تأكَّد من التاريخ د, فهد حمد المغلوث |
المواقف النادرة المضحكة في حياة الانسان تكاد تكون قليلة مقارنة بالمواقف الأخرى التي تجلب النكد والهم والحزن خاصة في هذا الزمن.
وهذه المواقف النادرة المضحكة والجميلة في آن واحد، رغم ما تسببه لك من حرج مع نفسك ومع الآخرين، إلا انها تريحك إلى حد بعيد ليس لانك سعيد بها فحسب، بل لانها تجعلك تضحك من كل قلبك كما لو كنت تضحك لأول مرة في حياتك خاصة إذا كانت تلك المواقف قد حدثت برفقة شخص آخر يذكرك بها ويعيدها عليك بكل تفاصيلها المحرجة لدرجة تتمنى انه لو لم يكن معك.
وبالمناسبة ليس كل شخص منا لديه الرغبة او الميل اوحتى التفكير في ان يخبر الآخرين باللحظات المحرجة في حياته حتى لو كانت مضحكة، فما بالك بان يرسلها مسجلة صوتا وصورة لمن يريد الاطلاع عليها كما يحدث مع المشاركين في برنامج.
نعود لموضوعنا الاصلي وهو انني حينما اقول لك تأكد من التاريخ فهذا لا يعني أنني أدعوك للتأكد من صلاحية سلعة قد اشتريتها والتأكد أنها ما زالت بحالة سليمة قبل استهلاكها، ابدا، فما أقصده شيء آخر تماما، وان كانت هناك علاقة مشتركة بينهما هي التنبه وعدم الاستعجال وإلا، فإن اهمالك في التأكد من هذا التاريخ او عدم اعطائك الوقت الكافي له سوف يضعك في موقف محرج ومضحك سوف يظل عالقا في ذهنك إلى ما شاء الله, والحمد لله انه موقف جميل ولا يدعو للقلق.
ولكي أبين لكم ما أقصده تحديداً دون اطالة دعوني لو سمحتم ان أخبركم بموقف حدث لي أو بالاحرى حدث لصديقي كونه هو المعني به اكثر مني ومفاد هذا الموقف انني كنت منذ ايام مضت في اجتماع ما وإذا بجرس الجوال يرن وقد كان بعد انتهاء الاجتماع وتحديدا بعد صلاة العشاء، رفعت السماعة وإذا بصديقي الدكتور على الجانب الآخر، يرحب بي ويرجوني ان اصاحبه في حفل رسمي في احدى السفارات العربية كونه مدعواً رسميا ومرسل له بطاقة باسمه لحضور احتفالاتها بيومها الوطني.
كان صديقي مسرورا جدا بالدعوة، ولقد اكبرت فيه دعوته لي لمشاركته تلك الحفلة, المهم اني وافقت على طلبه وطلبت منه فقط ان اشرب كوبا من الشاي او العصير كان معدا لنا، إلا ان اصراره على الحضور بسرعة وعدم وجود الوقت الكافي جعلني اغادر مكان الاجتماع بسرعة كي ألحق به لانه كان بانتظاري.
ورغم انني كنت في طريقي إليه، إلا انه كان قلقا، فقد كان يتصل بي ليطمئن هل وصلت وهل انا قريب منه ام لا، لدرجة انه ادخل التوتر لنفسي وجعلني اشعر بالذنب كوني سوف اضعه في موضع محرج حينما يصل الى هناك متأخراً خاصة والبطاقة محددة الوقت.
المهم وصلت إلى المكان الذي كان ينتظرني فيه، ووجدت صديقي مستعدا وقد ارتدى احسن ثيابه وكأنه ذاهب لحفل زواج، أوقفت السيارة فركبت معه ومنذ الوهلة الاولى التي وضعت فيها قدمي داخل السيارة تحرك بسرعة، وكأنه يقول لي في نفسه لو أدري لذهبت بنفسي! .
ولكم ان تتخيلوا ونحن في طريقنا لحفل السفارة، كان يسرع ويأخذ اقصر الطرق كما لو كان سوف يذهب لمطار ويلحق بموعد طائرة، خاصة وهو لم يأخذ بطاقة الصعود، فكيف وهو يملك بطاقة الدعوة!
ربما تستغربون من تكراري لبطاقة الدعوة تلك، ولكن هذه البطاقة لها قصة اخرى سوف تعلمونها لاحقا.
المهم اننا وبعد رحلة من التوتر والقلق وصلنا لمكان الاحتفال ولم نر ما يشير إلى وجود حفلة فتجاوزنا المكان، إلا انه رجع مرة اخرى إلى ان وصل إلى بوابة السفارة المذكورة واقترب منها واشار إلى الحارس وطلب منه ان يفتح البوابة، فاقترب الحارس وسأله عن السبب فرد الدكتور بأننا مدعوون ولا يجب الانتظار اكثر من ذلك وحينما بدا على الحارس الاستغراب اخرج الدكتور بطاقة الدعوة وأراها الحارس وقال له انني مدعو للاحتفال باليوم الوطني، حينها رد الحارس بقوله، ولكن الحفل كان الاسبوع الماضي في مثل هذا اليوم وليس اليوم، حينها لكم ان تتخيلوا الموقف المحرج الذي اوقعنا فيه هذا الزميل هداه الله.
وفي هذه اللحظة بالذات وقبل ان نرد على الحارس لم نشعر إلا ونحن نضحك من الاعماق بشكل هستيري ومتواصل، اما الحارس هو الآخر لم يتمالك نفسه واخذ يشاركنا الضحك وكأنه يقول لنا الله يخلف عليكم او كأنه يقول تعيشون وتأكلون عليها .
طبعا زميلي الدكتور بعد هذا الموقف اصبح يتلفت يميناً ويساراً لكي يتأكد من عدم وجود أحد وشاهد الموقف, والحمد لله ان الوقت كان ليلا وظلاما، فقد رجع قليلا للخلف ثم رجع قافلا من حيث أتى وهو غير مصدق للموقف، بل انه كان يقول لقد كنت من شدة حرصي بالموعد ان اوصلت اهلي للمنزل بسرعة ولم أكمل مشواري معهم خشية ان يفوتني الموعد.
كل هذا شيء والبطاقة شيء آخر، فصديقنا رغم الموقف الا انه كان يحدث نفسه ويقول: ولكن البطاقة تقول اليوم، كيف! لابد أن أتأكد من الرقم ولكن غير معقول، لا يمكن! وهكذا اصبح يكرر هذه الجملة ويستغرب وأنا أقول في نفسي بسم الله عليك عسى ما يجيك شيء بسبب هالبطاقة، الله لا يعيدها!
وبيني وبينكم رغم ما سببته لنا هذه البطاقة من توتر وقلق واحراج، إلا انني نظرت للموقف نظرة ايجابية وضحكت من كل قلبي لدرجة انني من شدة الضحك لم اتمالك دموعي بل انني شعرت بألم على جانبي البطن، نعم نظرت للموقف نظرة ايجابية لانني على الاقل وجدت موضوعا طريفا نادرا أتحدث عنه هذا الاسبوع مع الاخذ بالاعتبار الفوائد المجنية منه وماذا يعني بالنسبة لنا.
المهم ماذا حدث بعد هذا الموقف وأين ذهبنا فهذا اعتقد انه موضوع لا يعنيكم ولا داعي لان اشغل بالكم به لان ما حدث فيه موضوع آخر طبعا انا لا اريد ان اضيع وقتكم بموقف شخصي لا علاقة لكم به، ولكن ليس الموقف المذكور هو ما أريد ان اتحدث عنه، بقدر ماذا يعنيه مثل هذا الموقف الذي قد يحصل لي ولك او ربما حصل وأكثر من مرة وبطرافة أكثر!
ان مثل هذه المواقف تدل على ان الانسان اما انه حريص اكثر من اللازم ومتلهف على الشيء الموعود به فتراه لا يتأكد منه بل يكتفي بالاطلاع عليه او انه انسان غير منظم اصلا ولا يضع جدولاً يومياً له خاصة تلك الارتباطات الرسمية التي تعني له شيئا مهما او انه انسان كثير المشاغل والمسؤوليات ويعتمد في ادارة وقته على البركة وهذا ما يحدث للكثير منا في حياتهم اليومية.
صحيح ان مثل هذه المواقف قد تحدث لاي منا مهما كان مستعدا لها ومهما كان منظما لان الحياة مواقف ولكن هذه المواقف لا تحدث باستمرار مع نفس الشخص وإلا لاصبح هناك خطأ ما في هذا الانسان ذلك الخطأ قد يتمثل في اسلوب تفكيره او نمط معيشته وتنظيمه لامور حياته اليومية.
فنحن وبدون ادنى مبالغة بحاجة لان نعيد تنظيم حياتنا على نحو يجعلنا نستفيد من وقتنا ونستثمره، ذلك ان الوصول للاماني وتحقيق الرغبات يتطلب تنظيماً في الفكر قبل التنظيم في العمل وادارة الوقت، فتنظيم الحياة شرط لنجاحها.
ولكن دعوني اقول لكم بكل صراحة ان الانسان منا بحاجة لمثل هذه المواقف كي يضفي لحياته طعماً آخر,, ولكي يستطيع ان يضحك من كل قلبه بصدق.
ان الانسان منا احيانا بحاجة لان يضحك على نفسه لكي يعرف نفسه، ويعرف من هو، وأين هو فتلك المواقف رغم بساطتها وعفويتها تصبح بمثابة المرآة الصادقة لنا والانسان حينما يضحك مع نفسه يختلف حينما يضحك مع غيره الا توافقونني الرأي؟.
عموما قبل ان اغادركم دعوني احذركم بشيء حينما يدعوك صديق لمرافقته لمناسبة ما قبل ان توافق تأكد من التاريخ فهل عرفتم المقصود.
- همسة -
أحيانا,, ورغم إرادتي,.
قد تجبرني الظروف,.
فلا ألتقي بك,.
كما وعدتك,.
***
قد تأخذني المشاغل,.
فلا أسأل عنك,.
كما عودتك,.
***
قد تخونني الذاكرة,.
فأنسى ميعادي معك,.
كما عاهدتك,.
***
ولكن حينما تعلم,.
ان هذا لم يحدث,.
سوى مرة واحدة,.
وحينما تتأكد,.
أني لن أدعه يتكرر,.
مرة أخرى معك,.
***
حينئذ,.
سوف تعرف ان ما حدث,.
سوف يكون درسا لي,.
أذكر به نفسي,.
كي أعرف قيمتك أكثر وأكثر
***
بل حينما تلمس بنفسك,.
ان لقائي القادم بك,.
وسؤالي عنك,.
وموعدي معك,.
سوف يكون,.
أجمل مما تتصور,.
وأحلى مما تتخيل,.
وأعذب مما تحلم,.
حينها فقط
سوف تعرف من أنت!
|
|
|