قال تعالى: (كل نفس ذائقة الموت)
فمهما تجاهلنا الموت، أو تناسيناه، أو هربنا منه، فلابد من لقاء وعنده ينتهي الأجل.
فها قد لاقى الموت أمير الإنسانية سمو الأمير فيصل بن فهد -رحمه الله تعالى ووسّع مدخله وثبته على القول الثابت- وكم يعز علينا فراقه.
أما مبتغاي من كتابة هذا الموضوع فهو أن يتعرف كل شخص من خلاله على الصفات الشخصية لفقيدنا الراحل فيصل بن فهد -رحمه الله وأسكنه فسيح جناته-، فهذا اقل شيء أفعله لأجل هذ الجبل الراسخ في قلوبنا جميعاً.
فمن صفاته الشخصية القوة والشهامة والفزعة، والأمثلة على ذلك كثيرة وأظن لو أردت كتابتها لكتبتها على مئات الصفحات، فسموه -رحمه الله- كان لايتوانى عمن يطلب وساطته أو شفاعته فقد لمسنا جميعاً ذلك من واقع الحياة.
فهو ابن الفهد وحفيد الأسد، فمولاي خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله وأمده بالصحة والعافية- عندما كان النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء توقف عند حادث وكان يساعد في حمل المصابين وهو ملثم وهذه القصة قد رواها لنا شخص ثقة رآه بعينه وهو سمو الأمير بدر بن محمد بن عبدالله بن جلوي محافظ الأحساء.
كما كان سموه يتسم -رحمه الله- بقوة الشخصية والهيبة المطلوبة اللتين وهبهما الله له فجعلتاه من الرجال الأفذاذ، فله هيبة قيادية بعقل وحكمة جعلت لسموه -غفر الله له إن شاء الله تعالى- وجعلت كلمته مسموعة حتى خارج الدول العربية كما حصل بقبول الاتحاد الفلسطيني عضواً في الاتحاد الدولي، وتنظيم بطولة القارات على كأس الملك فهد -حفظه الله- فقد أصبحت البطولة العالمية الثانية بعد كأس العالم وذلك بتوفيق الله تعالى ثم بمجهودات أمير الشباب رحمه الله رحمة واسعة.
وكانت من صفاته ايضاً الجود والكرم والسخاء على المحتاجين والعطف والرحمة، وهذه الصفات هي التي حببت فيه الناس فقد سمعنا الكثير من مواقفه التي لاتعد في مساعدة المحتاجين والضعفاء ولكنه لم يجزل في العطاء مادياً فقط، بل أيضاً معنوياً فكان لايبخل على المحتاجين والمنكوبين من عطفه وماله، فكان سموه -رحمه الله- سباقا في ذلك وهذا ماجعله قريبا من قلوب الناس، فالسخي قريب من الله قريب من الناس, وآخر أعماله الإنسانية قصة الفتاة قمر اللبنانية التي أنا متأكد أن كثيراً منكم قد اطلع على قصتها المأسوية.
وهناك قصة أخرى من أعماله الإنسانية هي أنه رأى امرأة معها طفلها واقفة أمام مدخل الرئاسة العامة لرعاية الشباب، ورآها في اليوم الثاني أيضا فسأل عنها، فقالوا له إنها تريد مقابلته فقال -رحمه الله- وهو في السيارة دعوها تأتي فعندما أتت خاطبها بتواضع شديد وقال لها سمي ياأختي، فقالت له أن ابنها مصاب بفشل كلوي، فطلب منها أن تنتظر وعندما وصل لمكتبه كتب لها شيكا بمائتي ألف ريال وهذه القصة برواية أحد أقارب هذه المرأة.
وكان أيضا -رحمه الله- واصلاً باراً برحمه وأقاربه، فكان نعم الابن البار لوالدته ملاصقا لها لايفارقها حتى موتها رحمها الله عز وجل.
أما عن ثقافته فكانت واسعة وكان ملماً بكل المواضيع وذلك لقراءته وحبه للاطلاع فكل هذا كان سبباً في جعل قراراته مدروسة وفي محلها ووقتها المناسب وهو معروف بأنه يتحدث بطلاقة من الطراز الأول فهذا معروف لدى الجميع في المؤتمرات الصحفية ولقائه بالصحفيين بعد الاجتماعات, كما كان يجيد اللغة الإنجليزية مما وسع عنده مدارك الاطلاع.
وأنهى موضوعي بأن أرفع تعازي الحارة لمولاي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد -حفظه الله- ولأصحاب السمو الملكي إخوان الفقيد الغالي الأمراء محمد وسعود وسلطان وخالد وعبدالعزيز وصاحبات السمو الملكي شقيقاته وحرمه صاحبة السمو الملكي الأميرة منيرة بنت سلطان بن عبدالعزيز وأنجاله رحمه الله أصحاب السمو الملكي الأمراء نواف وخالد وصاحبات السمو كريماته وأن يعظم الله لهم الاجر والثواب وأن يجبر الله مصيبتهم ومصيبتنا في الفقيد, وأسال الله بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يجمعنا به ووالدينا مع الصديقين والشهداء في الفردوس الأعلى من الجنة إنه كريم جواد و(إنا لله وإنا إليه راجعون).
سعد بن محمد بن سعود بن فرحان آل سعود