Tuesday 21st September, 1999 G No. 9854جريدة الجزيرة الثلاثاء 11 ,جمادى الثانية 1420 العدد 9854


مقالة
الفرق بين الواحد,, عشرة

عندما تجلس مجالس الفلاسفة مصيغا لهم لابد وانك ستضحك منهم وعليهم, ولكن من المؤكد انك ستصبح شخصاً غير ذلك الشخص الذي بدأ بقراءة المقدمة حينما تصل الى الخاتمة.
انك ستسمع حديث اناس لا يرغبون بالملايين بل في الاجابة على اسئلتهم، فهم يؤمنون بأن الحقيقة لن تمنحهم ثراء العبيد ولكنها ستجعلهم احراراً.
سيعلمونك كيف تصبح تلميذاً لكل الناس بمختلف مستوياتهم الثقافية، لان في كل انسان شيئاً ما نستطيع ان نتعلمه، هكذا يقول امرسون ,, انك حينما تخرج من مجلسهم ستوقن بأن الحياة تجارة لا تغطي نفقتها, ولكن,, مسكين هو العقل حينما يظن انه هو ليس هو.
دعني اسألك سؤالين اتمنى ان تفكر فيهما ملياً قبل ان تبدأ في البحث لهما عن جواب.
- هل تتكلم النبتة؟
- انا عن نفسي لا استطيع ان اثبت ولا ان انفي.
- هل تعتقد بأنها تفكر؟
- ,, لا ادري.
اذاً دعنا ننتقل الى السؤال الثالث بجدية اكثر.
- هل تستطيع النبتة ذاتها ان تصف الحقل قبل ان تنبت فيه؟.
يقال ان علامات الاستفهام هي اساس العلوم, صحيح، واقول ان العلم قبل ان يقف لنراه، كان جالساً على كرسي الفلسفة,, ولكن,, ماهي الفلسفة؟.
هل هي تأمل الجزئيات للحكم على الكل,.
- لا,, فالمدرسة الجشطلتيه في علم النفس تقول ان الكل هو مجموعة الاجزاء، وليست الاجزاء هي وحدة الكل.
- فهل هي الادراك؟.
- ولكن كيف ندرك مالا ندركه؟
- اذاً اعطني تعريفاًمقنعاً للفلسفة، اعطيك كل ما املك,.
اذا كانت الفلسفة ان تقول شيئاً,, اي شيء فان المرأة هي صاحبة الامتياز الفلسفي.
وان كانت الفلسفة هي ان تسأل وتسأل فالطفل هو اعظم فيلسوف,, وان كانت الفلسفة هي الحكمة فكذب المنجمون ولو صدقوا.
نعم لقد كذب افلاطون حينما اطلق على مدينته المدينة الفاضلة، فأي فضيلة هي تلك الفضيلة التي تقسم الناس الى طبقات تفضيلية، واي فضيلة هي تلك التي تقتل من لا ذنب له.
نعم لقد كذب سقراط حين قال اعرف نفسك ,, اذا كان يقصد سقراط الحقيقة السرمدية نفسها فكيف لنا ان نعرف انفسنا ونحن لا نريد وان اردنا لا نستطيع وان استطعنا لن نعرف.
نعم لقد كذب ارسطو حينما قال بنظرية الشكل والمادة, فكل شيء عند ارسطو هو الشكل او الحقيقة الواقعية التي نمت من شيء ما كان مادتها الخام, وهو يصبح بدوره المادة التي ستنمو منها المزيد من الاشكال الارقى, اي ان الرجل هو الشكل لمادة الطفل والطفل هو الشكل لمادة الجنين، والجنين هو الشكل لمادة البويضة, وهكذا دواليك حتى نصل لمادة دون شكل,.
ولكن اذا افترضنا- وهو كذلك- ان التراب في اول مراحل تكوين الرجل مادة، وهو نفسه- اي التراب- في اخرها شكل لمادة الجثة, اترانا سنطلق على التراب مادة ام شكلاً, قال تعالى منها خلقناكم وفيها نعيدكم,, زد على ذلك بأننا لو جعلنا لكل شكل مادة لافنينا اعمارنا نسير في الفراغ دونما وجهة نتبعها, فما هي مادة الكون,, هل هي الماء والنار والتراب والهواء وان كانت كذلك فما هي مادة هذه الاشكال,, يقول ارسطو حتى نصل الى مادة بدون شكل وهذا ينافي نظرية الشكل والمادة التي قال بها, ثم لو كان الانسان هو الشكل لمادة التراب، فماهي مادة الروح ان كانت الروح شكلاً وما شكلها ان كانت مادة، ف الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله .
وللقارىء ان يعلم ان من بين الامثلة المحبوبة لدى ارسطو والتي ضربها على نظرية الشكل والمادة هو مثل الرجل والمرأة, فالذكر هو على حد قوله المبدأ الايجابي التشكيلي، والانثى هي الطين الخزفي السلبي الذي ينتظر تشكيله، والمواليد من الاناث هن نتيجة فشل الشكل في السيطرة على المادة, فتعالى الله عما يصفون, نعم لقد اثبت القرآن والسنة ومن خلفهما العلم نقص المرأة عن الرجل في العقل والدين والتكوين البيولوجي ولكن هذا النقص ليس فشلاً او عطباً في الخلق ولكنها ارادة من لا يسأل عما يفعل وهم يسألون, كما ان هذا النقص لا يخرج المرأة عن ما كلف به الرجل, ثم هب يا ارسطو ان الله خلقنا ذكوراً او اناثاً او شيئاً بين ذلك,, ترى كيف ستكون هي الحياة؟,, قال الحق تبارك وتعالى لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم , بل ان من سخرية العقل البشري بنا ما قاله هرقليطس عن المرأة, ذلك الفيلسوف العظيم على حد قول احد كبار الكتاب العرب، الذين ينسبون انفسهم الى الاسلام، ذلك الدين الذي اضاء لأجهل جهلائنا طرقاً مازال يتخبط بها اعلم علماء غيرنا من الامم,, يقول هرقليطس ان المرأة هذه ليست انثى الرجل,, وانما انثى الرجل قد انقرضت وقد قفز هذا الحيوان بدل فاقد , هذه المرأة ذلك الحيوان، طويل اللسان، طويل الشعر، ضيق الكتفين، ضيق الافق .
نعم لقد كذب داروين بل أخذ يهذي حينما اصابته حمى الجنون فقال بنظرية النشوء والارتقاء والتي مفادها ان الانسان صنعته يد الطبيعة, فأية طبيعة بلهاء تصنع من يصنعها؟, ان كان يقصد داروين بالطبيعة مفهومها السحيق، لماذا لم يصل الى عمقها الحقيقي؟,
لماذا يبدأ من حيث يستطيع ويقف عند مالا يستطيع؟, ان الحقيقة ليست كماً يتجزأ,, بل كيف يجمل.
اننا لا نستطيع ادراك الازلية كالغيبيات وما وراء الادراك العقلاني, اننا نجزىء المادة الى ذرات كما شطرناها من قبل الى جزئيات, اذاً فالمادة قابلة لانشطارات متناهية تصل الى حد لا يدركه العقل او انها متناهية ولكن لا يدرك العقل البشري هذا الحد ايضا,, على هذا قس تقسيم الزمن والفراغ, وهنا يدرك الفرد في آن واحد عظمة العقل البشري وتفاهته في نفس الوقت اذا تجاوز نطاقه الذي خلق له, فتبارك الله احسن الخالقين.
وبهذا الصدد يقول الفيلسوف الانكليزي سبينسر فنظرا لكون التفكير مقيما للعلاقات، لذلك لا يمكن للفكر ان يعبر عن اكثر من العلاقات,, ولما كان العقل قد شكله وتشكل بواسطة التخاطب والظاهرات، لهذا فانه يورطنا في الهذر والهراء عندما نحاول استعماله من اجل اي شيء يقع وراء الظاهرات .
كما اكتشف الفيلسوف الفرنسي فولتير وروسو بعد ان فقد الكثير من عمره ميادين الفلسفة والفكر، بان هذا الكون يديره عقل الهي منظم بل وطلب من الناس الايمان بالله وقام ببناء كنيسة قال عنها دون ان يرعى لاحد فكرا ولا خاطراً انها الكنيسة الوحيدة في اوروبا التي بنيت من اجل الله .
ويجب علينا ان نتذكر في الختام تلك الملحمة الازلية بين الدين والفلسفة,, ولكننا كمسلمين مستنيرين بنور الوحي الالهي، نتجاوز هذه المشكلة الى ألا مشكلة وهنا تكمن مشكلتنا الحقيقية,, ان الاسلام لم يمنعنا من البحث والتقصي وراء الحقائق كما تفعل الكنيسة المحرفة بل امرنا بذلك وفضل العالم على الجاهل فهو دين ودولة وهو قائم على ادلة مادية محسوسة لا يحيد عنها الا مكابر مريض.
ان الفلسفة ليست مقررا جامعيا يلغي محاضراته الدكتور الشيطان باحدى الجامعات الشرقية او الغربية كما يعتقد بذلك الكثير ممن لا يعرف حتى معناها او كيفية لفظها.
ان الفلسفة محيط تنام على صدره الامواج متربصة بمراكب المسافرين على محيطها,, والويل كل الويل لمن تسقط منه بوصلته قبل ان يصل الى الجهة الاخرى من المحيط, لكن من المؤكد بأن الشخص الذي يصل لن يكون هو ذلك الشخص الذي انطلق,, ان الفلسفة هي ارقى واجمل انواع العذاب الانساني, احبها,, ربما لأني فوضوي,, وفوضويتي هي فتات احلامي.
ابن شريم
* كتابة المقالة فن يندرج تحته العديد من الاعتبارات والمفاهيم ومقال الصديق ابن شريم بدأ بداية موفقة وهي الطريقة الاستنتاجية للوصول الى حقيقة معينة انما بدأ الاختلال ما ان اقحم صديقنا قناعاته الشخصية وميوله وافكاره في النص وبطريقة اربكت المقال والقارىء ونالت من المرأة بما لا يدع مجالاً للشك بوجود ترسبات داخلية غير سوية تجاه هذا الكائن الرقيق المرأة .
ولكي ابدأ تعليقي على مقالتك المعنونة اقول لك ما هكذا تورد الابل يا ابن شريم فانظر كيف نصبت من نفسك حكماً واصدرت احكامك من علٍ.
- نعم لقد كذب افلاطون.
- نعم لقد كذب سقراط.
- نعم لقد كذب ارسطو.
ثم تدرجت لتأخذ المرأة محوراً للنيل منها كامرأة، وللنيل من آراء الفلاسفة من جهة ولست ادري لم,, ما ان يتوسع شبابنا في قراءتهم حتى نراهم يمسكون بمكامن السلب لا الايجاب في الامور؟,, ففي الفلسفة قد نجد الكثير مما لا يناسبنا ولكننا لا نستطيع ان نغفل الكثير من الارث الفلسفي الذي امدونا به,, وعلى ذلك فالموضوعية في فقد علوم السابقين شرط اساسي في الكتابة حول مؤلفاتهم او نظرياتهم.
التكذيب لمجرد التكذيب لا مسوغ لقبوله هناك دائماً المحاورة العلمية التي تقوم على منطق الاستقراء والمحاجة,, وقراءة قصة الفلسفة ل ويل ديورانت لا تغني عن قراءة المزيد, المقال في مجمله جيد جداً لولا الثغرات السابقة والتي مست جوهر الموضوع كن موضوعياً اكثر يا صديقنا وانظر للمجودات نظرة شمول لا نظرة خصوص,, واهلاً بك صديقاً لخطوات.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
مشكلة تحيرني
منوعــات
القوى العاملة
تقارير
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved