Thursday 14th October, 1999 G No. 9877جريدة الجزيرة الخميس 5 ,رجب 1420 العدد 9877


نوافذ
التفرقة التكنولوجية

كان القرن الماضي قرناً مثخناً بالثورات والحروب والجراح، وفي ظل هذا جميعه تبلورت الكثير من النظريات والفلسفات التواقة الى خلق اجنحة بيضاء للبشرية تنتشلها من شرورها وآثامها حتى اصبح الهاجس الاهم لمفكري وأدباء وفناني هذا القرن هو اكتشاف الصيغة الامثل التي يتعايش من خلالها البشر على ارضية من التسامح والقبول بالآخر وعدم محاولة تصفيته فقط,, لأنه مختلف ,, مختلف لوناً او شكلاً او اعتقاداً.
ويبدو ان منظمات حقوق الانسان ستدخل القرن الجديد وفي اجندتها نوع جديد من التفرقة، نوع يضرب جذوره عميقاً في التاريخ ولكنه اتخذ صيغته النهائية بما يسمى (بالتفرقة التكنولجية) فمن خلال ثورة الاتصالات التي تشمل الدول المتقدمة، تبدو بقية دول العالم متأخرة عن ذلك بمراحل.
لنكتشف مثلاً ان عدد خطوط الهاتف في جزيرة (مانهتن) في نيويورك فقط يفوق ماتحويه القارة الافريقية برمتها.
وان ثمن جهاز الكمبيوتر (متوسط السعر) يحتاج من العامل البنغلاديشي عملاً متواصلاً لمدة ثلاث عشرة سنة لتوفير هذا الجهاز.
وانه عام (1998)بلغ عدد مستعملي شبكة الانترنت في الولايات المتحدة فقط مايزيد عن (130) مليون شخص، بينما لم يتجاوز عدد مستعملي شبكة الانترنت في السعودية (2%) من عدد السكان البالغ عددهم ستة عشر مليوناً حسب الاحصائية الاخيرة.
هذه الفجوة الهائلة بين الارقام والإمكانات لايبدو انها تتوقف عند حد!! ففي ظل الانفجار المعلوماتي العالمي يبدو انها تتضاعف لتشطر العالم الى شطرين متباعدين جدا، شطرين يشبهان ماكان يرد في الاساطير اليونانية القديمة عن وجود طبقة من الآلهة القوية المتمكنة والمسيطرة وتقطن جبل الاولمب وفي ايديها التحكم في مصائر وأقدار البشر وفوق مايتلاءم مع ميولها وأهوائها اما منظمات حقوق الانسان وجماعات الخضر والجماعات الداعية الى السلام وما هنالك من منظمات تركض وراء اهداف بعيدة وطوباوية فستكون اسرابا من الطيور الملونة الجميلة التي سترفرف بأجنحتها بشدة ولكنها لن تؤدي بالمطر الى السقوط.
أميمة الخميس

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
فنون تشكيلية
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved