في حضرة التاريخ قِف مُتأملا
وابعث بعينيك الرضا مستعجلا
بين الحقيقة والخيال تردد
يقف الزمان أمامه مُسترسلا
إن الحضارة قصة عظمت بهم
فالصعب بين يديهم قد زلزلا
بعقولهم وزنودهم شادوا لنا
آيات دهر سوف تبقى الموئلا
اعظم بمن اعطوا لنا من فنهم
ذاك البناء! فكان لُغزا مذهلا
فتأمل الآثار تحك لنا بلا
زور حكاية من بنى مستقبلا
بنيان قوم أحسنوا بصنيعهم
بعث الحياة فكن بهم متمثلا
سر الخلود بفنهم وبنائه،
أنى نظرت وجدت مجدا قد علا
فلطالما يممت شطري نحوهم
فهم الدواء لمن مضى متوكلا
هذي الديار تباركت برجالها
وهم الورود، وطيبهم لن يرحلا
إني بشوق للالى قد سطروا
إبداعهم لحنا، فجاء مرتلا
في كل حي قلعة تروي لنا
أحلى الحكايا من رأى وتغزلا؟
هذا الشموخ يشدنا لتعاضد،
فبناؤهم يا اخوتي قد بدلا
فجدودنا رفعوا لنا نهج العلا
فمن الوفاء الحق ألا ينزلا
إن البناء بلا جذور ساقط
وكذا الشعوب إذا تناست منزلا
فلنا رجالات أضاؤوا ظلمة
مَن يُشعل الضوء الذي قد عطلا؟
أبناء قومي! إننا من يعرب
نعم الولاء لمن أراهم معقلا
حب الجدود تمسك ببنائهم
والخير فينا لو عرفنا المنهلا
لا يحفظ الدهر الامين بصدره
إلا البناء فأيّنا قد اقبلا؟
فبلادنا نبع الحضارة والهدى
أكرم بأرض نبتها بلغ العلا!
إن شئت شعراً فالحياة ترنم
أورمت حسن مكارم فتأملا
في كل منعطف ترى متكلما
من فيه تجني حكمة وقرنفلا
احبب بمن أعطى البلاد علومه
وشبابه! فجلا لنا ما أهملا
فلهم ضياء عيوننا وقلوبنا
فمن الوفاء لمن رأى ان يكملا
