Thursday 14th October, 1999 G No. 9877جريدة الجزيرة الخميس 5 ,رجب 1420 العدد 9877


يوم تكريم الذين يعملون

تحتفل ابها ويحتفل معها كل مواطن بتكريم نخبة من مواطني ومواطنات منطقة عسير الذين ميزوا انفسهم بعطاءاتهم فاستحقوا التكريم, والتكريم للإنسان حق أوجبه الله سبحانه وتعالى، اذ خص الإنسان من بين مخلوقاته بالتكريم، وحث ديننا العظيم والخلق النبيل والمروءة على تكريم من هو أهل للتكريم، وهل هناك أسمى وأنبل واشرف من أن يكرم الإنسان لقاء ماقدمه من عمل نبيل وشريف لوطنه، وهو صادق ومخلص فيما قدمه غير منتظر تكريما يناله من عمل أو أعمال قدمها، ويرى أنها من صميم مسؤولياته، ومن متطلبات ما يفرضه عليه الواجب تجاه وطنه وأمته ومجتمعه وإنسانيته، ومايحثه عليه هذا الدين العظيم.
بيد أن من تنطبق عليهم هذه الصفات يهيئ الله لهم من ذوي البصيرة والحكمة والنزاهة الصادقين المخلصين من يعترفون بفضلهم وتجتمع القلوب على الشهادة لهم بأحقيتهم في التكريم لا لسابق معرفة شخصية بهم، ولكن شهادة على مايرونه من أعمالهم التي تشهد لهم بأنهم جديرون بالتكريم.
ولست بحاجة لأن أعيد التفصيل في القول إن إمارة عسير بقيادة أميرها خالد الفيصل أولى الإمارات التي سنت التكريم لكل من ميز نفسه في مجال عمله وعطائه تجاه وطنه وأمته ودينه، وذلك منذ مايربو على العشرين عاما أثبتت في خلالها سياسة التكريم فاعليتها وتأثيرها، ليس سعيا وراء المردود المادي -الذي هو الأقل في جائزة أبها التقديرية- وإنما منح الشعور للمكرم بأن عمله مقدر، وأن هناك عيونا ترصده، وتتخذ منه وسيله ومثالا يحتذى لحث الآخرين على التميز في الأداء، وإعلانه ورفع اسم صاحبه عاليا لكي يعرف الذين يعملون والذين لايعملون ويعرف كل منهم بسيماه.
وليس هناك اكثر ألما على النفس واكثر ظلما في المجتمعات ولا اخطر على تقدمها ولا أقرب الى تدهورها إلا حين يستوي الذين يعملون، والذين لايعملون, حين يستوي الشرفاء وغير الشرفاء، حين يستوي الصادقون والمنافقون.
ومما يميز جائزة أبها وعلى طوال سنواتها نزاهة التحكيم في اختيار المكرمين والفضل في ذلك يعود في الدرجة الأولى لمؤسس الجائزة وصاحب الفكرة الأمير خالد الفيصل، الحريص جدا على استقصاء دقة الاختيار ومصداقيته، وانطباق شروطه على من هو أهل للتكريم, حتى ولو أدى ذلك الى حجب الجائزة، وما أكثر ماحجبت جوائز التكريم في ميادين مختلفة لعدم وجود من تنطبق عليه مواصفاتها.
ونظرة على قائمة المكرمين لهذا العام استطيع أن أوضح وجهة نظري في بعض ما أعرفه عمن فازوا بالتكريم مؤسسات وأفرادا محاولا أن أكون موضوعيا وصادقا وغير متحيز كون احد المكرمين أخي وشقيقي حسين آل زلفة محافظ بيشة.
وأستميح القارئ عذرا أن أبدأ بالحديث عن مستشفى خميس مشيط العام الذي فاز بجائزة المستشفى الأكثر نشاطا.
لقد أحسنت لجنة الاختيار ترشيح المستشفى ليس لانه افضل مستشفى في بنائه فبناؤه من اقدم المستشفيات في المنطقة ومر بمراحل ترقيع لايعلمها الا الله سبحانه ثم الراسخون في معرفة أحوال هذا المستشفى ولا لأنه الأحسن في تجهيزاته، فأغلب تجهيزاته الفنية قد تجاوزت نهاية صلاحياتها بعدد طويل من السنين, ولالسعة غرفه وعدالة توزيع أسرته فالغرفة التي صممت لاتساع سريرين اصبحت محشورة بأكثر من ستة وسبعة أسرة، بل تحولت الممرات ودورات المياه الى أماكن للأسرة، ونوم المرضى, ولا لأن أقسام النساء مفصولة عن أقسام الرجال، فقد اختفت معالم التقسيم ووحدت القوم أنات المرض، وشدة الحاجة، وعدم القدرة عن البحث عن البديل.
إن فوز مستشفى خميس مشيط بالجائزة لهذا العام إنما أعطيت لقوة تحمل إدارته ومرضاه ومراجعيه على ماهو عليه ذلك المستشفى من حالة متردية لا أعتقد ان لها مثيلا في أي مستشفى آخر في المملكة، ولاأعتقد أن حالته تخفى على المسؤولين جميعا بمن فيهم وزير الصحة نفسه, ولهذا أعطي المستشفى هذه الجائزة لتثبت قدرة ادارته على تحمل ماهم فيه من مشاق، وماعليه مرضاهم من معاناة.
وما دمنا في التحدث عن المستشفيات فدعوني أوجه أجمل تهنئة وأعظم تقدير للسيدة زلفة بنت عبدالله بن محمد الكامدي الفائزة بجائزة الفنية المتميزة لتميزها في أداء وظيفتها بصفتها ممرضة في مستشفى عسير المركزي.
وأخص هذه السيدة التي لا أعرفها وليست لي بها صلة لأنها أثبتت أنها مواطنة قديرة جديرة بالتكريم والعرفان بالجميل في مهنة بكل أسف مازال الإقبال عليها في بلادنا قليلا، مع عظيم قدر الخدمة في هذا المجال.
ومن المؤسسات الفائزة كونها الأكثر نشاطا المجمع القروي في طريب، فأشهد بالله، بأنه جدير بالجائزة وإن إلقاء نظرة على إنجازاته يستحق أن يشد اليه الرحال للمشاهدة وهو جهد يعكس صدق القائمين عليه وإخلاصهم.
ومن قطاع الخدمة الأهلية فاز متحف المع بمحافظة رجال ألمع الذي حاز على جائزة التكريم إن ذلك المتحف هو نتاج عمل حضاري تطوعي فأصبح معلما ثقافيا حضاريا من المعالم البارزة في تلك المحافظة وما أحوج بلادنا الى العمل التطوعي وعدم الانتظار لتعمل الحكومة كل شيء.
غمرتني السعادة وأنا أطالع الفائز بجائزة المواطن المتميز المواطن منصور بن محمد بن عضيد من سكان مركز الواديين التابع لمحافظة رفيدة لقد كان والله نعم الاختيار ومن لايعرف العم منصور الذي لأفعاله من اسمه نصيب فهل كان هناك عمل تطوعي خيري لم يكن العم منصور من أوائل المبادرين والمساهمين فيه، والمعاضد والمعاون والكريم بماله وبخلقه في كل عمل فيه نفع ومصلحة لوطنه؟ فأنت والله بهذا التكريم جدير يا أبا محمد.
أما الصديق الزميل المعلم سعيد بن عبدالله بريدي مدير الثانوية الأولى في خميس مشيط والذي تعود زمالتي ومعرفتي به منذ أن كنا ندرس سويا في مدينة الرياض هو في جامعة الإمام وأنا في جامعة الملك سعود، وكنا نرسم آمالا ونبني أحلاما ما كنا نعتقد بأنها ستتحقق بالشكل الذي نشهده اليوم، وكم هي فرحتك يا أستاذ سعيد وأنت ترى خريجي مدرستك أطباء ماهرين وأساتذة جامعات لامعين واقتصاديين مرموقين ومعلمين ناجحين أعتقد أن هذا العطاء هو التكريم الحقيقي وأن تكريمك هو تكريم لكل من ورد ذكرهم أعلاه.
أما الأم قطمة بنت محمد بن علي موسى عسيري الحائزة على تكريم الأم المميزة فلا أعرفك يا أمي قطمة، ولكن أتوسم وارى فيك أمي وكل أم عسيرية تنجب الرجال والبنات وترعاهم وتعدهم مواطنين مخلصين محبين لوطنهم وأمتهم.
وأخيرا ماذا عساني أقول عنك ايها الأخ العزيز الذي شرفت في هذا التكريم أن تكون الموظف المميز, من أين أبدأ الحديث؟
وماذا عساه يتسع المجال لتعداد محاسنك عرف عنك من عرفك موظفا فمنحوك لقب الموظف المميز، ولكن ماذا اقول عنك وأنا أعرف عنك الكثير والكثير وهو مالايحيط به كثيرون ممن يعرفونك، مع أنهم يعرفون كثيرا من جوانب خصالك الحميدة والجميلة، ولولا أن يزداد اتهامي بالتحيز حيث الحديث عنك ومن قبل من ؟ من قبل أخيك الذي يحبك حبا لا أعتقد أنه ينافسني فيه حب أخ لأخيه.
إن شهادتي فيك أيها الأخ العزيز مجروحة ومهما عددت خصالك فلن أوفيك حقك يا أبا سعد، وإنني على ثقة أن غيري سيكفيني مؤونة الحديث عنك، وأن أعمالك المعروفة والمشهورة ستتحدث بنفسها عن نفسها، فلا أعرف أنك صرفت جزءا ولو يسيرا من وقتك إلا ويصب في مصلحة العمل والوطن وعمل الخير بالرأي والحكمة التي وهبك الله إياها منذ أن كنت صغيرا.
أخي العزيز أهنئك من كل قلبي على ماحققته من أعمال لمصلحة وطنك وأهلك وحكومتك، فصدقت في القيام بالواجب مترفعا عزيزا عفيفا ولاترجو المثوبة إلا من الله سبحانة وتعالى.
وهنيئا لك يا أبا سعد برضا مرؤوسيك ورضا من ائتمنوك على خدمتهم وهنيئا لك برضاك عن نفسك وباعتزازنا بك, وهنيئا لك بتشرفك باستلام جائزة التقدير هذه الليلة من يد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز، فمتى يجود الزمان بمثل هذه الفرصة.
ولا يفوتني أن أقدم التهنئة خالصة صادقة لكل المكرمين في هذا المساء ففي تكريمهم تكريم للوطن.
محمد بن عبدالله آل زلفة
عضو مجلس الشورى - أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر جامعة الملك سعود

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
فنون تشكيلية
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved