عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,, وبعد
مرحلة الثانوية العامة هي المرحلة الحاسمة للطالب وعائلته، حيث يوليها الجميع كثيرا من الاهتمام، فإذا وصلها الطالب اعلن وأسرته الطوارئ لاجتياز هذه المرحلة بسلام وإحراز نسبة تؤهله إلى دخول الجامعة لان مرحلة الثانوية العامة هي بوابة المستقبل للطالب إذا اجتازها تفتحت له ابواب كثيرة وإلا تغلق امامه أبواب عدة، فبالمعدل العالي الذي يحصل عليه تفتح له الابواب فإما ان يكون له وجهة يقصدها وباعتقاده انه يستطيع اجتيازها حسب قدراته ومعرفته بها او تجده في تخبط لا يدري اي سبيل يسلك لعدم استعداده ولعدم معرفة قدراته وامكاناته وغاب عنه التوجيه السليم سواء من قبل البيت او المدرسة ولم يكتشف احد مواهبه وقدراته، فتجده يدخل عدة ابواب من باب إلى باب من كلية إلى كلية ومن جامعة إلى جامعة وقد تكون من معهد إلى معهد حائرا لانه دخل الكلية الفلانية ارضاء لأبيه او ربما دخلها مسايرة لزملائه او ربما دخلها رغما عنه حسب معدله فتجده دائم التشكي والاضطراب يحاول ان يتملص من مسؤوليته تجاه نفسه بأن المواد صعبة او ان الدكتور الفلاني يضطهده وتضيع عليه السنوات هباء ويخسر ماديا ومعنويا، وتزيد حسرته وهو يرى زملاءه الذين حددوا اتجاههم سبقوه وربما وصلوا إلى المرحلة العملية وهو مازال في الطلب والاضطراب,,, فما بالك بالطالب الذي حصل على المعدل المتدني الذي لا يؤهله لدخول الجامعة؟ إن هذا يعتبر نفسه انه اغلقت امامه ابواب التعليم والطلب واصبح عاطلا عن العمل ويجد نفسه اصبح عالة على مجتمعه لا فائدة منه فتبدأ الهواجس والهموم تلاحقه بدءا من شبح الفراغ والحاجة فإذا لم يجد التوجيه السديد فهذا الشخص المتخبط والمتوتر نفسيا سيقع في براثن الضياع ويحس ان حياته هامشية لا نفع منها.
بعد هذا يبرز سؤالان جديران بالبحث والاجابة عنهما وهما ما مصير هؤلاء الطلاب؟ ومن المسؤول عن توجيههم؟
في اعتقادي ان التوجيه يكون من البداية,, من المراحل الاولى تغرس في النشء طريقة التخطيط السليم في جميع امورهم في اعمالهم وفي مستقبلهم لايسلك طريقا إلا اذا اتبع اسلوب التخطيط المسبق ليكون طريقه واضحا وضوح الشمس.
يوجه الطالب الى كيفية اكتشاف قدراته ومواهبه ودعوته لتنميتها وصقلها بالعلم والمعرفة ثم استغلالها الاستغلال السليم بما ينفع سواء في مجال علمه او عمله.
نغرس فيه الجد والاجتهاد والمثابرة والتطلع إلى اعلى بصبر وأناة وعمل.
ينبه إلى واقعة وحاجة المجتمع إليه وإلى قدراته ونشاطه إذا وجهه وجهة صحيحة وارشاده إلى ألا يسلك طريقا الا ويعرف نهايته ومبتغاه لا يسلك طريقا إلا الطريق الذي يأمن فيه من التخبط والضياع لا طريقا مجهولا يضيع عليه وقته وحياته وثمرة مجهوده.
نضيء له الطريق ونترك له الاختيار ليسلك الطريق الذي يعرف ويهوى، نعلمه الاعتماد على النفس ونزيد من ثقته بنفسه, وهذا بالطبع يكون بعد غرس حب الله في قلبه وطاعته وتقواه لتكون اموره كلها مبنية تحت ظل الشريعة الاسلامية.
بعد هذا يبرز السؤال الآخر وهو من الذي يتولى التوجيه والارشاد؟
البداية تكون من الاسرة باكسابه الثقة بالنفس مع ترك الحرية له بالاختيار مع التوجيه والارشاد وإذا لزم الامر استعملنا اسلوب الثواب والعقاب التربوي لتقويم الاعوجاج في سلوكه وتوجيهه إلى الطريق القويم.
بعد هذا يأتي دور المدرسة وما تغرسه من اخلاق نبيلة وتربية صالحة وتوجيه سليم من قبل معلمه الذي يغذيه بعلوم شتى بأسلوب تربوي وما يعطيه من جرعات تربوية بين فينة واخرى وخاصة في المرحلة الاخيرة من الثانوية العامة ولا ننسى دور المرشد الطلابي الذي يتلمس احتياجات الطلاب ويقوم بتوجيههم ومساعدتهم إذا لزم الامر ويوفر لهم المطويات والنشرات من جهات شتى سواء جامعية او معاهد او غيرها مع ما يقوم به من زيارات للمنشآت التي وفرتها الدولة حفظها الله من اجل ابنائها لاسعادهم ورفعتهم وتحقيق أمانيهم حتى يكونوا شبابا منتجين في المستقبل يعملون على رفعة وعزة بلدهم ودينهم.
بعد ذلك يأتي دور الاعلام وما يقوم به من رفع وعي المجتمع ومنهم الشباب وتعريفهم بالصوت والصورة على المرافق التعليمية من جامعية ومهنية وما وفرته حكومتنا الرشيدة من منجزات جبارة جديرة بتوعية طلابنا بها بأسلوب جذاب واخراج جيد، وعقد الندوات وبحث امور الشباب الواقعية وحل مشاكلهم، فالاعلام هو المصدر الثاني للمعلومات والثقافة في اغلب الاسر.
ثم يأتي دور المرافق التعليمية الجامعية منها والمهنية بالتعريف بتخصصاتها واعلان شروط القبول ودعوة المدارس لزيارتها وارسال الاستمارات والمطويات لطلاب الثانوية العامة مع مندوب يقوم بالشرح والتفسير لجميع ما يدور في خلد الطلاب من تساؤلات واستفسارات عن المرفق الذي اتى من اجل ان يستفيد منه.
ويجب ان يوجه الطلاب من قبل الجميع بأن الشهادة الجامعية ليست هدفا يجب ان يحققه الشخص بغض النظر عن قدراته وحاجاته كما يجب ان يوضح له ان المجتمع ليس بحاجة لأن يكون جميع أفراده جامعيين، بل يجب ان يوضح لهم ماذا لو كان جميع افراد المجتمع اطباء او كلهم مدرسون او كلهم مهندسون هل يتحقق التوازن في المجتمع هل فعلا جميع افراد المجتمع لهم قدرات وامكانات وحده فكل فرد وكل شخص له قدراته الخاصة به فمنهم من يتحمل عبء التعليم وله القدرة على العلم والارتفاع الى اعلى المراتب ومنهم من له قدرة على التجارة والاعمال الحرة والوصول الى مصاف رجال الاعمال الكبار ومنهم من يبدع في الاعمال الفنية، فقد يصل إلى مخترع او مكتشف وهكذا فالمجتمع هو مجتمع متكامل ومتعاون ومتبادل المنافع فلابد ان يكون هناك طبيب ومهندس ومعلم وميكانيكي وسائق وهكذا حتى يكون المجتمع مترابطا متكاتفا متعاونا يكتفي ذاتيا بأبنائه لبناء مجتمعهم لان افراد المجتمع هم الاقدر والاخلص في بناء ورقي مجتمعهم وبلدهم,, هذا ما يجب ان يعرفه ابن الوطن حتى يكون عضوا فعّالا في مجتمعه وعليه ألا يستعيب اي عمل شريف يقوم به داخل وطنه، فالعمل هو البناء والعطاء وتوفير لقمة العيش بعز وكرامة يعتز به افراد مجتمعه ويتباهى الوطن بأبنائه,, فالعمل مهما قل شأنه من الناحية المادية او المعنوية هو افضل بكثير من البطالة والفراغ وان يكون عالة على مجتمعه وأهله فالذي يبدأ صغيرا لابد ان يكبر الى ان يحقق ما يصبو إليه ويتمنى بالصبر والمثابرة.
أتمنى للجميع التوفيق والرقي والنجاح,,, والسلام ختام.
محمد علي القضيبي
القصيم - البكيرية