لا أدري لماذا، تنقلب تصرفاتنا وسلوكياتنا - في أحيان كثيرة - رأساً على عقب، نتغير بسهولة من النقيض إلى النقيض، ليس تطوراً، لكنه تغيّر في المبادىء وفي النظر للواقع المحيط بنا 180 درجة باللغة الهندسية، وقد تبدو مثل هذه النظرة الانقلابية المتغيرة للاشياء واضحة أكثر لدى الافراد في العالم الثالث على وجه الخصوص لأسباب لها علاقة بالوعي والمستوى الثقافي وليس العلمي, نأخذ طرف هذا الخيط مرة، وبعد فترة تطول أو تقصر، نأخذ الطرف الآخر، المختلف في قناعاته ومبادئه تماماً عن الطرف الأول لمجرد عارض بسيط أو فكرة عابرة، أو حتى بدون أسباب واضحة نبدل قناعاتنا وجلودنا هكذا بكل بساطة.
أظن ان الذي يستفيد من تجربته في الحياة، ويأخذ منذ البداية خطاً وسطاً يليق به، خطاً يشبهه، لن يضطر إلى مثل هذه الخيوط المتطرفة التي تلعب به ذات اليمين وذات الشمال, أما الذي يسلّم نفسه ذات نزوة أو تسرع,, فإنه سوف يظل أسيراً لمثل هذه التغيرات التي قد تصيب الحالة النفسية بالسكتة القاضية، وهذا لايليق بالإنسان الذي يفترض ان يكون واعياً وسوياً ومعتدلاً احتراماً لإنسانيته وذاته أولاً وقبل كل شيء.
فهد العتيق