هل تشهد سوق الأسهم السعودية تطويراً لآليتها قبل طرح أسهم القطاعات الحكومية المخصخصة؟
وماذا عن تجارب العشرين عاماً الماضية لقيام السوق؟
طرح أحد الاقتصاديين هذا السؤال في احدى المناسبات التي جمعت حشدا كبيرا من المستثمرين والأكاديميين وحملة أسهم خرج الجميع دون ان يقدم له أحد تبريرا منطقيا او توقعا حقيقيا لما سيكون عليه الحال هذا العام قبيل طرح اسهم شركة الاتصالات السعودية للاكتتاب العام بعد انقضاء المدة التي حددها المرسوم الملكي بتحويل الشركة من القطاع الحكومي الى القطاع الخاص, قال احدهم قبل ان تدفع الدولة بحصة من رأس مال الشركة للاكتتاب,, قل لي: ماذا حققت الشركة من انجازات على صعيد تحولها من ادارة البيروقراطية الى الإدارة الاقتصادية التجارية وهل يمكن الحكم على ذلك من خلال التصريحات الصحفية اليومية عن ايصال الخدمة الى عدد من المشتركين,, تارة الى سكان الحي الفلاني ممن لهم سنوات على قائمة الانتظار ام صرف أرقام جديدة لخدمات الجوال والبيجر والهاتف اللاسلكي؟
من المؤكد ان حال الشركة في الوقت الحاضر افضل بكثير مما كانت عليه قبل تحويلها, فنوع الخدمة وانتشارها وزيادة تعداد المشتركين في خدماتها دليل على نجاح خطة الشركة وتجاوزها مرحلة التجربة رغم قصرها وحاجتها الى مزيد من الوقت لتهيئة إمكاناتها الفنية وكوادرها البشرية مع متطلبات التغيير النمطي في أسلوب الإدارة بالأهداف الذي انتهجته الشركة ضمن خطتها الجديدة,, واستفادتها من نتائج الدراسات التي أوكلتها الى بعض الشركات وبيوت الخبرة الدولية التي شرعت مع الشركة في تنفيذ العديد من البرامج والأنشطة العملية بالاضافة الى ما اسندته للقطاع الخاص لانجاز مشاريعها الجديدة كالحفريات والتمديدات واقامة المقاسم وتسويق بطاقات الخدمة ومن أسئلة نجاح خطتها التسويقية بيع كمية كبيرة من بطاقات الاتصال المدفوع مسبقا وتحقيق فائض كبير من قيمة المكالمات الدولية المخفضة الى جانب تسهيل الاجراءات الروتينية المعتادة نجم عنها تدافع المزيد من طالبي الخدمة, وإقامة المزيد من مكاتب خدمات المشتركين والتعريف بها للجمهور الذي اخذ يتابع تطور خدمات الاتصالات السعودية ويعزز جانب الثقة فيها, وهو قياس لمرحلة النضج الإداري المبكر للشركة وطرقها سوق الاستثمار بعقلية واعية وتلمس حاجة المستهلك الذي أخذ يتفاعل مع خدماتها الجديدة بصورة تنم عن رضا وارتياح لم يكونا متوفرين خلال الفترة الماضية.
ان هذا مؤشر قوي في حال الاستمرارية لنجاحات اخرى تنتظره سوق الاتصالات السعودية التي تمثل أكبر مستهلك للتقنية المتطورة في المنطقة, فالانجازات المتتابعة للشركة في مختلف مواقع العمل داخل المدن وخارجها وما ستقدمه من خدمات اخرى وتسويق نحو مليون رقم جوال وخفض التكاليف كما هو متوقع من مظاهر التعبير الحقيقي الذي واكبته خدمة الاتصالات في المملكة لمسه زوار بيت الله الحرام هذا العام بإنجاز بضعة ملايين من المكالمات الهاتفية الدولية الى أكثر من 190 دولة وهو ما تحقق لأول مرة, فاختناق الاتصالات خلال المواسم, وتعثر مرور المكالمات سلبيات بدأت تتلاشى او هي في طريقها للاختفاء في فترة ليست بالطويلة على ان هناك من لا زال يتوقع من الشركة تقديم خدمة أفضل بتنوع أكثر, وهو ما سيؤدي لا محالة الى خفض حقيقي في تكاليف الحصول على هذه الخدمات, وبالتالي مردود أوفر.
كما يبدو من الأهمية بمكان طرق الشركة باب البحث عن شريك استراتيجي عالمي ذي خبرة فنية عالمية وامكانيات متطورة للاندماج ولو جزئيا لتستطيع شركة الاتصالات السعودية من المنافسة العالمية والتواجد القوي خلال الألفية القادمة التي ستشهد مثل هذه الكيانات العملاقة الجديدة لتظفر بحصة عادلة من السوق, وإلا فانها ستجد تواجدها خارج السرب,, فالشريك الدولي ذو الامكانيات الدولية كالأقمار الصناعية والتطوير التقني المتواصل والسمعة التجارية مطلب المرحلة القادمة للشركة السعودية التي لا شك انها تدرك مثل هذا الأمر وتثمن أهميته.
بندر القرعاوي
جامعة الملك سعود