Wednesday 15th September, 1999 G No. 9848جريدة الجزيرة الاربعاء 5 ,جمادى الثانية 1420 العدد 9848


لنتقبل بصدر رحب ضغوط العمل
ترصيد الإجازات ظاهرة صحية

اطلعت على ما كتبه الاخ عبدالله بن بخيت في زاويته يارا من العدد الصادر بتاريخ 10/5/1420ه حول الاجازات المجمدة لبعض الموظفين والتي قد يصل بعضها الى 8 شهور اواكثر وما يتخوفه الكاتب من تأثير هذه الاجازات على صحة الموظف النفسية والبدنية اخذا من قوله: ان هذه الاجازات الموفرة قد تفيد الموظف عند التقاعد الا انها تخزن في الجسد في صورة سكر, ضغط دم, قولون عصبي, انهيار معنويات,و,, ووجهة نظري في هذا الموضوع تتلخص في الآتي:
1- ليطمئن اخواننا الموظفون بأن توفير الاجازات لن يعرضهم ان شاء الله لخطر الاصابة بشيء من هذه الامراض كما ان استخدام الاجازات السنوية اولا بأول لن يوفر لاحد السلامة من اخطار هذه الامراض فالامر كله بيد الله ثم ان هذه الامراض حسبما نسمع ونقرأ محسوبة على الاعمال المكتبية ذاتها وما يصاحبها في الغالب من قلة الحركة والاضطرار الى المكوث على المقاعد الساعات الطويلة كما في حال بعض المديرين الذين لا تتاح لهم فرصة الوقوف على اقدامهم من بداية الدوام حتى نهايته وكالاعمال المكتبية المرهقة فكريا ونفسيا الموجودة في مواجهة الجمهور كالجوازات والاحوال المدنية والمطارات والبنوك ونحوها, واقول إن توفير الاجازات لا ضرر منه على الصحة لسبب منطقي هو اننا اذا صدقنا بأن للروتين والنمطية السائدة في محيط العمل تأثيراً سلبياً على الصحة فلن يكون لخروج الموظف من هذا الروتين والنمطية مدة شهر فقط في السنة اي تأثير وقائي او علاجي يمكن ان يعول عليه حتى لو قضى اجازته خلال هذا الشهر في جزر واق الواق يضاف الى هذا التبرير المنطقي بعض التجارب والمشاهدات ومن التجارب ما جربته بنفسي من خلال تجميع قرابة 20 شهرا من الاجازات وانا الان على ابواب التقاعد وقد لا استفيد من رصيد اجازاتي الا بضعة اشهر بقدر رصيدي عند صدور نظام الموظفين الحالي في عام 1391ه وكان باستطاعتي ان استنفد خلال المدة القليلة المتبقية جزءاً من هذا الرصيد لغرض الاستنفاد ليس الا على غرار ما يفعله البعض اذا هو شارف على التقاعد ولكنني لن افعل الشيء ذاته بنية ان يكفر بقاؤه عن بعض حالات الخروج الاضطراري الذي كنت احتاج اليه كأي موظف لمراجعة ادارة حكومية او الذهاب للمدرسة او المستشفى ونحو ذلك, الشاهد ان اختيار الموظف مواصلة العمل وتوفير اجازته او جزء منها بمحض ارادته هو في الغالب دليل على عدم الاحساس بالارهاق او الملل وبالتالي لن يكون للنمطية والتكرار في عمله اي تأثير سلبي على صحته كما في مثل حالتي الصحية الخالية بحمد الله من السكر والضغط والقولون العصبي وكل الامراض التي اتى الاخ الكاتب على ذكرها استشهد بها لان الكاتب استشهد بحالته الصحية وكيف انه كان اثناء العمل يعاني من مجموعة من العلل, وجع الرأس, وجع اسفل الظهر, صعوبة في التعامل مع الناس, هبوط في المعنويات ثم وجد الدواء لكل ذلك في الاجازة والسفر بعيدا عن كل ماهو مألوف وليست حالتي التي استشهد بها بعد نحو 40 عاما من العمل شبه المتواصل ومع هذا الرصيد الوافر من الاجازات ليست مثالا نادرا ولكن هناك ايضا زميلي في نفس المكتب تقاعد قبل حوالي 10 سنوات عن رصيد اجازات قدره 18 شهرا وعاد الى الخدمة على بند الاجور ولايزال يمارس عمله بكفاءة اعتيادية وبحالة صحية وذهنية جيدة.
2- الشعور بالسأم والملل في محيط العمل ليس مشكلة في حد ذاته بل هو أمر عادي يحدث حتى في فترة الاجازة بسبب كثرة الفراغ والشعور بالوحدة مقارنة بجو العمل الصاخب.
فلنتقبل بصدر رحب ما قد يواجهنا من السأم والملل بسبب ضغوط العمل ولنحاذر من السأم الناجم عن الشعور بالوحدة والفراغ اثناء الانقطاع عن العمل لاي سبب على ان هناك بعض الظروف والمواقف التي قد تؤيد من حدة الشعور بالسأم والضجر داخل العمل وتخرجه عن طوره الاعتيادي مثل وجود المشاكل بين الموظفين او بينهم وبين المسئولين ومثل قلة العمل وما ينجم عن ذلك من فراغ يشعر معه العاملون بطول الدوام وثقله ومثل زيادة العمل وما تسببه من ضغط وارهاق للعاملين, ومع ذلك يمكن السيطرة والتعايش مع كل اشكال السأم والضجر في محيط العمل اذا ما تذكرنا احوال المحرومين من العمل وما يعانونه من سأم حقيقي ومعاناة نفسية ناتجة عن الشعور بالخيبة والفشل فضلاً عن الشعور بالحاجة, ويتحقق ذلك ايضا من خلال النظر الى احوال من حولنا من العاملين خاصة عمال الشركات القائمة على التشغيل والصيانة ومقارنة احوالنا واجورنا باحوالهم واجورهم الزهيدة التي لا يحصلون عليها الا بشق الانفس ومع ذلك يكدون ويكدحون ولا يتضجرون من العمل ومتاعبه ولا من الاوامر القاسية والمعاملة الرديئة, لان معاناة الكسب والعمل اهون من عذابات البطالة والحاجة.
3- بالنسبة للسفر بوجه عام وفي اثناء الاجازة بوجه خاص باعتباره الفرصة الوحيدة المتاحة للموظف فلا شك في جدواه في الترويح عن النفس وهي حقيقة ادركها الاقدمون وقال قائلهم:
تغرب عن الاوطان في طلب العلا
وسافر ففي الاسفار خمس فوائد
تفرج هم واكتساب معيشة
وعلم وآداب وصحبة ماجد
ولكن بالمقابل للسفر متاعبه وشدائده اخذا من قولهم:
وان قيل في الاسفار ذل ومحنة
وقطع الفيافي واكتساب الشدائد
وللسفر التزاماته التي تجعله غير مرغوب فيه من كل احد وهذه الالتزامات تتعلق بتوفر المال وتوفر الفراغ وتوفر الرغبة في السفر وقد وجد ان الانسان في شبابه لديه الفراغ ولديه الرغبة في السفر لكن ينقصه المال وفي المرحلة الثانية يكون لديه المال ولديه الرغبة في السفر لكن ينقصه الفراغ لانشغال الانسان بزوجته واولاده وارتباطاته الاخرى وفي المرحلة الثالثة عندما تتقدم به ا لسن يكون لديه الفراغ ولديه المال ولكن تنقصه الرغبة في السفر حيث تضعف قواه وتتغير نظرته الى الحياة وما فيها.
هذه التداعيات الفكرية المتواضعة من جانبي حول هذا الموضوع الهدف منها اثراء الكتابة الصحفية باكثر من وجهة نظر حول الموضوع الواحد وحتى لا يظن ان الافكار الجيدة هي بالضرورة حكر على كبار الكتاب والمثقفين فالافكار الجيدة كما قيل تبتكرها الارانب وتستثمرها الاسود, وفق الله الجميع الى السداد في القول والعمل.
محمد الحزاب الغفيلي
الرس

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
منوعــات
عزيزتي
ملحق ريـاض الخبراء
المحرر الأمني
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved