Tuesday 14th September, 1999 G No. 9847جريدة الجزيرة الثلاثاء 4 ,جمادى الثانية 1420 العدد 9847


شخص يتطوع لمحاربة الفساد في العالم
استقال من البنك الدولي ونجحت جهوده في وضع معاهدة محاربة رشوة المسئولين

* برلين- كلايف فريمان- د, ب, أ
خلال الاعوام التي قضاها بيتر ايجن في عمله بالبنك الدولي، لمس الالماني المولود في برلين بنفسه العواقب الوخيمة للفساد على سير عجلة التنمية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في افريقيا وامريكا اللاتينية.
ولذا فقد بدأ ايجن في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات يدعو لحملة شاملة ضد هذا البلاء ولاقامة تحالف فعال لتشجيع سياسة الشفافية على مستوى العالم, الا انه قوبل بالاستياء من جانب زملائه واتهم بنبش عش دبابير سياسي.
ويقول ايجن : بدأ الامر اثناء رئاستي للمكتب الاقليمي للبنك الدولي في نيروبي حيث بدأت اطالب بتغيير سياستنا بحيث نتصدى للفساد باعتباره تحديا مباشرا، وان نتناول مشكلة الفساد اثناء تحاورنا مع شركائنا بشأن السياسة التي ينتهجونها .
الا انه سرعان ما ادرك ان الفساد يكاد ان يكون موضوعا من المحرم الخوض فيه، فهو سياسي اكثرمن اللازم وحساس اكثر من اللازم ، مما يمنع البنك الدولي من تناوله بشكل مباشر.
واقتناعا منه باستحالة محاربة الفساد من موقعه في البنك الدولي، استقال ايجن من منصبه في المنظمة في عام 1993 وانشأ في برلين منظمة الشفافية الدولية التي لاتهدف للربح والتي تسعى لمقاومة الكسب غير المشروع في كافة ارجاء العالم.
واليوم، توجد افرع لمنظمة الشفافية في اكثر من 70 دولة منها الارجنتين وزيمبابوي وروسيا والهند والمانيا وفرنسا وكندا, كما تحظى بمساندة العديد من الهيئات العامة والخاصة مثل مؤسسة سوروس وهيئة المعونة الامريكية الحكومية.
وفي الآونة الاخيرة، لقيت المنظمة استحسانا كبيرا لجهودها في مجال رفع مستوى الوعي العام بمشكلة الفساد، ولكونها احدى القوى الاساسية وراء معاهدة محاربة رشوة المسئولين الحكوميين الاجانب المشتركين في صفقات الا عمال الدولية .
واصبحت المعاهدة سارية المفعول في شباط (فبراير) من هذا العام بعد ان وقعت عليها 34 دولة، منها 29 دولة من اعضاء منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي كانت قد انشئت في باريس قبل عام واحد.
وكان من نتيجة ذلك حدوث تغيير كبير في المسئوليات والمساءلات القانونية للمشاركين في العديد من مجالات الاعمال الدولية.
ويعلق ايجن، الذي يبلغ من العمر 61 عاما، بقوله لقد كان هذا انجازا كبيرا في المعركة ضد الفساد فالاتفاقية ترسل إشارة واضحة الى ان الفساد لم يعد مقبولا على صعيد الصفقات الدولية .
ويقول وهي تعني انه من المحظور الآن ان تقوم شركة المانية، على سبيل المثال، بالذهاب الى افريقيا او امريكا اللاتينية او آسيا من اجل رشوة شخص ما .
ويردف لم يعد مسموحا للشركات وفقا للقانون الالماني ان تستقطع الرشاوي المدفوعة خارج المانيا من الدخل الخاضع للضرائب، وهو ما لايزال يحدث في سويسرا وفرنسا وغيرهما من الدول التي لم تصدق على الاتفاقية .
ويضيف إن هذا الاتفاق يعد تغيرا شديد الاهمية في النظام القانوني الدولي ونحن الآن نبذل جهدا ضخما بالتعاون مع منظمة التعاون والتنمية من اجل ضمان التنفيذ السليم لاحكام الاتفاقية .
كانت منظمة الشفافية الدولية قد اثارت اهتماما كبيرا العام الماضي عندما اصدرت مؤشر الرأي العام حول الفساد الذي يضم آراء رجال الاعمال والشخصيات الاكاديمية والاعلامية حول مدى تفشي الفساد في دولهم من خلال مقياس يبدأ من عشرة (بيئة خالية من الفساد لحد كبير) نزولا الى صفر (بيئة فاسدة لحد كبير).
ومن ابرز الدول التي تكاد تخلو من الفساد طبقا للمقياس السابق الدانمارك والسويد والنرويج وفنلندا ونيوزيلندا وايسلندا وكندا وسنغافورة وهولندا.
وقال ايجن انه من المخجل ان حوالي 50 دولة بلغ تفشي الفساد فيها درجة تقل عن 5 نقاط بل ان بعض الدول لم تحصل سوى على 3 نقاط.
وجاءت كل من روسيا والاكوادور وفنزويلا وكولومبيا واندونيسيا ونيجيريا وتنزانيا وهندوراس وباراجواي والكاميرون في ذيل القائمة باعتبارها اكثر الدول فسادا.
ويقول ايجن ينبغي أن أؤكد على ان تلك القائمة لاتعبر عن آرائنا نحن، فما نحن سوى مبعوث يعمل على إطلاق تلك الصيحة التنبيهية كل سنة .
واعلن ان دليلا جديدا سيتم اصداره في اعقاب مؤتمر المنظمة الرئيسي ضد الفساد الذي سيعقد في مدينة دربان في تشرين الاول (اكتوبر) القادم، وان هناك نية لاصدار دليل آخر حول دافعي الرشاوي .
ويصل عدد العاملين في مقر المنظمة في برلين 30 موظفا, ويقول ايجن عندما بدأنا العمل في 1993 لم يكن لدينا سوى موظف واحد، وهو نرويجي لايزال يعمل معنا اما الآن فلدينا موظفون من عدة دول .
ومن بين هؤلاء، اروى حسن خريجة كامبردج التي تبلغ من العمر 27 عاما والتي انتقل والداها من مصر الى بريطانيا قبل 30 عاما, وهي حاصلة على الجنسية البريطانية.
وتقول اروى ان منظمة الشفافية الدولية لاتعنى بضبط الجريمة، فما نحاول فعله هو اقناع الدول التي يتفشى فيها الفساد بتغيير سياستها من خلال بناء الوعي حول الاثار المدمرة للفساد .
ويوضح ايجن ان المنظمة بدأت عملها في برلين في وقت مناسب، قائلا لقد كان الامر اشبه بفتح الباب امام سيل من الدعم, فقد وصلت رسالتنا للعالم في وقت مناسب, فالجميع يفهم الآن خطورة الفساد .
ويقول ان الاعوام الاخيرة شهدت ارتفاع صوت البنك الدولي مطالبا بمحاربة الفساد، فرئيس البنك الدولي جيمس ولفنسون يعد احد المقاتلين في مجال مساعدة الاخرين على نبذ الفساد، كما ان صندوق النقد الدولي ايضا نشط في هذا المجال، حيث يقوم بفرض الشروط على العديد من الدول من اجل محاربة الفساد .
ويضيف: حتى الاتحاد الاوروبي الذي تجرع بنفسه سم الفساد في وقت سابق يضع الآن توجيهات صارمة بخصوصه, كما ان الامم المتحدة تساندنا تماما في هذه القضية .
ويقول انه من المثير ان يرى المرء التغيرات التي طرأت على اسلوب العمل في العديد من الشركات الكبيرة في القطاع الخاص التي تسعى الآن الى ايجاد وسيلة للخروج من فخ الفساد دون ان تتكبد خسارة امام منافسيها .
ويضيف : ان اتفاق منظمة التعاون والتنمية من اهم الادوات التي ساعدت على تحقيق ذلك , واوضح ان منظمة الشفافية تسعى لايجاد المزيد من الحلفاء على مستوى العالم من اجل الخروج من هذه الازمة التي تورط فيها العالم خلال العقد او العقدين الماضيين .
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
مشكلة تحيرني
منوعــات
القوى العاملة
تقارير
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved