Thursday 14th October, 1999 G No. 9877جريدة الجزيرة الخميس 5 ,رجب 1420 العدد 9877


نهب الزوجات
فوزية أبو خالد

طرحت مجلة اليمامة في عددها الذي لا زال في الاسواق لهذا الاسبوع قضية هامة وحساسة وهي قضية نهب الزوجات كما اسمتها, ونظرا لأهمية القضية فإنني اسجل المداخلة التالية مستندة على ثلاثة محاور من محاور القضية كما طرحتها اليمامة.
وآمل ان يساهم ذلك في توسيع نطاق الحوار في هذه القضية بما يثري الموضوع سواء بمجلة اليمامة او هنا بجريدة الجزيرة او اي من صحفنا الاخرى.
ومحاور الموضوع ومداخلتي لكل منها تتمثل في هذه النقاط:
- هل للمرأة حق التصرف في مالها.
- هل يحق للمرأة مقاضاة زوجها إذا كان يقوم بنهب أموالها.
- ما هو تأثير ظاهرة نهب الزوجات على سلامة العلاقات الزوجية والعلاقات الأسرية.
***
بالنسبة للمحور الأول لا أظن ان هناك تقنينا وضعيا او تشريعا سماويا كفل للمراة حقوقها الاقتصادية وأقر أهليتها للتصرف الحر في حر مالها مثلما كفلها الاسلام, والنصوص في هذا واضحة لا لبس فيها لمن يريد الرجوع إليها في القرآن والسنة وفي النموذج المحمدي لتعامل الرسول صلى الله عليه وسلم مع زوجته خديجة رضي الله عنها, ومع ذلك فكما تقول اسئلة هذه القضية المطروحة على بساط اليمامة اليوم للبحث، فإن تجاوزت بعض الازواج وربما آخرين من محارم المرأة لحقوق المرأة الاقتصادية كثيرة ويومية وغالبا ما تحدث على رؤوس الاشهاد دون اعتراض يذكر لا من قبل المرأة نفسها ولا من قبل المجتمع, والسؤال هو لماذا تحدث هذه التجاوزات في حق نصف المجتمع, وفيما اجتهد فإن بعضا من الاسباب العميقة لحدوث التجاوزات على ما يبدو هو واقع الجهل وعملية التجهيل التي تعانيها المرأة في معرفة هذه الحقوق، أولا وفي اقرارها اجتماعيا، ثانيا ان المرأة والرجل معا في مجتمعنا بحاجة ماسة ماسة ماسة وملحة ملحة ملحة إلى ثقافة حقوقية في حقوقهما على بعضهما البعض وفي حق كل منهما على المجتمع وحقوق المجتمع عليهما, وهنا اطرح على اصحاب القرار ضرورة تبني مشروع تعليمي للثقافة الحقوقية المدنية والشرعية عبر قنوات التعليم بمراحله النظامية المختلفة من المدرسة إلى الجامعة، وعبر قنوات الاعلام، وعبر القنوات القضائية والحقوقية الاخرى بالمجتمع, إذ بدون ايجاد مشروع يوضح ويبسط الثقافة الحقوقية فإن مسلسل هضم الحقوق الشرعية وسواها قد لا يتوقف عن الاساءة الى اللحمة الاجتماعية بالمجتمع.
بالنسبة للسؤال الثاني، اظن والله أعلم ولأهل العلم ان يدلوا برأيهم انه من الناحية الشرعية فالجواب: اي نعم يحق للمرأة مقاضاة زوج ليس له ضمير اجتماعي او وازع ديني او خلقي يجعله يتورع ويعف عن انتهاك احد حرمات اقرب الناس إليه وهي حرمة حرية زوجته في مالها الحلال, والمانع في هذه الحالات هو في الغالب مانع اجتماعي وربما نفسي وشخصي ليس إلا.
فكيف للمرأة كما يقول المجتمع ان تدخل المحكمة لتقديم دعوة في النهار ضد رجل توسده في الليل ضلوعها الستة عشر, وهذا السؤال على رومانسيته الظاهرة واجحافه الاجتماعي الخفي لا يمكن اسقاطه من الاعتبار عند الحديث عن مقاضاة المرأة لزوجها الذي اهدر حقها الالهي في مالها ولهذا مرة اخرى فان توفير الثقافة الحقوقية للرجل كما للمرأة ووجود المؤسسات الاهلية التي توفر ضمانات صيانة هذه الحقوق كما نص عليها الشرع في اطار مدني مثل مكاتب المحاماة المؤهلة لوضع صياغات قانونية لحقوق الملكية والبيع والشراء والمكاتبات المالية الاخرى قد يجعل كلا من المرأة والرجل في وضع قانوني سليم بالنسبة لعلاقتهما الحالية يفرض على كل منهما احترامه ولا يسمح لاي منهما بتجاوزات على الآخر قد تجرهما إلى المواجهة القضائية.
أما في اجابة السؤال الثالث فبودي قبل تقدير الظاهرة المذكورة على الحياة الاسرية اليوم ان نلاحظ ان ظاهرة انتهاك بعض الازواج او آخرين من رجال الاسرة لحق المرأة الشرعي في مالها وان كانت ظاهرة قديمة فإنها كانت ظاهرة محدودة وقد ارتبط وجودها بتلك المراحل التاريخية التي كانت فيها المجتمعات العربية والاسلامية ومنها مجتمعنا تعاني من الانحطاط والجهل وغياب الوعي الاجتماعي والسياسي والديني بحقوق الافراد والفئات الاجتماعية بين بعضهم البعض وبينهم وبين المجتمع وكانت اي الظاهرة المعنية في حدود ضيقة ايضا بسبب من قلة موارد النساء المستقلة من ناحية ونظرا لان الاسرة الممتدة ككل كانت تشكل وحدة انتاج وحدة يقتسم افرادها فيما بينهم العمل الشاق والمردود القليل معا, اما استشراء الظاهرة اليوم فإنه يرتبط بالتغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي شهدها ويشهدها مجتمعنا من مطلع السبعينيات الميلادية مما غير انماط مصادر الدخل القديمة التي كانت مرتبطة بالانتاج الرعوي والزراعي وحركة الاتجار المحدودة وربط معظمها بوظائف الخدمة المدنية حيث اصبحت الحكومة رب العمل الرئيسي لمعظم الفئات العاملة بالمجتمع.
هذا التغيير بطبيعة الحال في انعكاسه على وضع المرأة انتج للمرأة استقلالا اقتصاديا نسبيا نظرا لأن مصدر دخلها لم يعد من خلال تلك القنوات التقليدية وحسب وليس معتمدا على تلك القنوات فقط كالارث او العمل في نطاق الاسرة مقابل كفاية الحاجات الضرورية بل اصبح له اي دخل المرأة مصدره الخارج على سلطة تلك القنوات التقليدية والاسرية.
هذا الوضع الجديد في وجود فرص العمل بأجر ولجهة غير الاسرة كان لابد ان ينتج عنه ضرورة اعادة ترتيب العلاقات داخل الاسرة باعتبار ان المرأة في هذا المجال بالذات مثلها مثل الرجل تحصل مقابل قوة عملها على دخل, وبناء عليه فإن منظومة الحقوق والواجبات في العلاقات الاسرية اصبحت بحاجة إلى التكيف مع هذه المستجدات بما يعطي كل ذي حق حقه ضمن علاقات اسرية اكثر تكافