة للعروسين بالتوفيق واثابكم الله على ما كنتم عازمون عليه.
ثم عرجنا في ختام جلستنا على عادة الكثيرين في الاعراس من اقامة دعوتين: احداهما من والد الزوجة الى قصر الافراح والاخرى من والد الزوج الى بيته للاجتماع ثم الانطلاق الى القصر وفي هذا اهدار للوقت والجهد وزيادة في التكلفة من غير حاجة ولا معنى يذكر.
ولو كانت الدعوة باسم والد الزوج ووالد الزوجة الى القصر مباشرة وهناك يكون كلاهما في استقبال الضيوف لكانت اجمل واحلى ولاختصرت لنا الوقت الذي يضيع في الانتظار في بيت والد الزوج ثم الانتقال ولاسيما في بعض المدن حيث يأخذ المشوار احياناً أكثر من نصف ساعة او قريباً من ساعة ولاختصرت لنا التكاليف في الاستعداد في بيت والد الزوج، ولاختصرت لنا نحن المدعوين جهدنا في هذه الانتقالات وتعرضنا لازدحام المواصلات وربما لاشياء اخرى لا قدر ا لله.
واما الزوج فينبغي ان يكون هناك في القصر مع المستقبلين ليراه الجميع ويدعوا ويباركوا له ثم ينصرف ان شاء قبل العشاء.
ومن الجميل ان اسجل في خاتمة المقال ما عساه ان يكون قواعد او منطلقات لمناقشة القضايا الاجتماعية:
1- ان يكون لدينا الجرأة في طرح القضايا الاجتماعية ومحاولة السعي بها الى الافضل مادامت في حدود العادات فحسب.
2- ان نتناولها بشيء من المرونة وتقبل الرأي الآخر لان هذا احرى بآرائنا ان تقبل وان تفهم على وجهها.
3- ان نطرح تلك القضايا ونتفهم الاراء فيها مع تصورنا الشامل لواقع تلك القضايا وما يلابسها والاخذ بالاعتبار تفاوت الناس في قدرتهم على تحمل تكاليف ما يحتاج الى تكلفة وغير ذلك مما له الاثر الكبير في الوصول الى رأي واقعي يراعي فئات الناس.
4- مخالفة الامر المعتاد برأي جديد لا يعني التطبيق المباشر له بل الحكمة تقتضي التدرج والتلطف لاسيما ما يتعلق في مثل هذه القضايا الاجتماعية.
فهد بن عبدالرحمن الصالح
بريدة

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المتابعة
أفاق اسلامية
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
شرفات
العالم اليوم
تراث الجزيرة
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved