Tuesday 14th September, 1999 G No. 9847جريدة الجزيرة الثلاثاء 4 ,جمادى الثانية 1420 العدد 9847


بدون ضجيج
أصدقاء الزمن الرديء
جارالله الحميد

لعلكم تلاحظون مثلي أن ثمة عددا غير قليل من (البني آدم) يصابون بهوايات نراها غريبة ولكنهم يمضون في ممارستها بتلذذ, واليوم الذي لايمارسونها فيه هو يوم (نكد) يمتد من أهل البيت الى مايستطيع أن يبلغ! من هؤلاء شخص أعرفه, كنت قبل أن افتح الباب له ليدخل يبدأ في سرد أخباره خشية أن أتحدث قبله إذا جلسنا فتفوت عليه فرصة (الانفراد) بالأخبار, يبدأ: اليوم صلينا على فلان, أقول: الله يرحم أموات المسلمين, فيكمل: يقال انه البارحة لم يتعش, قال لأهله إنه ذاهب لينام, فهو يحس بتعب, ولم يأت الصبح إلا و(الرجال) قد اسلم روحه! أقول بضيق أتمنى ان يعيه: يارجال, كلنا لها, فلا يهتم بماذا قلت، بل يكمل: وأمس فيه جار لنا (بعد) عطاك عمره.
-كيف؟
فيحس بأن كلامه ذو قيمة يعتدل:
- أبد كان المسكين يبي يركب (لمبة) طاح من السلم على النخاع الشوكي, ودخل في غيبوبة, ثلاث ساعات, وجاء الطبيب وقال لولده:
-البقاء براسك!
تنتابني حالة من الغيظ والغليان, هل جاء ليؤنس هذه (العصرية) بأخباره؟! أعوذ بالله! أحاول أن اصرف انتباهه الى أي شيء, ولكنه من النوع الذي لايحب اي شيء غير ضروري, ونصمت قليلا, ويرشف فنجانه على مهل يترحم على الموتى, ثم يقول فجأة:
-إلاتعرف فلان؟!
اقول محاولا التقليل من الخسائر:
-معرفة وجه لا أكثر.
فيزيد:
-هالحين بالسجن!
ازفر من أعماقي:
-أعوذ بالله!
-أخذ مزرعة من واحد على (الصوامع), وطلع (لعّاب), لم يبذر حنطة ولاشعيرا! وآخر العام جاء صاحب المزرعة اليها فوجدها قاعا صفصفا, هناك ناس يلعبون!
ومع كل كأس من الشاي أصبه له انتظر أن يقول: بس! ويغادر, لكنه على العكس يرتاح في جلسته ويقدح لفافته, ويمضي يسرد نشرة الأخبار التي التقطها طوال نهاره عبر تجواله الذي لاينقطع فكأنه (موكل بفضاء الله يذرعه!).
ولي صديق آخر هوايته التي لم يجد أحدا يمارسها (ضده!) إلا أنا: هي رواية الأفلام التي رآها مؤخرا, ويندمج في دوره, يحرك يديه كما لو كان على المسرح, ويعلق بين كل فينة وفينة على أداء الممثلين, ولايكاد يخرج إلا وقد أحسست بالحاجة الى (قرص مهدىء) واسترخاءة عميقة.
وعكس صاحبنا الأول لي قريب شاب وصحته (ماشاء عليه) زي البمب, أحيانا تبث بعض الإذاعات أخبار الراحلين عن الدنيا هذا اليوم, فما أن يقترب المذيع من هذه المنطقة حتى يهرب للحمام حتى يوقن أن المذيع قرأ كل الأسماء! أقول له دائما: مالذي يزعجك في هذه القضية؟! فيقول بانفعال: ياأخي لا أحب ذكر الموت والموتى! فأقول له: إنك ميت وإنهم ميتون!, فيقول: ارجوك قفل على هذه السيرة, الواحد يمشي ببطء خوفا من السقوط والجراح والكسور, ويحسب دقات قلبه كل فترة, وأنت تستمع الى نشرة الوفيات؟!
دنيا!
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
مشكلة تحيرني
منوعــات
القوى العاملة
تقارير
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved