Friday 24th September, 1999 G No. 9857جريدة الجزيرة الجمعة 14 ,جمادى الثانية 1420 العدد 9857


بنادر
داغستان ليست جغرافيا فقط

قد يطلق النظام الروسي بما يملك من صحف وتلفزيونات وإذاعات على الحركة الثورية الإسلامية في داغستان بما يريد من نعوت وأوصاف ابتداء من جيوب صغيرة خرجت من الشيشان لا تشكل خطراً على الشعب الروسي ومرورا بنظرية التآمر الخارجي على روسيا وانتهاء إلى ان الجيش الروسي استطاع ان يخمدها.
قد يكون الجيش الروسي يملك ترسانة هائلة من الاسلحة الفتاكة التي لم تستخدم منذ الحرب مع الشيشان وقبل ذلك مع أفغانستان وقام بتوظيفها بشكل جيد ضد الأصوليين و(المخربين) كما يسميهم.
قد ترمي الطائرات الروسية اطنان القنابل على القرى الداغستانية الآمنة الباحثة عن لقمة العيش في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الداغستانيون او المواقع التي تشك بوجود الثوار المسلمين فيها.
قد تتفق روسيا مع الحكومة المركزية في داغستان على جميع الطرق لانهاء مطالب الثوار المطالبين بتكوين دولة مسلمة دستورها القرآن.
قد تستطيع روسيا بعض الوقت ان تكسب المعارك التي تخوضها بشراسة الدب الذاهب للموت, ولكن روسيا لن تكسب المعارك إلى ما لا نهاية العالم فإذا كان هناك اكثر من (18) مليون مسلم في روسيا البالغ تعداد سكانها (150) مليون نسمة فإن في جمهورية داغستان اكبر جمهوريات الاتحاد الروسي وحدها اكثر من مليونين يعيشون في اراضيها خاصة في القرى والجبال يقبضون على دينهم كالقابض على الجمرة.
إن مطالبة الثوار المسلمين باستقلالهم السياسي والاقتصادي والثقافي وادارة شؤونهم هي مطالب عادلة ومشروعة لا يمكن ان يتنازل عنها اي انسان يستحق ان يطلق عليه لقب انسان.
وإذا لم يتوقف النظام الروسي عن غيه ويعود إلى رشده ويعطي اصحاب الحق حقوقهم الشرعية فإن الخاسر الأكبر هو الشعب الروسي الذي يعاني يوميا من شظايا هذه الحرب التي وصلت إلى غرف نومه.
داغستان، إذا لم يعرف النظام الروسي، ليست البوابة الذهبية الروسية التي يخرج منها بترول بحر قزوين إلى العالم ليعود بالقمح إلى موسكو.
داغستان ليست جغرافيا فقط.
داغستان تاريخ يتحرك في الجغرافيا.
داغستان تاريخ روح تعود إلى نفسها وتنفض عن اكتافها غربة عشرات السنين تحت السيطرة الروسية وتزيح عن صدرها آثار حراب وسهام الحكام الروس بشتى افكارهم وتوجهاتهم وطموحاتهم.
هل تستطيع روسيا بكل ما تملك من أدوات حرب فتاكة واقتصاد متدهور ونظام سياسي يحتضر ان تتغلب على حركة التاريخ؟ هل تستطيع روسيا ان تنتصر على الروح الاسلامية في كل من داغستان والشيشان وفي الجمهوريات التي بدأت على شكل قطرات ثم هي الآن في طريقها إلى ان تتحول سيلا كاسحا يغير طبيعة الأرض.
أشك في ذلك.
علي الشرقاوي

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
أفاق اسلامية
محاضرة
عزيزتي
الرياضية
شرفات
العالم اليوم
اليوم الوطني
تراث الجزيرة
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved