Sunday 10th October, 1999 G No. 9873جريدة الجزيرة الأحد 1 ,رجب 1420 العدد 9873


لهاث وراء الكماليات وسباق لإشباع الرغبات
الادخار بين النظريات التحليلية والتطبيقات الفعلية
الحملات الإعلانية الموجهة لأوساط الشباب والعروض الميسرة فاقمت الظاهرة
ملاذ الحياة وبهجتها وزخرف الدنيا صرف البعض عن المبادىء والمثل والتفكير في العواقب

* تحقيق : عبدالله صالح الفنيخ
الادخار عملية تنظيم وموازنة بين دخل الفرد والاحتياجات الاستهلاكية للفرد (رجل أو امرأة) ولكن الإفراط في المصروفات والرغبات والكماليات وعدم القدرة على تحديد الاحتياجات الفعلية والضرورية مشكلة تعاني منها شريحة كبيرة من أفراد المجتمع بل على النقيض من ذلك هناك بعض الأشخاص ذوو الدخل المرتفع يعانون من مشكلة نهاية الشهر حيث إن مرتب زوجته لا يغطي مصروفاته، ولإعطاء صورة أوضح لجوانب الموضوع واستقصاء للأسباب والحلول عمدت الجزيرة لاستطلاع آراء بعض المسؤولين وعينات من المجتمع حول هذه المشكلة والحلول المناسبة لها.
تكدس الكماليات والمسارعة لشراء أفخر المصنوعات
وفي بداية جولتنا توجهنا لفضيلة الشيخ حمد بن عبدالله الجطيلي رئيس محكمة العمار الذي كان له رأي حول هذا الموضوع بحكم عمله وقربه من بعض المشاكل والقضايا وقال:
بناء على طلبكم مشاركتي وإبداء وجهة نظري نحو كثرة الانفاق لدى الفرد السعودي مما يضطره في بعض الأحيان الى ان يقترض من الآخرين مع انه يعتبر دخل الفرد السعودي مرتفعا الخ,, فأقول بعد ان احمدالله حمدا يليق بجلاله واصلي على عبده ورسوله الهادي الى كل خير وبعد: فانه من المعلوم للجميع ان بلادنا ولله الحمد ترفل بنعمة الأمن ووفرة المصادر وحكومة رشيدة تطبق شرع الله وتسعى الى اسعاد شعبها وهذه الركائز تنبثق منها جميع مقومات التطور الحضاري وفتح الأبواب للمنتجات بجميع أنواعها وأشكالها التي ليست مخالفة لديننا القويم وآدابنا النبيلة فأصبحت تتسابق دول العالم صغيرها وكبيرها فقيرها وغنيها بنقل منتجاتهم الزراعية والصناعية الى أسواقنا ولعلنا لا نبالغ ان قلنا ان بعض تلك المنتجات تستهلك لدينا ونتمتع بها وهم لا يستطيعون ان يستهلكوها في بلادهم المنتجة لتلك المنتجات.
هذا عامل مهم وأساسي، والعامل الآخر أمن المواطن لما يراه في هذه البلاد المباركة فيرغب في الحصول على كل ما يراه في تلك الأسواق فنشأ من ذلك تكدس الكماليات في البيوت وشراء افخر المصنوعات والتسابق بين كثير من الناس في ذلك ورواية بعضهم ان قيمة الشخص تكمن فيما يملكه او فيما تحت يده من سيارات او أثاث او قصور او نحو ذلك من صناعات وهذا الأمر دعا بكثير من الناس الى حد الاسراف في المناسبات وهذا يشاهد في مناسبات الزواج ونحوها وأصبح القريبون منهم يقتدون بهم حتى لا يظهروا امام الناس أنهم أقل منهم فحصل التسابق الذي ادى بهم الى انفاق ما لديهم من أحوال واستدانوا من الآخرين فصار الواحد منهم يدفع الأموال ويصرفها بغير ترو وبغير عقلانية فأصبح إما مأسورا في السجن او مأسورا بالآلام النفسية بسبب تحمل الديون التي هي هم بالليل وذل بالنهار.
ونحن ولله الحمد أمة مسلمة لنا منهج قويم من تمسك به حقيقة فلن يحتاج الى الاستدانة إلا في حالات نادرة جدا فالله سبحانه وتعالى يقول في سورة الفرقان آية 67 والذين اذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما) وفي كتاب الله وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الكفاية فقد روى ابو كبشة عمر بن سعد الأغاري رضي الله عنه انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ثلاثة اقسم عليهن وأحدثكم حديثا فاحفظوه: ما نقص مال عبد من صدقة ولا ظُلم عبد مظلمة صبر عليها إلا زاده الله عزا ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر او كلمة نحوها وأحدثكم حديثا فاحفظوه قال: إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالا وعلما فهو يتقي فيه ربه ويصل فيه رحمه ويعلم الله فيه حقا فهذا بأفضل المنازل.
وعبد رزقه الله علما ولم يرزقه مالا فهو صادق النية يقول لو ان لي مالا لعملت بعمل فلان فهو بنيته فأجرهما سواء.
وعبد رزقه الله مالا ولم يرزقه علما فهو يخبط في ماله بغير علم ولا يتقي فيه ربه ولا يصل فيه رحمه ولا يعلم الله فيه حقا فهو بأخبث المنازل.
وعبد لم يرزقه الله مالا ولا علما فهو يقول لو ان لي مالا لعملت فيه بعمل فلان فهو بنيته فوزرهما سواء , رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح ورواه الإمام احمد بمسنده.
وأخيرا أسأل المولى عز وجل ان يجعل نفقاتنا كلها صدقات لديه ويجعلها في ميزان حسناتنا ويجعل منازلنا أفضل المنازل والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نعيش عصر الكماليات ونتسابق لإشباع الرغبات
أما الدكتورة وفاء ناصر المبيريك المشرفة العامة على قسم الطالبات بجامعة الملك سعود تكلمت عن دخل الفرد السعودي وانه من أعلى الدخول في العالم وقالت:
صحيح يعتبر دخل الفرد السعودي في المتوسط من أعلى الدخول في العالم إلا انه وللأسف الشديد فاننا نعيش عصر الكماليات حيث يتسابق كثير من أفراد المجتمع (وبالذات في الأوساط النسائية) الى كل ما من شأنه إشباع الحاجات والرغبات الآنية، وفي اعتقادي ان انتشار هذه الظاهرة مخالفة لأصل من اصول شريعتنا الإسلامية السمحة التي تحث على الاعتدال في الإنفاق لقوله تعالى والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما .
ولكن يتحتم علينا ان نلفت النظر الى ان هذه الظاهرة لها أسبابها والتي يجب الإشارة اليها وذلك مما يعين على اقتراح العلاج المناسب، ومن أسباب ظاهرة الاسراف في وقتنا الحاضر بإيجاز ما يلي:
انتشار الثقافة الاستهلاكية غير الرشيدة واللهث وراء تحقيق كل ما تشتهيه النفس من ضروريات وكماليات وقد ساعد على ذلك الانفتاح على العالم وتقليد الثقافات الأخرى التي تمجد المادة.
ازدياد مغريات الحياة وكثافة الحملات الإعلانية والموجهة على وجه الخصوص للأوساط الشابة، فالحملات الاعلانية والعروض التسهيلية أغرت الشباب والشابات على امتلاك واقتناء سلع ومنتجات ربما لا يحتاجون اليها.
الانشغال بملاذ الحياة وبهجتها والانهماك بزخرف الدنيا وزينتها والانصراف عن كثير من المبادىء والمثل الإسلامية التي تساعد على تنمية السلوك الادخاري لدى الأفراد والذي هو من الضروريات اللازمة لمواجهة أعباء تكاليف الحياة الطارئة كقول الرسول صلى الله عليه وسلم لأن تذر ورثتك أغنياء خير من ان تذرهم عالة يتكففون أيدي الناس .
الملاحظ ايضا ان ظاهرة الإسراف تبرز وتتضاعف بشكل أكبر في المدن والمناطق الكبيرة من المملكة وذلك يعود الى تحول تلك المدن الى مراكز تسوق تضج بمختلف البضائع والسلع الكمالية ذات الجودة والأسعار المتفاوتة والمتاحة لمتناول الجميع.
ايضا هناك قضية مهمة جدا أدت الى تفشي ظاهرة الإسراف وهي تربية النشء على الاتكالية والسلوك الاستهلاكي.
أما فيما يتعلق بقضية علاج هذه الظاهرة فانه كما ذكرت سابقا فإن نصف العلاج (كما يقال) التشخيص الصحيح للداء,, فبتلمس أسباب وعوامل انتشار ظاهرة الإسراف والذي اوجزت بعضها سابقا فإنه يمكن الاهتداء الى العلاج المناسب فنحن اليوم في اشد الحاجة الى جيل واع وراشد ففي صلاحه يصلح المجتمع كله.
لذا فإن في مقدمة الوسائل اللازمة لعلاج هذه الظاهرة العودة الى النبع الأصلي في تربية أبنائنا وإحياء التعاليم الإسلامية الصحيحة في تعاملاتنا اليومية ففي هذه التعاليم توجيه لتربية السلوك الإدخاري وتجنب الإسراف كما في قوله تعالى: ولا تبذر تبذيرا , أيضا من وسائل العلاج الهامة تجنب عوامل الإغراء التي تشجع على المزيد من الانفاق, كما انصح الأفراد الذين يعانون من هذه الآفة ان يدربوا أنفسهم على التخطيط ووضع ميزانية للمصروفات الشهرية والسنوية على حد سواء والالتزام بها بالتدريج حتى يصل الفرد الى مستوى عال من الدقة في الالتزام بالمصروفات المحددة, كما ان ترتيب الأولويات في الانفاق سيعين بعد الاستعانة بالله على ترشيد الاستهلاك.
التخطيط المبكر للأمور المالية
الاستاذ يوسف بن عبدالعزيز الحنطي مدير احد البنوك شاركنا في هذا التحقيق وكان له دور في فكرة هذا التحقيق والاستطلاع وقال: اشكر لكم ثقتكم برأيي المتواضع في هذا الموضوع اتمنى ان تكون وجهة النظر المطروحة تخدم القراء وتخدم تحقيقكم الصحفي,.
واشار الى ان كل فرد منا او عائلة لها مواردها ولها مصروفاتها الشهرية ولكن الاختلاف بين الناس في كيفية استغلال هذه الموارد الاستغلال الامثل وطرق صرفها، بحيث تنحصر في ثلاثة اوجه هي (المصروفات الشخصية، مستحقات الغير، التخطيط المالي) وتختلف نسبة التوزيع بين هذه الاوجه الثلاثة من شخص لآخر فهناك من يصرف على نفسه جميع دخله دون الاوجه الاخرى، وهناك من يذهب اغلب دخله كمدفوعات للآخرين (ايجار، اقساط، هاتف، كهرباء، بطاقات ائتمان وغيرها) وبالتالي لا يستطيع ان يلبي احتياجاته الشخصية او ينفذ مخططاته المالية ان وجد.
لذلك اعتقد ان على الفرد ان يصرف حسب موارده وان يتعود على التخطيط مبكرا لاموره المالية، فمثلا لكل منا اهداف في هذه الحياة يرغب في تحقيقها سواء كان فردا او عائلة كشراء سيارة او بناء منزل او الزواج او تعليم الأبناء,, الخ، ولذلك على كل منا تحديد اهدافه ومدة تحقيق الهدف والمبلغ المطلوب لتحقيق هذا الهدف وهل بالإمكان تحقيقه اذا استغل الفرد موارده بالشكل المناسب ام لا.
فمثلاً لو قمت بتوفير 1000 ريال فقط شهرياً لمدة عشر سنوات فإنك تحصل على مبلغ 120,000 ريال لكن ماذا لو قمت باستثمار هذه المبالغ المتراكمة خلال المدة نفسها بالطبع فإنك ستحصل على اكثر من ذلك بكثير فقط لانك خططت ووفرت واستثمرت في نفس الوقت، إضافة الى انك حققت الأمان لمستقبل عائلتك.
واخيراً ارى ان كل شخص اعلم بظروفه المالية وهو الذي يقرر متى يبدأ وهل لديه القدرة على الالتزام ام لا.
التوازن بين الدخل والاحتياجات
الاستاذة/هدى بنت عبدالعزيز النعيم مديرة القطاع النسائي بمركز الأمير سلمان الاجتماعي أبدت بعض الحلول القيمة والطرق المثلى للإدخار واشارت الى ان موضوع العلاقة بين دخل الفرد وبين الإنفاق الاستهلاكي وما يقصد به تلبية الاحتياجات والرغبات الحالية بالدخل المتاح للفرد ومحاولة ايجاد توازن بينهما هو موضوع معقد ومن الصعب دراسته بصورة مستقلة عن المجتمع وتأثير المتغيرات الاقتصادية على المجتمع السعودي فلو اعتبرنا ان الإنسان يسعى دائما للقيام بتنظيم وإدارة اعماله لتحقيق اهدافه المادية في الحياة وذلك ضمن التقاليد والعادات الدينية والاجتماعية السائدة في المجتمع الذي يعيش وينتمي اليه فإننا بذلك نقول: ان الإنسان يعيش في المجتمع ويتأثر ويؤثر في جميع المتغيرات التي تحدث فيه سواء كانت هذه التغيرات خارجية ام داخلية فمثلا قيام الحروب بين الدول يؤثر تأثيرا مباشرا على اقتصاد تلك الدول المتحاربة ويمتد التأثير الى دول العالم الاخرى فالاقتصاد المحلي لابد ان يتاثر بالاقتصاد العالمي ويؤثر فيه، ايضا من المشاكل التي تؤثر على اقتصاديات الدولة (التضخم) الذي ينشأ عن ارتفاع في الاسعار يؤدي الى انخفاض في القوة الشرائية للنقود، وبذلك يحدث اختلاف واضح بين الدخل النقدي والدخل الحقيقي، فالاول يقيس عدد الوحدات النقدية التي يحصل عليها الفرد مقابل جهد او عمل قام به خلال فترة زمنية معينة بينما الثاني يقيس مقدار السلع والخدمات بل لا يتغير استهلاكه ويبقى كما هو، اما اذا كانت زيادة الاسعار بنسبة اعلى من زيادة الدخل النقدي فيترتب عليها استنفاد مدخرات الافراد (إذا كان هناك مدخرات) او اللجوء الى الاستدانة من الآخرين للمحافظة على نفس المستوى المعيشي واذاً القيمة للنقود تقدر بالحجم الفعلي للسلع والخدمات التي يمكن الحصول عليها بهذه النقود.
من المشاكل الاخرى التي تؤثر تأثيرا سلبيا على الاقتصاد المحلي هو زيادة الضغط على (زيادة استهلاك) الخدمات مثل المياه والصرف الصحي والتلفونات والكهرباء مما يترتب عليها ارتفاع في اسعار تلك الخدمات وبالتالي زيادة المصاريف التي يتحملها الفرد.
هذا مدخل اقتصادي لمناقشة موضوع الموازنة بين الدخل الفردي والاحتياجات الاستهلاكية للفرد والتي اعتقد انه من الضروري على كل فرد (رجل أو امرأة) أن يعرفه ويحاول ان يقرأ كثيرا عن هذا الموضوع حتي يستطيع ان يعالج تلك المشكلة وبالتالي يستطيع ان يوازن بين استخدام الموارد المتاحة لإشباع الاحتياجات البشرية فنتيجة لتعدد وتنوع وتطور رغبات واحتياجات الفرد التي يمكن اشباعها عن طريق استهلاك السلع والخدمات (السلع غير الملموسة) تظهر دائماً مشكلة السعي الى تحقيق توازن بين الموارد المتاحة والاحتياجات اللانهائية فالانسان دائما يتطلع الى مأكل وملبس افضل ومسكن اكثر متعة ولكنه يصطدم بالواقع وهو ان حجم الموارد المتاحة لا يكفي باستمرار لتلبية جميع الاحتياجات البشرية ثم تنشأ المشكلة عندما يحاول ان يوازن بين الاحتياجات اللانهائية وبين الموارد المتاحة والمحدودة، ولكن حتى يستطيع الفرد ان يصل الى المعادلة او الموازنة الصحيحة يجب عليه ان يخطط لانفاقه الاستهلاكي اولاً، بحيث يوازن بين الإنفاق والدخل (من اجل تعظيم المنفعة التي يحصل عليها) فإذا كان المبلغ النقدي الذي ينفقه اقل من دخله فمعنى هذا انه يرغب في الادخار اما اذا زاد الانفاق عن الدخل فسوف يضطر الى السحب من مدخراته (اذا كان لديه) او الاستدانة من الآخرين ولما كان الادخار يعرف بانه هو استهلاك في المستقبل او استثمار لذا قد يكون من الحكمة ان يسعى الفرد دائما الى الحد من الإنفاق وبالتالي زيادة المدخرات.
كما يجب على الفرد (رجلا كان ام امرأة) ان يرتب المنفعة التي يحصل عليها من استهلاكه للسلع والخدمات ترتيبا تنازليا حسب اهميتها له وهذا يقصد به الموازنة بين الخيارات المتعددة فيجب ان يختار او يشتري السلع التي تحقق له اكبر فائدة ممكنة وبسعر منخفض ويقلل من السلع التي لا تحقق له نفس المنفعة او الفائدة وقد يكون سعرها مرتفعاً فيجب توزيع الدخل على جميع الاحتياجات بالقدر الذي يحقق اقصى منفعة او اشباع ممكن في حدود هذا الدخل.
تعويد النفس على اختيار البدائل
فالموضوع يحتاج الى تدريب وتعويد النفس على الاختيار الذكي والصحيح بين البدائل والمغريات المختلفة، فلا مانع من تأجيل شراء العديد من الاحتياجات في الوقت الحالي على ان يتم شراؤها في اوقات اخرى لاحقة وايضا هناك اولويات واحتياجات رئيسة في حياة الفرد يجب عليه ان يسعى الى تلبيتها ضمن حدود الدخل المتاح (من مآكل ومشرب وملبس ومسكن) فإذا استطاع الإنسان تلبيتها وكان هناك فائض يمكن استخدامه في شراء احتياجات كمالية اي يجب على الفرد ان يكون حكيماً في قرارات الشراء والاستهلاك وان يوازن بين اهمية السلعة المشتراة له ولافراد اسرته بذلك يستطيع ان يضمن التوازن بين الإنفاق والدخل بل قد يستطيع ان يدخر جزءاً وفيراً من الدخل يستطيع من خلال استثماره ان يوجد موردا اضافياً للدخل وبالتالي يستطيع شراء تلك السلع الكمالية التي تم تأجيل شرائها لفترة محدودة.
ويجب على الاسرة ان تهتم بتنشئة اطفالها على الاعتدال في الإنفاق، والاهتمام والحرص على الادخار،من خلال تشجيع الطفل وتحفيزه على توفير جزء من مصروفه اليومي ثم تجميع تلك المبالغ ومحاولة استثمارها في صناديق استثمارية تدر عوائد مستقبلية، مع تدريبه على الاهتمام والحرص على متابعة حركة التغير في إجمالي مدخراته نتيجة للعوائد المتحققة من الاستثمار وهذا بحد ذاته عامل قوي ومحفز للاستمرار في الادخار وبالتالي الاقتصاد في الإنفاق.
ومن الضروري طرح فرص استثمارية لتشجيع الافراد على الادخار وبالتالي الاستثمار، فكثيراً ما يكون هناك عزوف عن الادخار وبالتالي إنفاق كامل الدخل بسبب عدم وجود فرص استثمارية جيدة ، ولعدم معرفة الفرد بالفرص الاستثمارية المتاحة ذات العوائد المعتدلة او قد تكون فكرة العزوف عن الادخار بسبب عدم رضا الافراد عن الاستثمار في المجالات الاستثمارية قليلة المخاطرة ولكن معتدلة العوائد او منخفضة العوائد، ذلك كما يعلم الجميع كلما ارتفعت درجة المخاطرة في الاستثمار ارتفع العائد المتوقع وهناك تفاوت بين الافراد في مدى تقبلهم للمخاطرة في الاستثمار.
ومهم جداً الابتعاد عن التقليد والمحاكاة في انماط الإنفاق الاستهلاكي واعتقد ان هذا من اهم الاسباب او المشاكل التي تؤدي الى الإسراف في الإنفاق وبالتالي اللجوء الى الاستدانة او صرف المدخرات السابقة.
فيجب على الفرد ان يتوخى الحكمة والعقل في تحديد احتياجاته التي تتناسب في الدرجة الاولى مع إمكانياته المادية والاجتماعية وبالتالي يلتزم الفرد بإنفاق جزء من الدخل لتلبية الاحتياجات التي يرغب فعلياً بإشباعها وكل فرد هو اقدر واعلم باحتياجاته الشخصية فمتى استطاع ان يوازن بين الاحتياجات والدخل فبالتاكيد سوف يتمكن من الادخار وبالتالي الاستثمار بل اذا كان شخصا ذكيا ومطلعا فقد يستطيع ان يحقق ارباحا وعوائد استثمارية مرتفعة تؤدي الى خلق مورد او اضافة للدخل الرئيسي فيستطيع ان يزيد من إنفاقه ويحسن في مستواه المعيشي بمقدار تلك الزيادة وهكذا يستمر في الادخار ومن ثم الاستثمار ومن تحقيق عوائد وارباح ثم زيادة في الدخل ثم زيادة في الإنفاق وتوسع في المعيشة وهذا ما قصدته عندما عرفت الادخار بانه استهلاك مستقبلي.
آمل أن أكون قد وفقت من خلال هذا العرض المختصر أن أعرض وجهة نظري وأطرح بعض الحلول البسيطة لعلاج تلك المشكلة المستفحلة.
الإعلانات السلعية والمرأة من أسباب الأقساط الشهرية
ولكي يكون الموضوع اعم واشمل شاركنا المهندس / عبدالقوي السيد الشال احد الاخوة المصريين ووضع لنا أسبابا وحلولا وقال:-
لقد لمست جريدتكم الغراء موضوعاً في غاية الاهمية وهو آفة الإسراف,,, أسبابه وآثاره ,, وتلمست سبل علاجه,, حتى تقدم للمواطن وصفة متكاملة,, شخص فيها الداء,, ووصف فيها الدواء,, ولقد كانت سعادتي اكبر من ان توصف لاختياركم احد المقيمين للادلاء بدلوه في مثل هذه القضية بحيدة وموضوعية,, وفي هذا الصدد فان وجهة نظري في الموضوع المطروح عن دخل الفرد السعودي رجلاً كان او امراة والافراط في المصروفات,, مما يؤدي الى العجز عن الادخار بل يؤدي احياناً للوقوع في دائرة الدين ,, فان محاور وجهة نظري تتلخص في الآتي:-
اولاً: الأسباب,, ثانياً : الآثار المترتبة على الاسراف,, ثالثا: العلاج:
ولنبدأ بتعريف الاسراف او الافراط : فهو لغة : ما انفق من غير طاعة,, او هو التبذير ومجاوزة الحد,, سواء كان ذلك التجاوز في الطعام او الشراب او اللباس او السكن.
للإسراف اسباب وبواعث توقع فيه وتؤدي اليه اذكر منها مايلي:-
الفراغ,, الذي لايجد فيه الانسان مايشغله,, فيجعل همه في التفنن في ملء الفراغ بالطعام والشراب وشراء الكماليات التي تفيض عن الحاجة.
محاكاة الغير والتطلع دائماً الى من هم افضل منه مادياً,, ومحاولة الاقتراب من دائرتهم,, لاظهار قدرته على محاكاتهم وانهم لايفضلونه بشيء مما يوقعه في الاسراف,, وبالتالي الغرق في دائرة الدين.
النشأة الاولى,, وأثر التربية الناعمة في ذلك,, فقد ينشأ الرجل او المرأة في اسرة حالها الاسراف والبذخ,, فيشب ويشيب على ذلك,.
السعة بعد الضيق, واليسر بعد العسر,, فقد يكون الاسراف سببه حنين او حرمان او شدة او عسر ثم تتغير الموازين او تتبدل الاحوال فتكون السعة بعد الضيق واليسر بعد العسر,, فيصعب على هذا الصنف من الناس احياناً التوسط والاعتدال,, فينقلب الى النقيض تماماً اسرافاً وتبذيراً.
من الأسباب ايضاً,, صحبة المسرفين ورفقاء السوء,, الذين لايقيمون للحياة وزناً ولا للدين حساباً,.
غياب الوازع الايماني,, القاضي بالاعتدال والوسطية والمحذر من ان من صفات السفهاء التبذير وانهم اصحاب النار كما في قوله تعالى (وان المسرفين هم اصحاب النار) غافر 43.
الغفلة عن طبيعة الحياة الدنيا وماينبغي ان تكون,, وعدم استشعاره دورة الايام والسنين,.
فمن طبيعة الحياة الدنيا,, أنها تتقلب,, ولاتدوم على حال وهي اليوم لك,, وغداً عليك كما قال سبحانه وتعالى (وتلك الايام نداولها بين الناس) آل عمران 140.
الرضوخ لمطالب الزوجة والابناء احياناً لتلبية مطالب تفوق حاجتهم كما تفوق قدراته المادية ,, فقد يبتلى الرجل بزوج واولاد ديدنهم الاسراف وطلب الكماليات.
استعلاء المرأة على الرجل احياناً,, وشعوره تجاهها بالدونية احياناً اخرى,, يجعل الرجل ينفق في محاولة استرضائها,, واشعارها بانه ليس دونها,, مما يوقعه في الاسراف وحبائل الدين حفاظاً على هيبته وهيئته.
استقلال المرأة احياناً بدخل خاص بها,, ودخولها ميدان المنافسة في الانفاق,, والتملك ,, محاكاة لصويحبهاتها دون تدبر او تفكر في عاقبة التبذير.
من الأسباب التي اراها معولاً للاسراف وبالتالي مصيدة للأسرة,, هذه الاعلانات التي ظاهرها فيها الرحمة,, وباطنها من قبلها العذاب,, الاعلانات السلعية المستدرجة ,, وعروضها المغرية باقتناء ماتشاء وبالتقسيط المريح,, ثم مايلبث الرجل او المرأة ان يجدا نفسيهما مطالبين بسداد اقساط شهرية,, تفوق امكاناتهما المادية,.
هذه بعض الاسباب التي تجعل الاسرة رجلاً كان او امرأة او هما معاً,, يقعا في دائرة الاسراف ,, ومن ثم دائرة الدين,, رغم ارتفاع دخلهما ,, وقد سمعت من احد الاقتصاديين,, (لا تشتر مالا تحتاج اليه,, فان فعلت فتعرض نفسك الى بيع ماتحتاج).
آثار عاقبة الاسراف:
ولعل من المفيد أن أبين شيئاً من آثار عاقبة الاسراف فيما يلي:-
الانهيار في ساعات المحن الشدائد ذلك ان من قضى حياته مترفاً ومسرفاً فان الله يتخلى عنه في ساعات الشدة,, فيضعف وينهار لعدم ألفه للمحن والشدائد.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كلوا واشربوا وتصدقوا من غير مخيلة ولاسرف, فان الله يحب ان يرى نعمته على عبده) وتجاوز هذه الموازين والتفريط فيها يعرض الانسان للمساءلة غدا بين يدي الله كما قال تعالى (ثم لتسألن يومئذٍ عن النعيم) التكاثر 8.
اخوة الشياطين - والحرمان من محبة الله سبحانه وتعالى مما يجعل الانسان يعيش في قلق واضطراب وأمل نفس,, فالاسراف فوضى المال وفوضى الخلق وهو أنانية والانانية قسوة في القلب,, ذلك ان القلوب ترق وتلين بالجوع وقلة الغذاء,, وتقسو وتجمد بالشبع فينقطع عن البر والطاعات يقول تعالى (فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله) الزمر 22 ويقول تعالى( ان المبذرين كانوا اخوان الشياطين,, وكان الشيطان لربه كفوراً) الاسراء 27.
الوقوع تحت وطأة الكسب الحرام,, ذلك ان المسرف قد تضيق به او تنتهي موارده,, ولا يجد من يقرضه,, او يعينه فيضطر تحت وطأة الحياة المترفة التي يعيشها والمستوى الذي وصل اليه,, الى الوقوع والعياذ بالله في الكسب الحرام,, والغش والتدليس والكذب,, وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كل جسد نبت من سحت - اي حرام - فالنار اولى به) الوقوع في دائرة الدين,, والذي هو هم بالليل وذل بالنهار مما يجعل صاحبه مهموماً حزيناً,, وكم من قصة قرأناها وسمعناها,, كيف ان الدين او الاستدانة لإشباع غرائز النفس,, وتملك مايزيد على الحاجة,, كيف ان هذا الدين اودى بصاحبه,, من قمة الى وهده ,, ومن حالٍ إلى حال.
أفكار مفيدة لعلاج الأسباب
وأخيراً فانني اسوق هذه الوصفة لعلها تكون علاجاً للأسباب والآثار التي ذكرناها سابقاً,, وهذه الوصفة تتلخص في الآتي:
* لاتشتر مالا تحتاج اليه,, بل اشتر كل ماتراه ضرورياً واستشر اهلك والاصدقاء والخبراء قبل شراء اي جهاز او سيارة او شيئاً ثميناً,.
* قد ترى ضرورة ادخار حاجة استهلاكية خوفا من فقدها او ارتفاع ثمنها فلا تفعل الا لضرورة وعندما لاتجد البديل,.
* لاتتهافت على الاسواق وتجري وراء الدعايات,, فحرمانك من شيء يوقعك في الدين,, خير من حرمانك من راحتك وهنائك ورضاك بالوقوع فيه.
* كلما اردت ان تشتري حاجة قدر في نفسك في تلك الساعة هل الحاجة اهم من النقد,,؟؟ خصوصاً اذا ذهبت هذه الحاجة بكلما معك ,, فلابد ان تعمل حساباً لغد,, ولوقتٍ لاتجد فيه غير ما في جيبك,.
* يمكن تنظيم الانفاق في الاسرة بجعل رواتب محددة للزوجة والاولاد,, وتنظيم وتقدير ما ينفق على السلع الاستهلاكية ويوضع مبلغ احتياطي للطوارئ كالأقدار واي انفاق غير متوقع.
* القناعة والرضا بما قسم الله لك من رزق والقناعة لاتعني القعود عن العمل والرضا باليسير من الطعام والحقير من الملبس والمسكن ولكنها راحة نفسية تأتي بعدالعمل والحصول على مالٍ كاف (وقال صلى الله عليه وسلم: قد افلح من اسلم ورزق كفافاً,, وقنعه الله بما أتهاه).
* اذا توفر لديك المال فاستعمله في التجارة,,, او شارك مع من تثق فيه في عمل مؤسسة او شركة او محل,, ولاتستصغر او تحقر اي عمل مهما كان صغيراً ,, فما قل واتصل,, خير مما كثر وانقطع.
اخيراً ليتق الله كل فرد في الحصول على المال وانفاقه وليتذكر ان الله يعطي العبد احياناً ليستدرجه من حيث لايعلم فما يشعر الا وقد خسر ماله وخسر الدنيا والآخرة والميزان هو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (اذا رأيت الله يعطي العبد على معاصيه فاعلم انه ستدراج).
دور الإعلام والتعليم
الدكتورة نوال الثنيان استاذة مساعدة في كلية التربية للبنات في الرياض اختتمت جولتنا بهذا المختصر المفيد وقالت:
القضية لها محوران:
المحور الاول: ان الكثير من الاسر السعودية لاتجد توازناً بين دخلها ومصروفاتها، حيث تفوق المصروفات الدخل او تقاربه.
المحور الثاني: ان مصروفاتها هذه نجدها في رغبات وكماليات يستطيع الفرد منا أن يستغني عنها وليست في احتياجات اساسية.
وفي رأيي ان الطريق الامثل لحل المشكلة يتمثل في اتباع الآتي:
- لابد للأسرة بكاملها - والدين وابناء - من التفاهم والتخطيط بوضع ميزانية للمصروفات مع الحرص على ان يكون هناك بند للادخار، وعلى الاسرة ان تلتزم بهذه الخطة وتنفق على اساسها.
- وضع الاولويات للاحتياجات الأسرية لكي تكون الميزانية مجدية وتؤتي ثمارها.
- يحتاج المجتمع بشكل عام والأسرة بشكل خاص الى ترشيد الاستهلاك وتوعية من قبل وسائل الاعلام وقطاعات التعليم المختلفة.
- تربية النشء على الاحساس بالمسئولية وتحديد المتطلبات حسب توافقها مع ما يملكه.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved