Tuesday 14th September, 1999 G No. 9847جريدة الجزيرة الثلاثاء 4 ,جمادى الثانية 1420 العدد 9847


الدفاع المدني مسيرة التطور والتطوير
د, سعد بن عبدالعزيز الراشد *

تلقيت ببالغ التقدير هدية قيمة من الأخ الكريم النقيب عبدالله بن ثابت العرابي الحارثي مدير شعبة الإعلام والتوعية بالمديرية العامة للدفاع المدني، وهي عبارة عن نسخة من كتاب بعنوان الدفاع المدني ومسيرة 74 عاماً ويعد أحدث الإصدارات للدفاع المدني، يخرج متزامناً مع مئوية المملكة العربية السعودية.
والكتاب سجل وثائقي لتاريخ الدفاع المدني من عهد الملك عبدالعزيز (رحمه الله) وحتى عهدنا الزاهر (عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله).
ومن قراءتي للكتاب تبين لي مدى الجهد الذي بذل في جمع المعلومات والوثائق والصور وإظهارها على مستوى عال من الإعداد والإخراج والطباعة.
وقد أحببت إشراك القارىء العزيز في التعرف على هذا الكتاب والتعريف به.
يقع الكتاب في 145 صفحة، ويشتمل على سبعة فصول، ويتصدر الكتاب كلمة افتتاحية لصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية بعنوان هذا الصرح الشامخ بدأها - حفظه الله - بقوله: الأمن صنو الحياة فالخائف والمضطرب والذي لا يتمتع بقدر كاف من الاطمئنان إنما هو إنسان لا يستطيع أن يعيش حياته, ولذا كان من أهم أعمال الدولة أن توفر الأمن والأمان لمن يستظل بظلها ويعيش تحت لوائها .
وقال سموه إن المتابع لملحمة التنمية السعودية يجد أنها تمت عبر خطط تنموية خمسية ساهمت في بناء كامل لهذا الكيان الكبير وكان لجهاز الأمن وللدفاع المدني دور رائد في هذا المجال .
وفي المقدمة التي سجلها سعادة الفريق محمد بن علي السحيلي مدير عام الدفاع المدني بعنوان الهدف الذي نصبو إليه أكد فيها على اهمية التخطيط للسلامة من الأخطار وأن الوقاية هي خير من العلاج وضرورة الالتزام بقواعد وتعليمات السلامة، وأن للدفاع المدني جانبين أحدهما تنفيذي والآخر ثقافي للإلمام بشتى أنواع المعرفة وأن يكون للدفاع المدني علاقات بالهيئات والمنظمات الإقليمية والعالمية,, إلخ.
وورد في تمهيد الكتاب تعريف بالنظام السعودي للدفاع المدني الذي يقول الدفاع المدني هو مجموعة الاجراءات والأعمال اللازمة لحماية السكان والممتلكات العامة والخاصة من أخطار الحرائق والكوارث والحروب والحوادث المختلفة وإغاثة المنكوبين وتأمين سلامة المواصلات والاتصالات وسير العمل في المرافق وحماية مصادر الثروة الوطنية وذلك في زمن السلم وحالات الحرب والطوارىء .
وهناك توضيح عن مهام الدفاع المدني وتحت كل مهمة عدد من المهام الفرعية.
وجاءت بقية فصول الكتاب لتتحدث عن المراحل والمحطات الرئيسية التي مر بها الدفاع المدني من تاريخ نشأته في عام 1346ه وحتى الوقت الحاضر حيث أصبح للدفاع المدني 13 مديرية بعدد مناطق المملكة والإدارات والمراكز والفرق التابعة لكل منطقة.
ويبيّن الكتاب الجهود الكبيرة التي بذلت في تطوير هذا الجهاز الحيوي الهام ومنها التدريب والتعامل مع التقنيات العصرية الحديثة، ووسائل الاتصالات والخدمات المساندة لأعمال وبرامج الدفاع المدني، والبرامج التأهيلية المتعددة التي يمر بها أفراد ومنسوبو الجهاز، وكذلك الاستعدادات التي تتم لمكافحة الأخطار والحد منها.
والمديرية العامة للدفاع المدني جهاز عسكري كبير ضمن قوات الأمن الداخل يرتبط مباشرة بصاحب السمو الملكي وزير الداخلية وسمو نائبه، ويتكون هيكله التنظيمي من ثلاث هيئات رئيسية هي: مجلس الدفاع المدني، المديرية العامة للدفاع المدني، لجان الدفاع المدني.
ويوضح الكتاب فصلاً مهماً جداً يتعلق بالجانب المعرفي والتوعوي يبدأ بالتدريب والتأهيل ورفع كفاءات الأفراد وصقل الكوادر الإدارية والفنية بجميع المستويات, وهذا العمل منوط بالإدارة العامة للتدريب، ويتم ذلك بعقد الدورات التخصصية وبالتعاون مع مدارس ومراكز القوات المسلحة والجامعات والمعاهد العلمية والنظرية,, وهناك معهد متخصص للدفاع المدني الذي تأسس عام 1394ه.
ويمثل الجانب الثقافي أهمية خاصة وذلك بإقامة المؤتمرات والندوات وفي مقدمتها المؤتمر السنوي للدفاع المدني الذي كانت بدايته في الرياض عام 1403ه حتى المؤتمر السادس عشر الذي عقد في نجران في شهر شعبان 1418ه.
وهناك الندوات العالمية والمحلية بالإضافة إلى حملات التوعية التي تتم من خلال المطبوعات والمعارض وعبر وسائل الإعلام؛ صحافة وإذاعة وتلفازاً.
