استكمالا لما سبق له طرحه حول الابداع المعاصر واللوحة الحديثة ذات المنحى التجريدي أو الرمزي وجهل الكثير بها أكرر القول بأن الأمر لايتعلق فقط بالتعامل مع هذا الإبداع المحدد في شكله التشكيلي لوحة أو قطعة نحتية بقدر ما يعني نظرتنا لكل شيء جميل وكيف يمكن لنا أن نراه- ومن المؤسف أن أعود لبيت القصيد الذي تاه بين بقية الأبيات فتهالكت القصيدة- وأصبحنا في دوامة نخشى ايضاً العودة منها- وأعني بها مادة التربية الفنية, وما تعنيه تلك الدوامة من أمور كثيرة ومؤلمة إذ ان هذه المادة لازالت مجهولة الهدف ولجهل اولئك المعنيين بها أصبحوا يتجاهلون أي نقاش حولها أو فيها- علماً بأنها المنطلق لمعرفة كيفية النظر والتعامل لما هو جميل في حياتنا - فكيف إذا سقطت من قائمة بناء الانسان فاصبح مشلول التعامل مع ملكات عقله الجمالية وتعامل مع كل عنصر من عناصر محيطه بجفاف وصبيانية فينعكس على سلوكياته وتعامله مع تلك العناصر - إن ما اعنيه هو أن كل من نلتقيه أو نتعامل معه من أفراد مجتمعنا الكبير يفتقد المفهوم الحقيقي لمادة التربية الفنية نتيجة لعدم تلقيه أي احساس بأنها بالفعل ذات مفعول تربوي وجداني,, وإذا أردنا أن نكون أكثر تألماً واحباطاً طرحنا السؤال الأصعب,, هل مارست الرسم أو تلقيت دروسا في التربية الفنية- والاجابة كما نعرفها نعم إذ ان كل من على هذه البسيطة من المتعلمين ممن اكملوا تعليمهم العالي أو من لم يكمل غير المرحلة الابتدائية أخذ دروساً منها- إذاً ما المشكلة- ونحن نقول وباختصار- اننا نعلم المهارات اليدوية وكيف يلون الطالب التفاحة أو النخلة دون أن يتعلم كيف يرى الجمال فيها- ولهذا ومع وجود الأسلوب الثابت وغير المنظور- يجعلنا أمام أجيال لا تعرف من الجمال سوى كيفية تلوين تفاحة- أو رسم ابريق- أو رسم وجه المرأة.
أجزم بأن ما أتمسك به تجاه مشكلة التذوق وجهل المتلقي بكل ماهو ابداعي معاصر أوحديث وأنه يعود لثقافته ومستوى معرفته عبر ما يتلقاه في تعليمه- وأصر على أهمية مادة التربية الفنية التي تشعل في نفوس البعض مشاعر معاكسة وتثير في نفوسهم ردود فعل أغلبها مشوشة التقبل فتخلط لديهم المفاهيم فتدفع بهم الظنون إلى ماهو أبعد مما نعنيه أو نسعى إليه- وهذه مصيبة تضاعف ما قبلها.
* عادت اللجنة الاستشارية التشكيلية المشكلة حديثاً في جمعية الثقافة والفنون وبدعم من رئيس مجلس الإدارة الأستاذ محمد الشدي للاجتماعات وبحث أمورهم التي تعني هموم التشكيليين- وإذا كانت هذه اللجنة تحمل في قادم أيامها ما يحقق التقدم لهذا الفن فإن في المقابل تخوفاً من أن تفشل اللجنة كما فشل الكثير من المحاولات قبلها لوضع خطط سليمة للنهوض بهذا الفن والمراهنات كثيرة والشامتون أكثر الا أن العزيمة والاصرار هو الشعار الذي يلوح به الاعضاء في كل اجتماعاتهم السابقة واللاحقة والزمن هو الحكم,, فلننتظر.
محمد المنيف