Sunday 10th October, 1999 G No. 9873جريدة الجزيرة الأحد 1 ,رجب 1420 العدد 9873


اليوم العالمي للصحة النفسية
المسنون,, الفئة المنسية

(زار الجنرال - الرئيس لاحدى جمهوريات الموز - مدرسة ابتدائية فأمر بصرف ألف دولار لاصلاح وضع المدرسة المتهالك, وفي ذات اليوم زار مبنى السجن فأمر بصرف مليون دولار لتحسين احوال السجن, وأثار هذا التباين اهتمام مساعديه وسألوه فأجابهم: لأني لن أعود إلى مقاعد المدرسة مرة أخرى!.
طرفة قديمة ظهرت في الغرب تسخر من الانقلابات المتوالية في جمهوريات الموز).
***
يأتي اليوم العالمي للصحة النفسية وشعاره يدور حول السلامة النفسية للمسنين, وليست المسألة يوما يمر والسلام، بل سيبقى هذا الشعار قائما حتى اليوم العالمي القادم (في عام 2000م) مذكراً بفئة منسية من المجتمع, وكما ان الوقاية لها نفس اهمية العلاج إن لم تفوقه اهمية فإن الشعار المطروح يدعو إلى وضع هذا الامر موضع التنفيذ, ليس هذا فحسب، بل ان أضلاع مثلث الصحة الذي تتبناه منظمة الصحة العالمية تتكون من الصحة الجسدية والصحة النفسية والصحة الاجتماعية, وهذه العوامل تتداخل بصورة متشابكة ومعقدة ويجب وضعها في الحسبان عند التخطيط لاي خدمة صحية لاي فئة من الناس.
ولكل فئة عمرية مشاكلها وصعابها ومتاعبها ولكن الحديث في العالم الثالث كان دائما ما يدور حول البالغين ومتوسطي العمر ثم بدأ الاهتمام بالاطفال, والآن بدأت حاجة المسنين (طبيا هم من تجاوزوا الستين او الخامسة والستين من العمر، بحسب اختلاف المدارس الطبية)،
وتلوح بقوة في الافق,, فالتقدم في الخدمات الطبية والعلاج واختفاء عدد من الاوبئة والامراض المتفشية ادى بمشيئة الله، إلى اطالة متوسط الاعمار (كما هو الشأن، مثلا، في حالة وفيات الاطفال حديثي الولادة)، وبالتالي تزايدت أعداد افراد اولئك الفئة العمرية التي اصطلح على تسميتها بالمسنين.
وفي الغرب يشكل المسنون معضلة حقيقية وأخذوا يطالبون بحقوقهم بل وبمزيد من الحقوق فهم في المقام الاول مواطنون مثل غيرهم كما انهم أدوا للمجتمع ما عليهم ويرفضون ان تأكلهم السنين لحما ثم يرميهم المجتمع عظما.
وكثيراً ما يظهر على شاشات التلفزيون الغربية عدد من كبار السن من المحاربين القدامى ليقولوا نحن بذلنا دماءنا لحماية اوطاننا وللدفاع عن الحرية ولمحاربة الديكتاتورية ولولا ذلك لاجتاحت جيوش هتلر الاوطان والآن تستكثرون علينا الحق في حياة كريمة وتعتبروننا عالة عليكم!!.
طبعا سيأتي من يقول: حمانا الله! أين الغرب منا في حرصنا على العلاقات الاسرية وديننا الحنيف يحضنا على مراعاة الوالدين كبارا كما ربونا صغارا ومع القائل الحق كله، بيد ان المسألة ليست بتقبيل رأس الجد وخشم الأب، او مساعدته على القعدة في المشراق ، او الاخذ بيده ليقعد مع ربعه تحت السيسان فمتغيرات الحياة والمدنية والتطور غيرت كثيرا من المتطلبات وأضافت الكثير من الاحتياجات.
***
وعندما يخطو المرء اول خطوة في فئته العمرية الجديدة يُحال الى التقاعد وحتى قبل ان يهن العظم منه ويشتعل الرأس شيباً (بالطبع التقاعد ليس لأن المرء فقد القدرة على العطاء ولكنه لاتاحة فرصة العمل لأعداد الشباب المتزايدة) وبالطبع يتزامن هذا عادة مع معرفته بأنه ليس في قوته ونشاطه مثل قبل عقدٍ او عقدين من الزمن, ولذا فإن أول ما يستقر في ذهنه انه قادم إلى مرحلة من أسوأ مراحل حياته.
فبعد سنوات من الجد والعطاء والعمل تُقام له حفلة تكريم وقد يمنح هدية ويُقال له: كثر الله خيرك !.
وعلى مستوى الاسرة يحدث ايضا تبدل وتغيير في الادوار, ولسنا هنا بصدد تعداد التغيرات النفسية والاجتماعية والصحية (الجسدية) في هذه المرحلة من العمر فهذا مبحث يطول, ولكن علينا ومن واجبنا توفير حياة كريمة مليئة بالإثارة والنشاط وإيجاد فرص لهم لمواصلة العطاء والانتاج.
ويجب وضع برامج صحية تتماشى مع احتياجات هذه الفئة العمرية، فكما ان هناك على سبيل المثال، تخصصاً طبياً في امراض قلب الاطفال فإن هناك تخصصاً قائماً في الغرب هو تخصص في طب المسنين, وبعض التخصصات، مثل الطب النفسي، تحوي تخصصا فرعيا قائما بذاته هو طب نفس المسنين , (كم لدينا من طبيب متخصص في طب المسنين او طب نفس المسنين؟؟).
وكما ان هناك اندية للشباب ومقاهي لهم وكشتات في الثمامة ومباريات رياضية وحفلات يشهدونها يجب اعداد برامج ومراكز ترفيهية وتأهيلية (ليس المقصود التأهيل في حالة المرض والاصابة فقط) تمكنهم من العطاء في البيت والمجتمع.
إن واجبنا الديني والاخلاقي والوطني يدعونا لان ننظر بجد إلى هذه الفئة المنسية, فإن لم يجد هذا، فإن الواجب الشخصي الأناني يدعونا إلى ذلك, فكلنا، إن شاء الله، سنكون ذات يومٍ أفراداً في هذه الفئة, أليس من الواجب ان نقتدي بالرئيس الجنرال الوارد ذكره آنفاً؟!.
د, فهد سعود اليحيا

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved