مرحباً بيوم الوطن، وأهلا وسهلا بيوم التوحيد، إنه يوم ائتلفت فيه القلوب بعد فرقة، واجتمعت فيه الأيدي لتمتد إلى البناء بعد شتات وتباعد، لقد عُطِّل السلاح في ذلك اليوم الذي يعود إلينا غداً في يُمن وسعد، إنه يوم يتعلم فيه الصغير ليعرف تاريخ الآباء والأجداد، ويتذكر فيه الكبير ما مر بهذا الوطن، فيحمد الله على نعمة الاستقرار.
إن هذا اليوم يذكرنا بجهود القائد في جمع أجزاء هذا الوطن، حتى تكونت دولة ثابتة الأركان مهيبة الجانب، ذات ثبات وسيرورة على مبادىء الدين والمثل العربية.
إن المملكة العربية السعودية منذ إعلان يومها الوطني في أول العقد السادس من القرن الرابع عشر، وهي عامل استقرار في المنطقة العربية، تؤاخي بين المتباعدين، وتبذل المال للمحتاج، وتساعد من ناله الضيم، وحل به الظلم، هذا هو ديدنها منذ ذلك اليوم إلى هذا اليوم الذي يعود إلينا فيه اليوم الوطني ونحن في رخاء من العيش، وأمن في المسكن والطريق، وعزة ومنعة.
لقد أصبحنا أمة مؤثرة في أيام الحرب والسلم، ففي حرب الخليج حاربنا لنصرة المظلوم، وفي حال الدعوة إلى السلم لا نخرج عن الاجماع فالمملكة اليوم لها وجود فاعل ومؤثر لما لها من الثقل الاقتصادي والسياسي, فاقتصادنا في تنام مطرد، لأن ولاة الأمر يلتمسون خير السبل لتحسين دخل الفرد في هذه البلاد، وقد كان لسياسة المملكة الأثر الكبير في تخفيض انتاج النفط من قبل الدول المنتجة ومنها المملكة، وقد ظهرت نتيجة التخفيض بحيث ارتفعت أسعار النفط، وزاد دخل المملكة، ولا تزال نتائج هذه السياسة الحكيمة تؤتي ثمارها في تحسن أسعار النفط, وأما الثقل السياسي فتشهد له المحافل الدولية بأن سياسة المملكة في اتزان لا يعرف الميل، وثبات لا يعرف الهرولة أو التراخي، وحكمة في الأمور كلها.
ومن اثر تلك السياسة أن عبرت المملكة قرنا من الزمان بدون هزات اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية توقعها في المزالق التي وقعت فيها بعض الدول المجاورة ولما رأت الدولة حاجة البلاد إلى المال كونت المجلس الاقتصادي ليشرف على نمو الاقتصاد، وحفظ مال الدولة فنرجو لهذا المجلس التوفيق في أعماله وسداد الرأي من قبل أعضائه، وأن يصل بالبلاد إلى ما يطمح إليه ولاة الأمر من الآمال المعلقة عليه.
وفي هذا العام يحل بنا اليوم الوطني بعد أيام قليلة من توجه ما يقرب من خمسة ملايين طالب وطالبة إلى مدارسهم ومعاهدهم وجامعاتهم، وهذا العدد مرتفع عن الأعوام الماضية وهو مؤشر واضح على جهود الدولة في نشر التعليم ومحاربة الجهل.
لقد تضاءلت الأمية وتدنت نسبتها في البلاد حتى إن المملكة العربية السعودية حصلت على الجوائز من قبل المنظمات الدولية نتيجة جهدها في تعليم الكبار، فانخفاض نسبة الأمية في المملكة فخر لولاة الأمر في هذه البلاد، وعنوان جد وعزم على هزم الجهل في أي بقعة من بلادنا المترامية الأطراف,
ومما نفخر به في يومنا الوطني أمن الحجاج والمعتمرين على كثرتهم، واختلاف أجناسهم ولغاتهم، فالطرق الموصلة إلى مكة المكرمة آمنة وميسرة ومشاعر الحج قد هيئت بما يكفل الراحة للحاج والمعتمر، وقد شهد الحجاج والمعتمرون بأن المملكة تقدم الخدمات اللازمة لكل حاج ومعتمر.
إن الفرق كبير جدا بين اليوم الذي أعلن فيه اليوم الوطني وما نحن فيه في يومنا هذا، وهذا دليل على التقدم السريع، والأخذ بأسباب النهوض بالبلاد في جميع المجالات.
أعز الله خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين والنائب الثاني وحفظ الله لهذه الأمة دينها وأمنها ورخاءها.
د, عبدالعزيز بن محمد الفيصل