Tuesday 14th September, 1999 G No. 9847جريدة الجزيرة الثلاثاء 4 ,جمادى الثانية 1420 العدد 9847


فقيه أمام المؤتمر الوزاري 77 في المغرب
العولمة ظاهرة ترتكز على حقائق اقتصادية وتقنية متغيرة

* الرياض الجزيرة
يعقد المؤتمر الوزاري التاسع لمجموعة السبعة والسبعين بمراكش المغربية اليوم, وسوف يحضر المؤتمر معالي وزير التجارة الاستاذ اسامة فقيه وذلك على رأس وفد سعودي, ويأتي هذا المؤتمر في إطار التحضير لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الانكتاد العاشر).
ومن جهة يلقي معالي وزير التجارة كلمة يشير فيها الى الاجتماع الوزاري التاسع للمجموعة الآسيوية الذي عقد مؤخرا في بيروت جوانب الأزمة المالية التي حلت ببعض الدول الآسيوية وطالت آثارها السلبية دولا ومناطق أخرى من العام والتي أظهرت بجلاء مواطن الخلل في السياسات الاقتصادية الكلية وضعف أجهزة المناعة في البنية المالية الدولية ومؤسساتها والعيوب المستشرية في أسواق المال وهشاشة الأنظمة المحلية، والمخاطر التي صاحبت تدفقات رؤوس الأموال قصيرة الأجل التي استهدفت على الأخص المضاربة في ظل انعدام الاطر القانونية السليمة والتخطيط الجيد للتحرر والاندماج في الاقتصاد العالمي.
ويستطرد معاليه: لقد كانت هناك قناعة تامة لدى دول المجموعة الآسيوية بضرورة إحداث تغييرات جذرية في هيكلة النظام النقدي والمالي العالمي ووضع آليات أفضل لتخصيص الأموال وإدارة المخاطر، وانعكست هذه التطلعات بجلاء في (إعلان لبنان عام 1999م).
واستمرارا لهذا الموقف فإننا نؤيد بحث هذا الموضوع من مختلف جوانبه لتحقيق الغايات التالية:
أولا: دفع الجهود الرامية لايجاد أدوات ووسائل وقائية تساعد الدول النامية على تجنب ومواجهة الأزمات الاقتصادية العالمية وتوفير الدعم لبرامج التصحيح الاقتصادي في هذه الدول بحيث تشمل الرقابة والاشراف الدقيقين على صناديق المضاربة، التي قد تقوم بعمليات من شأنها التأثير سلبا على جهود التصحيح وفرص النمو الاقتصادي.
ثانيا: الإشراك الفعال للدول النامية عند وضع اسس ومعايير الاشراف والرقابة المصرفية والمالية بما في ذلك التمثيل المتوازن في لجنة الاستقرار المالي التي أنشاتها مجموعة السبعة.
ثالثا: التنفيذ المبكر للمبادرات الرامية لمعالجة ديون الدول الأشد فقرا وتخفيض اعبائها بصورة لا تؤثر على سلامة وقدرة مؤسسات وصناديق تمويل التنمية الدولية والإقليمية والوطنية.
وسوف يشير معاليه الى ظهور مفاهيم العولمة في وقت كانت فيه بعض دول ومناطق العالم تمر بتحولات هيكلية أساسية وتعاني من ضعف في الأجهزة المؤسسية والقدرات التقنية والبشرية ولم يكن الجميع مهيأ بنفس القدر للتعامل مع معطيات هذه الظاهرة وجني ثمار خصائصها الايجابية وخاصة في البلدان النامية والأقل نموا، والتي لم يتمكن الكثير منها من مجاراة الوتيرة المتسارعة لعمليات التحرير والانفتاح في النظام التجاري المتعدد الأطراف والاندماج في الاقتصاد العالمي, فاصبحت هذه الدول تعاني من التهميش وتآكل حصصها في الأسواق العالمية، وتقلص حصائل صادراتها الأساسية وتراجع تدفقات الاستثمارات اليها، الأمر الذي انعكس سلبا على ادائها الاقتصادي واستقرارها الاجتماعي، وتفاقم حدة الفقر فيها نتيجة للمستويات المرتفعة من البطالة الهيكلية.
ولقد جرى بحث خصائص هذه الظاهرة وانعكاساتها في الكثير من المحافل في محاولة لتكوين ادراك أفضل وفهم أعمق لأبعادها وتحديد أنجع السبل لتجنب الكثير من مخاطرها وتعزيز فرص الاستفادة منها، بما يحقق تقاسما أكثر انصافا لمنافعها وإرساء أسس راسخة لعلاقات شراكة حقيقية تقوم على الانفتاح والتكافؤ في تبادل هذه المنافع وجني ثمار التعاون بين أعضاء الأسرة الدولية في ظل أطر متوازنة لمفهوم الاعتماد المتبادل.
واذا اعتبرنا ان العولمة ظاهرة ترتكز على حقائق اقتصادية وتقنية متغيرة فقد لا يكون أمام الدول النامية من خيار، اذا ما أرادت المشاركة في هذا النظام العالمي والاستفادة من معطياته، سوى العمل الدؤوب لتعزيز هياكلها الانتاجية وإيجاد بيئة مواتية لتفعيل آليات الاقتصاد الكلي السوقي واعطاء الدور الرئيسي للقطاع الخاص والحرص على صيانة الاستقرار الاقتصادي وتكثيف الجهود، للحصول على التقنية وتسخيرها للاستفادة من المزايا النسبية الطبيعية التي تتمتع بها, كما يتعين على الدول النامية عموما ان تغتنم المحافل الدولية المختلفة وخاصة الأونكتاد العاشر ومؤتمر قمة الجنوب لحث الدول المتقدمة على الحد من استخدام التدابير الوقائية المفرطة التي تقلل من القدرة التنافسية لصادرات البلدان النامية مع السلع الأساسية والخدمات وتعميق نفاذها للأسواق العالمية.
ولعله ليس من قبيل الصدفة ان يلتئم جمعنا اليوم في ربوع هذه المدينة التاريخية العريقة، التي شهدت ميلاد منظمة التجارة العالمية عام 1994م، لذا فإنه يتعين علينا اليوم ان نؤكد التزامنا القوي بروح اعلان مراكش ونجدد عزمنا على تحقيق الطابع العالمي لمنظمة التجاة العالمية (WTO) وتعزيز آليات النظام التجاري المتعدد الأطراف، ونناشد جميع أعضاء المنظمة لإفساح المجال أمام الدول الراغبة في الانضمام اليها بشروط عادلة وخالية من التمييز والامتناع عن فرض شروط والتزامات مفرطة تفوق حدود الالتزامات الحالية للدول الأعضاء في المنظمة, وان تتاح كل الفرص للدول المعنية لتحقيق الانضمام السريع بشروط لا تتجاوز التزامات البلدان النامية مع توفير المرونات والفترات الانتقالية المناسبة لتعزيز قدرتها على تكييف اوضاعها وأنظمتها لتلبية استحقاقات العضوية والمشاركة الفعالة في صياغة قواعد النظام التجاري المتعدد الأطراف.
كما يتعين على الدول الأعضاء في المنظمة تراعي في معالجتها للقضايا الهيكلية مصالح جميع البلدان واختلاف مستويات التنمية وان تستجيب خطة مواصلة تحرير التجارة لأولويات واهتمامات البلدان النامية والأقل نموا، وفي مقدمتها التنفيذ الكامل للالتزامات الخاصة بالمعاملة التفضيلية للبلدان النامية المنصوص عليها في الاتفاقيات المنبثقة عن جولة الأورجواي.
وسوف يؤكد معاليه في هذا السياق على بعض ما جاء في المحاور الرئيسية لهذه الوثيقة على النحو التالي:
أولا: فيما يتعلق بالبند الموضوعي استراتيجيات إنمائية في عالم متزايد الترابط يلاحظ انه بالرغم من التحسن الكبير في أساليب وصول السلع والخدمات الى الأسواق نتيجة للتدابير والاتفاقات المبرمة في إطار جولة الأورجواي إلا ان هناك مجموعة من العوائق الجدية لا تزال تحول دون اندماج البلدان النامية في النظام التجاري المتعدد الأطراف والاستفادة من معطياته لعل من أبرزها.
1 ضعف الهياكل المؤسسية والقدرات البشرية والتقنية للبلدان النامية وعجزها عن مواكبة الوتيرة المتسارعة لعمليات التحرير والانفتاح في الاقتصاد العالمي، الأمر الذي حال بينها وبين المشاركة الفعلية في صياغة هذا النظام والاستفادة من معطياته.
2 لقد ترتب على التحسن في الوصول الى الأسواق وإعفاء قطاعات مختارة من السلع، قيام المنتجين في بعض البلدان الرئيسية بتطبيق الاجراءات الحمائية الطارئة، المتمثلة في فرض رسوم مكافحة الإغراق والرسوم التعويضية وغيرها من التدابير للحد من وصول منتجات الدول النامية لأسواقها.
3 المبالغة في استخدام المعايير البيئية ولاجتماعية والفنية وغيرها من الوسائل الحمائية للتاثير على تدفق صادرات البلدان النامية الى أسواق الدول المتقدمة.
4 التأثير السلبي لعمليات التحرير المتسارعة على الصناعات الناشئة في العديد من البلدان النامية نتيجة للمنافسة غير المتكافئة وشدتها.
5 صعوبة الحصول على التقنية الحديثة والتشدد في لاسماح بنقلها مما يحد من قدرة البلدان النامية على الاستفادة من المزايا النسبية التي تتمتع بها في زيادة القيمة المضافة لمواردها الطبيعية وتعزيز قدرتها التنافسية وزيادة حصتها في الأسواق العالمية.
6 تأثر قطاع الخدمات من الأضرار الناشئة عن كثافة الواردات الخدمية عبر الحدود بالاضافة الى تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر بشكل متزايد نحو أغنى الاقتصاديات العالمية وأكثرها دينامية وموثوقية.
7 عدم قدرة العديد من البلدان النامية على مجاراة ثورة المعلومات والاتصالات فضلا عن عدم وجود بيئة قانونية وتنظيمية ملائمة للتجارة الالكترونية الأمر الذي يحرمها من المشاركة فيما لا يقل عن 10% من حجم التجارة العالمية حاليا، والمتوقع لها ان تصل الى 1,3 تريليون دولار بحللو عام 2003م.
ثانيا: وحول دور الأنكتاد في رسم سياسة للاندماج في الاقتصاد العالمي، فإن المملكة العربية السعودية شأنها شأن جميع الدول النامية تعلق أهمية خاصة على دور (الأونكتاد) بوصفه المحفل الرئيسي في منظومة الأمم المتحدة، المعني بمعالجة قضايا التنمية والتجارة ذات الترابط الوثيق، والعمل على تعزيز العلاقات الاقتصادية الدولية من خلال إقامة شراكة حقيقية تكفل لجميع اطرافها تحقيق استفادة شاملة ومتوازنة من النظام التجاري المتعدد الأطراف، ويمكن في اعتقادنا بلوغ هذه الغايات من خلال تأكيد الالتزام بالمبادىء التالية:
1 ان يظل الأونكتاد محفلا للحوار الجاد وتبادل وجهات النظر بشأن ادارة ظاهرة العولمة وتحليل قضايا الترابط العالمية في حقول تجارة السلع والخدمات والاستثمار ونقل التكنولوجيا، بما يفضي الى تحقيق تنمية عادلة ومستدامة.
2 ان يوفر (الأونكتاد) خدمات عملية فعالة للدول الأعضاء في حقول التعاون الفني والمشورة التقنية ولا سيما في المجالات المرتبطة بتعزيز البناء المؤسسي وزيادة القدرة التنافسية وجذب الاستثمار ورفع مستوى الكفاءة لدى البلدان النامية لمساعدتها على سرعة الاندماج في النظام العالمي.
3 المساهمة في إجراء بحث تحليلي حول آفاق استخدام التجارة الإلكترونية وآثارها عل السياسات التجارية والإسهام في توفير بيئة قانونية وتنظيمية لها في البلدان النامية.
4 مساعدة البلدان النامية على وضع برنامج عمل واقعي وبناء للاسهام في المفاوضات القادمة في إطار منظمة التجارة العالمية, والتحديد الصريح للعقبات التي تواجه البلدان النامية في الحصول على فوائد عادلة من هذا النظام نتيجة ضعف الالتزام بتنفيذ التعهدات السابقة من قبل الدول المتقدمة, والمطالبة بإفساح المجال أمام الدول الراغبة في الانضمام لمنظمة الاتجارة العالمية (WTO) عادلة تأخذ في الاعتبار احتياجاتها التنموية المشروعة وتحترم ثوابت قيمها الدينية والاجتماعية والثقافية.
5 إبراز الآثار الاقتصادية والتجارية الضارة للتدابير التي تواجهها البلدان النامية وخاصة تلك التي تفرض لأغراض بيئية واجتماعية غير مبررة للحد من قدراتها التنافسية.
ونحن على ثقة من ان أمانة الاونكتاد قادرة على حشد طاقاتها للنهوض باستحقاقات هذه الحقبة ومواجهة تحدياتها بما يحقق تطلعات الدول الأعضاء في الحصول عى فوائد حقيقية ومتكافئة من النظام التجاري المتعدد الأطراف.
معالي الرئيس:
ان مواجهة تحديات التنمية وتلبية استحقاقاتها تتطلب تعاونا دوليا مخلصا هدفه الأول خدمة المصالح المشتركة لجميع الأطراف, وتستوجب في الوقت نفسه جهدا ذاتيا جادا من الدول النامية لتحسين هياكلها الاقتصادية وتهيئة المناخ المناسب لتوظيف المدخرات الوطنية وجذب الاستثمارات الخارجية, ولقد كانت المملكة العربية السعودية على الدوام مؤيدا قويا لمثل هذا التوجه وخاصة في ظل ظروف دولية ومحلية تتسم باستمرار حالة عدم استقرار أسعار السلع الأولية وانعكاسات التكتلات الاقتصادية الكبرى والإفراط في تطبيق التدابير الحمائية والوقائية في وجه المنتجات ذات الأهمية التصديرية للبلدان النامية لأسباب غير مبررة,وفي غمرة كل هذه التحديات لم تتخل المملكة عن دورها كعضو فاعل ومسؤول في منظومة الأسرة الدولية المتحضرة, ولقد تجسد ذلك جليا في دعمها لجهود التنمية في العديد من الدول النامية والأقل نموا لتخفيف معاناتها وتعزيز نموها الاقتصادي من خلال المعونات الميسرة التي قدمتها المملكة خلال العقود الثلاثة الماضية لتمويل عدد كبير من المشروعات الإنمائية والاسهام في توفير الموارد المالية لمؤسسسات التمويل الدولية والإقليمية والوطنية.
كما بادرت المملكة أيضا في مؤتمر القمة الإسلامية السادس في داكار الى إعلان إلغاء الديون الرسمية المستحقة لها على عدد كبير من الدول النامية بلغت في جملتها نحو ستة آلاف مليون دولار.
معالي الرئيس:
اننا نأمل مخلصين في ان يسفر اجتماعنا هذا عن نتائج إيجابية من شأنها خدمة قضايا التنمية وتعزيز التعاون البناء بين أعضاء الأسرة الدولية على أسس من التكافؤ والتوازن في تبادل المنافع وخدمة المصالح المشتركة، ليعم الأمن والاستقرار والرخاء ربوع عالمنا الواحد, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
مشكلة تحيرني
منوعــات
القوى العاملة
تقارير
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved