Tuesday 14th September, 1999 G No. 9847جريدة الجزيرة الثلاثاء 4 ,جمادى الثانية 1420 العدد 9847


طباق وجناس
وضع إداري غير سليم!
محمد أحمد الحساني

اصبح معظم الناس عندما تكون لديهم معاملة في مصلحة حكومية أو حتى أهلية فان أول ما يفكر به صاحب المعاملة هو ان يسأل من حوله عمّا إذا ما كانوا يعرفون مدير تلك المصلحة أو على الأقل موظفا متنفذاً فيها للاستعانة به في تذليل ما يتوقعه مسبقاً من عقبات كأداء أو غير كأداء، فان لم يجد فيمن حوله من يعرف أحدا في تلك المصلحة بحث عند غيرهم من يوصله الى الهدف، وقد لا يتقدم خطوة باتجاه المعاملة الخاصة به إلا بعد ان يطمئن على وجود وساطة في الادارة المعنية تضمن القيام بهذا الدور الخطير.
هذا الشعور الشعبي العارم بالحاجة الماسة الى وجود وساطة ووسطاء في معظم الأمور والمعاملات صغيرها وكبيرها، خطيرها وحقيرها، بغض النظر عن محتويات المعاملة وأهدافها وهل صاحبها يطلب حقاً وبطريقة نظامية نظيفة، أم أنه يطمع في تمرير معاملته وفق الأهواء الشخصية وبعيدا عن الحق والنظام، هذا الشعور بحاجة المراجعين الى الوسطاء ليس نابعاً من فراغ أو ناتجاً عن أوهام أو أنه نوع من الدلال الذي لا مبرر له، بل انه شعور يرتبط بالواقع، واقع المعاملات الادارية والمالية والفنية وطرق معالجتها ومساراتها وما تدخل فيه عنوة من معرجات ومتاهات تدع الحليم حيران وتجعل الذي لا يؤمن بما يسمى بالوسطاء باعتبار أنه صاحب حق يطلبه بطريقة نظامية سويّة، تجعله مضطراً الى طلب الشفاعات الحسنة ضاربا بقيمه التي آمن بها ردحا من الزمن عرض الحائط بعد ان رأى بأم عينيه أن حقه كاد يضيع بسبب لجوء خصومه للشفاعات السيئة بهدف اضاعة الحق، وهكذا اصبح غالبية الناس سواء من أراد منهم الحصول على حق ثابت أو حتى الذين يريدون هضم حقوق الآخرين، اصبحوا متساوين في طلب الوسطاء وتقديمهم لمعالجة ومتابعة معاملاتهم على الرقم من البون الشاسع بين الفريقين في النتائج المتوقعة والأهداف!.
ان هذا الواقع السيىء الذي يتحدث عنه الناس بأسى شديد لاشك انه يدل على وضع اداري غير سليم، وهذا الوضع قد يكون متصلا بالأنظمة الادارية نفسها وما فيها من تعقيدات واجراءات لا مبرر لها تجعل المعاملة النظامية السليمة من الأغراض تأخذ دورات طويلة من العروض والتوقيعات والصور والملفات، وهي اجراءات لا يمكن للموظفين التنفيذيين اختصارها، لأن إقدامهم على مثل هذه الخطوة يُعدّ مخالفة للتعليمات الموجودة بين أيديهم وقد يحاسبون على ذلك التجاوز حتى لو أدى ذلك الى نتائج حسنة لصالح دورة المعاملة وللمصلحة العامة، فإن كان الأمر كذلك فإن المطلوب هو تعديل تلك الاجراءات والتحفيف منها وإلغاء ما هو غير ضروري ولاسيما ونحن الآن في زمن الحاسب الآلي وما بعده من أدوات ادارية دقيقة وسريعة وضامنة للإجراءات السليمة, أما اذا كان سبب التعقيد يتصل بمستوى الموظفين المنفذين ومدى فهمهم للأنظمة وان العيب فيهم وليس في التعليمات والمواد الادارية أو المالية أو القانونية، فإن المطلوب هو الرفع من المستوى الاداري والفني للموظف المنفذ ومراقبة عمله والاستمرار في توجيهه وزجره إن لزم الأمر حتى -يستقيم على الطريقة- سلوكاً وأداءً وفهماً للاجراءات والتعليمات أو يستبدل بغيره في حالة عدم رغبته في تطوير نفسه وأدائه، أو ميله النفسي للتعقيد نتيجة ظروف نفسية تخصه، لأنه من غير المعقول أو المقبول ان يدفع المجتمع ثمن عقد نفسية يعاني منها بعض الموظفين ثم تنعكس على أدائهم الوظيفي وعلى مصالح الناس ليل نهار!.
وقد يكون سبب ذلك كله فساد الضمائر وخيانة الأمانة وليس وجود تعقيد في الأنظمة نفسها أو عدم فهم لها من قبل المنفذين أو معاناة بعضهم من عقد نفسية، وفي هذه الحالة فان تسهيل الاجراءات أو استخدام وسائل حديثة لمعالجة المعاملات أو محاولات الارشاد والتوجيه والنصح والتفهم، كل ذلك لا ينفع مع اصحاب الضمائر الفاسدة الذين قد يكونون على مستوى رفيع من الفهم والقدرة الخاصة، المكر والتلون، يجعلهم أكثر دراية وخبرة بالسبل الكفيلة بوضع المعاملة التي أعينهم عليها في دائرة مفرغة حتى تصاب المعاملة وصاحبها بالصداع والدوار البري والبحري، فإذا وصل الى هذا الحد جاءهم ومعه الشفعاء مستوياً، خالصاً ليدفع لهم ما يريدون مادياً أو معنوياً، فإلى الله وحده نشكو أمثال هؤلاءالذين ضلوا على علم واستخدموا خبراتهم في تضييع الحقوق وتعقيد الاجراءات حتى أصبح معظم الناس كما اسلفنا يقدم لمعاملته قرابين من الوساطات الحسنة أو السيئة قل كلٌّ يعمل على شاكلته وربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا .
وإنا لله وإنا إليه راجعون!!
حافظ على رأسك الكريم
على ذمة الشرق الأوسط في عددها الصادر يوم 19/5/1420ه فإن عالماً أمريكياً وصفته الصحيفة العربية اللندنية بأنه مرموق يخطط لاجراء أول عملية في التاريخ لاعادة زراعة رأس بشري مقطوع بعد فصله عن الجسد وتبريده بطريقة علمية ثم اعادته الى مكانه مرة أخرى، وقد جاء في الخبر ان التجارب الأولية لعملية اعادة زرع الرأس قد تمت بنجاح على بعض الحيوانات مثل الكلاب والقرود ولكن الخبر نفسه تضمن ان عملية الزرع لم يستفد منها سوى الأغنياء,, كالعادة! لأن تكلفة زرع الرأس البشري الواحد تبلغ نحو مليون وثلاثمائة ألف دولار أمريكي.
وقد قرأت الخبر وتفكرت وتدبرت فيه وحلّق الخيال الى ما يمكن توقع حدوثه لو أن ما بشّر به الدكتور المذكور واسمه روبرت وايت سيكون واقعاً مشاهداً بعد سنوات قليلة أو كثيرة، فما هي الآفاق التي حلّق فيها الخيال؟!.
ان المتوقع هو ان يستفيد في البداية من عملية الزرع كل من لديه أو لدى ذويه قدرة مادية على دفع التكاليف الباهظة، في حالة تعرض المحتاج للعملية الى حادث أو عارض صحي يجعل عملية فصل الرأس واعادة زرعه ضرورية وقابلة للتنفيذ من الناحية الطبية والفنية، فإذا توسعت الأمور أكثر فليس من المستبعد ان تلحق عمليات فصل وزرع الرؤوس بما يسمى حالياً بزرع الأعضاء الأخرى مثل الكبد والكلية والقرنية وغيرها، وفي هذه الحالة فقد نرى بأم أعيننا من يتبرع برأسه بعد وفاته لصالح شخص تهشم رأسه في حادث ما بحيث لا يصلح لاعادة الزرع فيؤخذ رأس المتبرع المتوفى دماغياً ليوضع مكان رأسه، وفي هذه الحالة فان المستفيد سيحمل رأس شخص آخر ويحمل ملامحه طبعاً بما فيها من جمال وقبح وغيرهما وعندها تصبح الاجراءات الأمنية والقانونية الخاصة بحامل الرأس الجديد في مأزق فإن كان على صاحب الرأس الأصلي قضايا ومحاكم ومطالبات فإن حامل الرأس سيوقف عند كل نقطة تفتيش ويحجز حتى يثبت انه حامل لرأس شخص آخر وأنه لا علاقة له بتلك القضايا السابقة لعملية الزرع، أما إن كانت تلك القضايا تحمل فوائد للمستفيد من زراعة الرأس، فقد يدّعي انه الشخص نفسه ويتسلم ما للفقيد من حقوق ثابتة أو منقولة عن طريق استخدام الصورة والحصول على وثائق مزورة بالاسم وغيره، وقد تتطور الأحوال وتدخل المافيا في الخط فنسمع عن خطف مواطن ما في دولة ما من دول العالم الثالث للاستفادة من رأسه لزرعها على رقبة شخص آخر مستعد لدفع ثمن الاختطاف والزرع وغيرها من التكاليف وعندها سيجد البوليس بين حين وآخر العديد من الجثث المنزوعة الرأس لأن رؤوسها سرقت تحت جنح الظلام، وأخيراً، فقد تنشب معركة حول مدى جواز زرع الرأس لصاحبه أو من شخص متبرع لآخر، وعن موقف جهات الاختصاص من شخص نفذ فيه القصاص العادل ثم طلب ذووه رأسه المقطوع لزرعه مرة أخرى,, هذا ما حلّق فيه الخيال ولله في خلقه شؤون!.
حول تقنين صرف الدواء!
هذا الموضوع كتب عنه الكتّاب عشرات المرات ولكن وزارة الصحة لم تُبدِ حتى الآن التجاوب العملي المطلوب على الرغم من أهمية ما نشر اقتصادياً وصحياً بل ودينياً، ونقصد به موضوع تقنين صرف الأدوية من قبل الأطباء للمرضى بحيث يشتري المريض أو يصرف له كمية الدواء حسب الوصفة الطبية تماما وليس وفق هوى الصيدلية أوالمريض نفسه لأن من شأن الافراط في صرف الدواء مجاناً أو مشريّاً من الصيدليات التجارية، إما التخلص منه فيما بعد ورميه مع القمائم ضمن النفايات الطبية أو اعادة استعماله دون استشارة طبية من قبل المريض نفسه لاعتقاده انه يعاني من المرض نفسه الذي صرف له الدواء بسببه أو إهداؤه لآخرين لاستعماله دون استشارة طبية، ففي الحالة الأولى يكون تبذيرا واضرارا بصحة البيئة وفي الحالتين الأخريين مخاطر صحية قد تواكب الاستخدام الاجتهادي الخاطىء للأدوية المكدسة في الثلاجات!.
ولكن الذي اعادنا الى التذكير بهذا الموضوع الحيوي ما قرأته في جريدة الجزيرة على صفحتها الأخيرة مؤخرا من أن بلادنا تستهلك أدوية بقيمة اربعة مليارات من الريالات في العام الواحد وهو رقم كبير ولكنه واقعي قياسا بما نراه من استهلاك غير رشيد للأدوية شراءً واستخداما ورمياً في براميل النفايات، وحسب متابعتنا الشخصية ومن واقع تجربة ليست خاصة بل عامة قد يمر بها معظم الناس فإن أقل من نصف الدواء المصروف هو الذي يستخدم في العلاج حسب الوصفة بل ان المستخدم احيانا لا يزيد عن ربع الكمية، فالطبيب يكتب دواءً ويأمر باستخدامه ثلاث مرات في اليوم لمدة سبعة أيام فإذا اشترى المريض الدواء وجد العلبة أو القارورة تحمل مائة حبة أو خمسين حبة وفي الحالتين يكون الباقي أكثر من المستخدم فيكون مصير الباقي الرمي أو الاستخدام غير السليم فإذا تم تقنين صرف الدواء وألزمت الصيدليات بذلك فان المتوقع ان تنخفض موازنة شراء الدواء للبلاد الى نحو مليار ريال وتتوفر المليارات الثلاثة الأخرى للدولة أو لجيوب المواطنين والمقيمين,, ألا يستأهل ذلك وقفة صارمة من وزارة الصحة أم أن لها عذراً ونحن نلوم!!.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
مشكلة تحيرني
منوعــات
القوى العاملة
تقارير
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved