عزيزتي الجزيرة:
تحية وبعد:
فقد قرأت في صفحة الثقافية في عدد سابق من صحيفتنا الغراء الجزيرة قصيدة بعنوان أنا والحرمان للشاعر الأستاذ فواز بن عبدالعزيز اللعبون (كلية اللغة العربية - قسم الأدب) - وما أدري أهو أستاذ أم طالب وكلاهما طالب علم - وهذا من التمويه والتعمية - وهذه تعليقات على ما أخذته على القصيدة, وبالمناسبة فأنا لا أحب أن أمدح شيئا، فإذا سكت عن شيء فهو مقبول عندي - ولا غرور إن شاء الله -.

1- لهيب الأماني شب في اضلعي جمرا وانطقني حينا وأخرسني أخرى

يا صاحبي ما هذه الاماني الملتهبة التي تحرق الضلوع وتلهبها جمراً؟
لعلك لا تريد أن تفصح عنها على طريقة ابي الطيب رحمه الله:

يقولون لي: ما أنت في كل بلدة وما تشتهي؟ ما أشتهي جل أن يُسمى

لكنك نطقت حينا بأمانيك - أين ومتى - وخرست دهراً - لعلك وجدت الخرس أفضل وذلك يبعث الريبة في هذه الأماني.
كلمتان في أذن الشاعر:
الأولى: النيران في الضلوع قديمة جدا, قال ديك الجن:

قولي لطيفك ينثني عن مضجعي وقت الهجوع كي استريح وتنطفي نار تأجج في الضلوع

والثانية: الجمر والنار فوق الاحتمال وهي الآن للكباب والكفتة والشاورما والفراريج.

2- وعلمني ما الشعر والدمع والأسى فزدت بها علما وكنت بها أدرى

إن كان لهيب الأماني علمك الشعر فحسن، وأن جلب الدمع والأسى فبئس، ولكن علّمك الشعر وكنت به أدرى تناقض عجيب.
وأنا أنصحك بشيئين لتحقيق الأماني بدل الشعر والأسى والدموع:
السعي والتأني، لأن الشعر والحزن والدمع لا تحقق أمنية (زرعنا لو طلع يا ليت).

3- اشيخي أحاسيس القلوب كثيرة وأصدق إحساسي مفارقتي البشرى

أولا: ليس لنا علاقة بما بينك وبين شيخك, ثانيا: وأصدق احساسي مفارقتي البشرى : هل جاءتك البشرى وهربت منك؟ بشرى بم؟ بم تحس بفراقها؟ وإذا كان هذا أصدق احساسك أفكل أحاسيسك الأخرى كاذبة؟

4- منى زمني أن ارتضي ذل قهره ولكن نفس الحر لا ترتضي القهرا

زمنك يتمنى أن ترتضي ذل قهره, وأنا أدله على الطريق: ليقبل الذل مرة وسيسهل بعد ذلك:

من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت ايلام

5- ظمئت ولم أنهل من الماء جرعة
وللماء حولي في مساربه مجرى
وأقول لك:

وأشد ما لُقّيت من ألم الجوى قرب الحبيب وما إليه وصول كالعيس في البيداء يقتلها الظما والماء فوق ظهورها محمول

أهكذا أنت؟
لماذا لا تكون كأبي فراس:

معللتي بالوصل والموت دونه إذا مت ظمآنا فلا نزل القطر

6- وكنت إذا حاولت امرا حرمته
وجاءت تباشير الأسى بعده تترى
يا صاحبي هذا من عجزك ويأسك,, ألم تقرأ الشاهد النحوي:

وكنت إذا غمزت قناة قوم كسرتُ كعوبها أو تستقيما

7- فما أنا والحرمان في كل موقف
كأن يد الحرمان تطلبني ثأرا
لعلك رأيت فيلم الحرمان لفيروز (المصرية) عندما كانت طفلة وتأثرت به, يا صاحبي: رحم الله إبراهيم طوقان حين قال:

كفكف دموعك ليس ين فعك البكاء ولا العويل وانهض ولا تشك الزما ن فما شكا إلا الكسول أفنيت يا مسكين عم رك بالتأوه والحزن وقعدت مكتوف اليدي ن تقول: حاربني الزمن ما لم تقم بالعبء أن ت فمن يقوم به إذن؟

8- عقدت مع الآلام عهداً موثقا
فما أحد ينوي بصاحبه غدرا
أولاً: حماك الله من الآلام والأسقام, وإذا كانت آلام بدن ففي الصبر عليها أجر عظيم وإن كانت آلام التمني فبيدي لا بيد عمرو .
ثانيا: لعل في ذهنك بيت أبي الطيب:

خلقت أَلوفاً لو رجعت إلى الصِّبا لفارقت شيبي موجع القلب باكيا

9- فكيف ترى في صورتي مجد سالف
عظيم وقد أزرى بحالي ما أزرى
من فمك أدينك، فها أنت تنفي أن لك مجدا سالفا - ولا حاجة بك لهذا الاعتراف.
ولعل في ذهنك قول أبي فراس:

وقالت: لقد أزرى بك الدهر بعدنا فقلت: معاذ الله، بل أنت لا الدهر

10- زمانك يا شيخي زمان عجائب
إذا زُرعت أشواكُه انبتت زهرا
أولا: المشهور قولهم: من يزرعِ الشوك لم يحصد به العنبا - وليس الزهر.
ثانيا: قديما قالوا: شوكة خلَّفت وردة ووردة خلَّفت شوكة - ولا أقصد وردة الجزائرية طبعا.
ثالثا: هل تريد أن تقرر ان جيلك زهر وما قبله شوك؟
11- أتيتم زمان المجد وهو اخو صبا
وجئناه كهلا قد حنى دوننا ظهرا
ما جئت بجديد,, قال الشاعر:

أتى الزمانَ بنوه في شبيبته فسرهم واتيناه على الهرم

(وفيه ايجاز حذف أي: واتيناه على الهرم فساءنا).
12- فأي جمال يستبيني بسحره
وعيني ترى في سر قبح الورى سحرا
كلام معقد نحتاج إليك لفك طلاسم الشطر الثاني, وعلى كل اسمع قول أبي ماضي:

أيهذا الشاكي وما بك داء كن جميلا تر الوجود جميلا ,, وترى الشوك في الورود وتعمى أن ترى فوقها الندى اكليلا ,, هو عبء على الحياة ثقيل من يظن الحياة عبئا ثقيلا ,, والذي نفسه بغير جمال لا يرى في الوجود شيئا جميلا

13- وأي سراب اقطع البيد دونه
وما قطعت رجلي إلى مورد شبرا
ولماذا هذا التعب والجري وراء السراب وأنت تعرف أنه سراب ولم تقطع رجلك إلى مورد شبرا ولا مترا على طريقة (مكانك راوح)؟
يجري وراء السراب من يظنه ماء ]حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفّاه حسابه[.
14- وأي زمان ذكريات تضمه
وكر ليالي البؤس أنستنيَ الذكرى
أولاً: ما زلت صغيرا يا بنيّ على الزمان والذكريات وكر الليالي.
ثانيا: كر الليالي قد يُنسي: قال شوقي:

اختلاف النهار والليل ينسي أذكرا لي الصبا وأيام أنسي

ثالثا: كر الليالي وخطوبها قد تذكر وقد تنسي:

ذكرتنيهم الخطوب التوالي ولقد تُذكر الخطوب وتنسي

15- عفا الله عن شيخي فما كان ناسيا
جراحي، ولكن فالُه رام أن تبرا
عفاالله عنك وعن شيخك وعنا جميعا, نستغفر الله ونتوب إليه.
16- رآنيَ أهذي بالأماني فهاله
مصابي فعزاني بشعر محا الشعرا
(وهذا بينك وبين شيخك ولا نتدخل فيما لا يعنينا).
17- قصيد له في كل أفق تداول
به تطرب الأفلاكُ انجمها الزهرا
اتقول حقا؟ ليتنا قرأنا قصيدة شيخك.
18- فدم للعلا والشعر والبائس الذي
يراك له في كل نائبة ذخرا
اللهم آمين.
شكراً لجريدة الجزيرة اللطيفة وصفحة عزيزتي الجزيرة الثقيفة والقراء الكرام والسلام ختام.