جهد كبير حقاً يوضحه الكتاب ولا يعي أبعاده وأهدافه إلا من هو على صلة مباشرة بهذا الجهاز الهام، استقطبت المديرية العامة للدفاع المدني في مؤتمراتها وندواتها الأمراء والوزراء والعلماء والأدباء والمفكرين ومن ذوي الخبرة في مجال العمل من داخل البلاد وخارجها وهذا يدل على وعي وبعد نظر وإدراك للمسؤولية، والجهد الذي يبذله الدفاع المدني في موسم الحج من كل عام لا ينكر، والتوسع الأفقي لهذا الجهاز على امتداد رقعة الوطن يتزايد يوماً بعد يوم، والكمال لله وحده.
هذا هو محتوى الكتاب بشكل موجز وهناك الكثير من المعلومات التي تستحق التأمل والإشادة.
أشرف على الكتاب العميد عبدالرحمن أبكر ياسين، وتولى المتابعة والإعداد والتنفيذ النقيب عبدالله ثابت العرابي الحارثي، والإشراف الفني أبرار الحق، والناشر (روناء للإعلام المتخصص).
وبالرغم من الجهد الذي بذل في الكتاب فإن لي بعض الملحوظات منها ما يتعلق بجهاز الدفاع المدني نفسه ومنها ما يتعلق بالكتاب، وهي:
1- تشهد بلادنا مواسم أمطار سنوية أو فجائية ويصحبها بعض الحوادث من غرق وإصابات متنوعة، وكثير منها يعود لتصرفات غير مسؤولة من الأفراد أنفسهم وحتى الآن لا تتوافر لدى مراكز الدفاع المدني وفرقه الوسائل والتجهيزات الكافية لمنع مخاطر الغرق والحد منها.
2- يبدو أن المعلومات الجغرافية عن الأودية ومطامن السيول والبحيرات والمستنقعات القريبة من السكان أو الأماكن التي تستهوي الناس ليست موثقة بالتفصيل لدى إدارات الدفاع المدني في المناطق والفروع التابعة لها.
3- لم تعد الكثافة السكانية وحركة الناس في بلادنا تتركز في مواسم الحج والعمرة حيث يكون للدفاع المدني حضور ودور فاعل ومؤثر، ولكن بدأت البلاد تشهد نهضة سياحية وطنية وخارجية وستتطور إن شاء الله تعالى وتمتد إلى مختلف مناطق المملكة ولذا فإن على المديرية العامة للدفاع المدني أن تضع في حساباتها وتخطيطها المستقبلي الاستعدادات الكفيلة بنجاح السياحة في بلادنا المشمولة بالرعاية الأمنية والوقائية.
4- الدفاع المدني مظلة حماية: هذا ما تضمنه الفصل الثامن من الكتاب حيث تعرف المادة الأولى من النظام واجبات ومسؤوليات الدفاع المدني، وقد أشرنا إليها في مقدمة حديثنا.
واعتقد أنه آن الأوان لإدراج المباني التاريخية والمنشآت العمرانية والمتاحف - العامة منها والخاصة - ضمن اهتمامات الدفاع المدني، وأجد من المناسب أن أدعو إلى تكوين لجنة مشتركة مع وكالة الآثار والمتاحف لوضع آلية عمل وخطط مستقبلية للتعامل مع المباني التاريخية والأثرية والمتاحف في حالة الحرائق أو الانهيارات - لا سمح الله - وأن يفتح ملف بذلك في مركز التوثيق والمصغرات الفلمية في الإدارة العامة للدفاع المدني وفروعه؛ فالآثار والتراث العمراني والمتاحف ثروة ثقافية مهمة وركيزة أساسية للدراسات العلمية والسياحية، وبدأت المتاحف الرسمية تنتشر في كثير من مدن المملكة، كما بدأ العمل في تنفيذ المتاحف والمعارض في المباني التاريخية القديمة بالإضافة إلى المباني ذات الطراز المعماري التقليدي التي لم تصلها بعد مراحل الترميم والتأهيل والتجهيز فإذا فقدت فإن ذلك يعني إتلاف جزء من تاريخ الأمة, ووكالة الآثار والمتاحف ترحب بالتعاون مع إدارات الدفاع المدني في هذا الجانب لما في ذلك من أهمية للمحافظة على تراثنا الوطني وإرثنا الحضاري, هذا ما أتمناه أن يتم في الخطط المستقبلية للدفاع المدني.
5- ملحوظة أخيرة أحببت التنبيه لها، وهي أن الكتاب الجميل لم يزود بقائمة بالمصادر والمراجع التي اعتمدت عليها لجنة التأليف، كما أن الكتاب لم يأخذ رقم إيداع من مكتبة الملك فهد الوطنية أثناء النشر وهو أمر في غاية الأهمية تفرضه قواعد النشر العلمي في المملكة، كما أن الكتاب لم يتضمن تاريخ ومكان الطبع.
وأخيرا فإن كتاب الدفاع المدني ومسيرة 74 عاماً وثيقة مهمة نجد من المسؤولية الوطنية ضرورة التنويه عنه والتعريف به وبالجهود التي بذلت في إخراجه؛ متمنياً أن يدخل إلى كل مكتبة في المدارس والمعاهد والكليات والجامعات.
اللهم آمنا في أوطاننا واحفظ اللهم بلادنا من كل مكروه.
* وكيل وزارة المعارف للآثار والمتاحف

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
مشكلة تحيرني
منوعــات
القوى العاملة
تقارير
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved