* بكين- اليزابيث زينغ- أ,ف,ب
يستعد النظام الصيني لاحياء الذكرى الخمسين للشيوعية عبر احتفالات مهيبة الضخامة رغبة منه في اعطاء الصين صورة بلد في طور التحديث السريع بالرغم من اتخاذ اجراءات امنية استثنائية.
فبعد اشهر من اعمال التنظيف والتزيين والتجميل، جرى خلالها زرع عشرات آلاف الاشجار وتعليق شرائط الزخرفة والانوار المبهرة الالوان على طول الجادات الكبرى، بدت بكين في حلة جديدة في انتظار الاحتفال بالذكرى في الاول من تشرين الاول/ اكتوبر المقبل.
وهذا ما حدا بوانغ دونغهانغ 65 عاما وهو من سكان بكين قدم على غرار آلاف آخرين لزيارة جادة وانغفوجينغ التجارية الكبرى بوسط العاصمة الصينية الى القول لم اعد اعرف المدينة .
فقد اعيد تجديد هذه الجادة الكبرى التي دشنت الاسبوع الماضي بحيث لم تعد تخفي طموحاتها في ان تصبح منافسة لجادة الشانزليزيه الباريسية بوجود عشرات المباني الجديدة ومراكزها التجارية الضخمة التي نبتت كالفطر بعد ان كانت الحوانيت الصغيرة القليلة في جادة وانغفوجينغ تتنافس على جذب الزبائن قبل خمس عشرة سنة.
وباتت وانغفوجينغ رمزا لعاصمة ارتدت حلة جديدة وتريد ابهار العالم بجمال زينتها واحتفالاتها التي تتسم بالبذخ والابهة وتتراوح تكاليفها بما بين 36 مليون دولار بحسب الارقام القياسية و 6 مليار دولار بحسب منظمة مدافعة عن حقوق الانسان في الصين.
وفي هذا الخصوص عبّرت موظفة في الخامسة والاربعين من عمرها عن استيائها قائلة انه فعلا هدر للاموال في الوقت الذي يعاني فيه الكثيرون من البطالة ، وذلك بالرغم من انها استفادت من زيادة الرواتب بنسبة 30 في المئة التي قررتها السلطات لاستمالة الشعب قبل الاول من تشرين الاول/ اكتوبر.
ومنذ ايام عدة تعم مظاهر الاحتفال بالذكرى وسط بكين الذي يشع نورا والمفرط الزينة على انغام ايقاعات موسيقية تبث عبر مكبرات الصوت في بعض الاماكن الاكثر ارتيادا في المدينة.
واضافة الى ذلك فان سكان بكين الذين تعودوا على العيش في مدينة تعد من اكثر المدن تلوثا في العالم، ينعمون في هذه المناسبة بهواء نظيف، على غير العادة، اذ ان السلطات طلبت من الشركات المسببة للتلوث التوقف او التخفيف من انشطتها اعتبارا من 21 ايلول/ سبتمبر الجاري لضمان نجاح الاحتفالات .
وتتضمن هذه الاحتفالات عرضا عسكريا ومدنيا ضخما يضم اكثر من مئة الف شخص يستعرضه كبار المسؤولين في النظام الذين سيحتشدون عند بوابة تيان آنمين حيث اعلن ماو تسي تونغ جمهورية الصين الشعبية في العام 1949.
اما اوج الاحتفالات فسيتمثل بعرض عسكري كبير يظهر قوة الجيش الصيني الذي سيعرض مئات الدبابات والصواريخ للمرة الاولى منذ 15 عاما فيما ستحلّق طائرات حربية في سماء بكين.
لكن - ولاسباب امنية - سيتمكن حوالي اربعمائة الف شخص فقط اختيروا بعناية فائقة من حضور الاحتفالات، فيما سيكتفي الآخرون بمشاهدتها عبر شاشات التلفزيون التي ستنقلها مباشرة.
فضلا عن ذلك، وامام خيبة أمل السياح الاجانب الذين قدم كثيرون منهم خصيصا للمناسبة، سيقفل وسط بكين كليا اعتبارا من الساعة 00,00 غداً الجمعة بالتوقيت المحلي 16,00 من يوم الخميس بتوقيت غرينتش بينما اخطرت الفنادق المحيطة بجادة شانغان زبائنها بوجوب مغادرة غرفهم طيلة فترة العرض لاسباب امنية.
وتفاديا لاي حادث قامت السلطات الصينية خلال الاسابيع الاخيرة بحملة تطهير للاشخاص غير المرغوب فيهم في بكين شملت المتسولين والعمال المهاجرين وحتى المختلين عقليا ناهيك عن المعارضين السياسيين التقليديين امثال المنشقين والانفصاليين المسلمين الاويغوريين.
ومنذ 15 ايلول/ سبتمبر الجاري لم يعد يسمح لاي مجموعة من السياح الصينيين بالتوجه الى بكين في حين يستعد كثيرون من سكان العاصمة الصينية المرغمين على الاكتفاء بمشاهدة وقائع الاحتفالات عبر شاشات التلفزيون على اخلاء العاصمة مستفيدين من عطلة السبعة الأيام التي قررها النظام اعتبارا من الجمعة.
الى ذلك بدأ آلاف من رجال الشرطة ينتشرون بلباسهم في ارجاء المدينة وحتى في الفنادق والمقار الدبلوماسية, وسيساعدهم الجمعة حوالي 500 الف متطوع مدني يضعون على سواعدهم شارات حمراء.
يبقى ان الذكرى الخمسين للشيوعية ستكرس هيمنة الرئيس جيانغ زيمين على الساحة السياسية كما سبق وثبتت الذكرى الخامسة والثلاثين زعامة دينغ تشاو بينغ كما ستشكل خصوصا فرصة للصين لابهار باقي العالم.
|