Friday 24th September, 1999 G No. 9857جريدة الجزيرة الجمعة 14 ,جمادى الثانية 1420 العدد 9857


عائد إلى وطنه

كان انساناً طيباً ذا اخلاق عالية، وصفات كريمة,, ولكنه كان فقيراً,, حملته الظروف على السفر والابتعاد عن وطنه سعياً وراء الكسب ولقمة العيش, ترك اهله واصدقاءه واقاربه وجميع الناس الذين احبهم واحبوه,, ترك اعز واغلى مايملك وطنه,, ترك كل ذلك كي يحقق لنفسه حياة كريمة تغنيه عن سؤال الناس وذلهم,, هكذا,, فجأة,, وبدون اي مقدمات وجد نفسه في عالم آخر لايعلم من امره شيئاً,, وجد نفسه ضائعاً وسط هذا العالم الغريب المليء بالاحداث والمفاجآت التي لم تكن تخطر له على بال,, وجد نفسه وحيداً لاصاحب ولاصديق يشاركه همومه واحزانه ويساعده على تحقيق آماله وطموحاته,, لم يجد احداً يسأل عنه او يهتم به وبشؤونه اين الاهل الذين كانوا الاساس في نشأته وتربيته، اين الذين تحملوا المشاق في سبيل اسعاده وراحته؟ اين اصدقاء الطفولة الذين قضى معهم اجمل اللحظات واسعدها؟ اين تلك الاحلام والآمال التي طالما كانوا يطمحون الى تحقيقها سوياً؟
اين تلك الأرض التي تربى عليها وترعرع في كنفها؟ اين تلك الارض التي أكل من خيراتها وشرب من مياهها؟ اين وطنه؟!,,, لقد ترك كل ذلك ورحل,, رحل الى ارض الغربة,, ارض التعاسة,, ارض الشقاء ,, ذاق طعم الالم والمرارة واحس بمعنى الغربة,, وعرف ماذا يعني ترك الوطن,, كان دائم القلق والتوتر,, يسيطر الخوف على افعاله وتصرفاته يخشى الوقوع في اي خطأ ويحاول جاهداً ان يبتعد عنه قدر الامكان، فالناس لن ترحمه ولن تقدر معنى شعوره بالغربة والوحدة,, سنوات من العذاب موت وهو يكد ويعمل حتى يتمكن من الوصول الى غاياته,.
كان يعد الشهور والايام يحلم بالعودة الى وطنه يوماً ما,, كان كلما انفرد بنفسه بعيداً عن اعين الناس تتلاحق امامه صور الذكريات فتزيد من رغبته وحماسه للعودة إلى الوطن,, والآن,, وبعد كل سنوات الغربة والالم التي عاشها,, وبعد ان تحقق له ماكان يحلم به ويتمناه,, اخذ يعد العدة للسفر والرجوع الى ارض الوطن المعطاء لقد حانت الفرصة وتحقق حلمه الكبير اصبح يعد الدقائق والثواني بعد ان كان يعد الايام والشهور,, حتى وصل الى ارض وطنه,, هاهو الآن يقف على ترابه الخيّر,, لقد احس بطعم السعادة الحقيقية شعر بأن روحه قد عادت اليه من جديد,, كان بوده لو يعانق الطيور,, لو يحتضن الشمس,, لويقبّل كل حصاة في ارضه .
يكاد العالم لايسعه من شدة الفرح والسرور.
اخيراً عاد الى وطنه وتمكن من رؤيته بعد غياب دام سنين,, ثم أخذ يحدق في ترابه وتنفس بعمق وهو يردد: لن اترك وطني حتى نهاية حياتي,.
فتاة الأحزان
ظهران الجنوب

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
أفاق اسلامية
محاضرة
عزيزتي
الرياضية
شرفات
العالم اليوم
اليوم الوطني
تراث الجزيرة
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved