Sunday 10th October, 1999 G No. 9873جريدة الجزيرة الأحد 1 ,رجب 1420 العدد 9873


مسرح ومردح
الله أكبر على حاضركم الأدبي أيها الرواد نقاد الرواد,.
محمد العثيم

هل قرأت او سمعت - هذه الايام - عن اتجاه متنامٍ لاجترار الدراسات عن الأدب السعودي في بداية القرن (منجز من بعد جيل النهضة العربية) أو ما يسميه أصحاب هذا الاتجاه المنجز الأدبي والفكري للمملكة وهو في حقيقته - الآن - منجز أدبي تاريخي له قيمته في شهادته على عصره، وقيم معاصريه وأقول عجبي؟ من منا سيعترض على تكرار الدراسات الأدبية النافعة وتعددها إذا ما جاءت برغبة أصحابها الذين يدفعهم تصور جديد أو وعي بمسألة غائبة مع توفر حسن النية والتزام المنهج والبعد عن اجترار الفكر الواحد الضيق أو الاتجاه الواحد في ايديولوجي الإبداع.
هذا جانب بريء لكن المسألة في بعض خطبها الحماسية تبدو للمتابع حملة موجهة وسماتها الواضحة أنها حملة قبورية الأصل والمنشأ والولادة والاتجاه يحسها من يعانون من إفلاس الإبداع النافع للبقاء في مرحلة أحبوها,, وامنوا لها,, أو حتى مجرد النفخ في هشيم القديم الرطب الذي تعمه رومانسيات و(رخويات) أول القرن من الفاظ الترك والعجم المفتوحة التاء بدل الهاء المهملة.
نعرف أنه من أجل أرواح الأدباء الموتى وللعيش من أحداقهم كانت إدارة الكثير من الحملات ضد الصالح والطالح من الإبداع لأنه (أي الإبداع) يهدد سلطة الفئة المتيبسة من عبدة قبور الثقافة والتمسح بانصابها لمجرد أنهم عاشوا من مكوسها وهبات أضرحتها ولا يريدون أن تميد منافعها من تحت أقدامهم في آخر العمر بعد أن كانوا سدنة لزمن ليس بالقصير.
الدعوة لإعادة اجترار الدراسات للأدب البكر وابداعه تأتي من بعض الأقلام من الذين يخافون أن تكشف ضحالة مساهمتهم في مسيرة النقد والإبداع مع رغبتهم بالبقاء على سدة السلطة الأدبية لأطول فترة عسى أن يرشحهم (أو يرشخونهم) للجائزة العالمية الكبرى المنسوبة لنوبل.
من يتكئون على أنصاب القبور الأدبية في الساحة الثقافية عندنا معروفون وهم يؤخرون الركب ولهم ميزات تذكر في الوشاية والتواشي وميزات في مواقف الغنوص والندب، ولم يستفد أحد منهم من الحكمة العظيمة التي جاء بها الدين وهي أكرام الميت بتعجيل دفنه وازالة الأنصاب المميزة من القبور لا العيش في معامل تحنيط (وأحيانا تمطيط) الفكر وتجميده.
واستثني هنا من ميزه الله بعلم نافع ورفع رأسه من ترابه بذكر طيب, فسيبقى في ضمير أمته وآدابها حيا أو ميتا مثل عشرات على رأس قائمتهم لا مقامهم الشاعر حمزة شحاتة وأحمد السباعي وغيرهم كثير لأن هؤلاء تدين لهم نهضتنا بالكثير.
أقول باختصار أن الجميع يعرفون كتاب الندب من أسماء الأدباء والمثقفين والحارات (الفولكلورية) وهؤلاء رغم نواحهم لم يستطيعوا احياء ميت واحد ولكن من أراد الله له الذكر رفع رأسه طويلا من موته دون أن يسنده أحد ومن كان الخير في نسيانه فقد نسيه العباد ولله في خلقه قدروشؤون.
قال السباعي رحمه الله لكم في أول هذا القرن (دعونا نمشي) وعنون بها أحد كتبه نعم نريد أن نخطو خطوتنا نحو العالم بثقة فثقافتنا رغم تميزها (لا أقول بالخصوصية) هذه الثقافة ليس لها إلى الآن منجز حديث يعتد به ويمكن الاستناد إليه وكل ما نفعل التباكي وإعادة مضغ الجمل في سدرة (الراكب والجمل) والعجاز في المجاز وجمال ما نظمته العرب المتأخرة من أرجاز مع أن الجمل لم يعد هنا والراكب أخذه عالم واسع الأرجاء (من نظم الحياة) دون رجعة.
المشروع الثقافي لن يوجه بآراء إعادة القديم ودراسته أو تقليده ولا بالوقوف في طريق ارهاصات التجاب والإبداع الحديث ووصمها بشتائم الفساد والضلال لأننا لم ننتجها نحن (كراكيب الثقافة وعجزتها) بل بتشجيع صنوف الإبداع والفكر المتفوق وتركها لزمنها لتفرخ ويبطل باطلها ويبقى تراكمها النافع فنقول إن عندنا منجزاً لا تمارس الدعاية له أصوات القديم والباحثين عن باقي الذهب في الأسنان بين فكي ميت تولاه أمر ربه هم العاجزون فقط.
المنجز الحالي في تراكمه تولته - حتى الآن - دراسات تاريخية وصفية كافية,, ووجد به النقاد المعتمد عابهم من أهل مناهج الحديث ما يغتبر عيونا فأشاروا له وتركوا ركاما وغثاء كثيراً (لمزبلة) التاريخ سيلحق به الكثير من أصحابنا معوقي مسيرة الحياة والمتباكين على الأحداث الآمنة.
إنه من العيب أن يشغل كل العالم بحاضره الأدبي والثقافي ونبدأ بنبش قبورنا عل بها ما ينفع,, ونتجاهل الأدب الجيد والمقالة القيمة والإبداع المتفوق لعناصر سعودية شابة متطلعة في أواسط عشريناتها وثلاثيناتها ولديها ما يقرأ ونترك كل هذا حتى ييأس أصحابه من مخطوطاتهم وأدبهم وينسوها منصرفين ومع ذلك ندعو الأساتذة الأجلاء من شباب بداية القرن لإعادة دراساتهم التي لم تقدمنا خطوة واحدة في مقياس ما قدمه (مشروع الأدب والإبداع والفكر الحديث) الذي رضينا أم أبينا سيكون (أي الإبداع والفكر الحديث) هو سلاحنا لمواجهة العصر المتفجر الذي سقط من أمام طوفانه سد حماقات الرقيب المثقف المتسلط على نفسه وثقافته ليعرقل مسيرتها مع أنه يقول أنا المثقف راجعو الأمر ولا تعيدوا طبع أو دراسة تراثنا الأدبي قبل أن تهتموا بالمعاصر.
الزمن ليس لنا ولا لكم، بل لمن سبقوا أيامهم ليستشرفوها بما لا نراه وامعنوا (كالأطفال الأشقياء) تكسيرا بمألوفكم الجبسي التكوين ليكتشفوا أن دجلا ثقافيا مورس لترسيخ أسماء أدبية وفكرية ليس لديها الكثير وأن كسر أباريق الجبس والفخار لم يبن عن أي مضمون نوعي لننسبه حتى إلى تراكم ثقافتنا الإسلامية والعربية.
ان أقسى حالات المرض النفسي أن نكذب الكذبة الثقافية ونصدقها لمجرد أن الناس صدقونا ولكن الرجوع للحق خير من التمادي في باطل الادعاء.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved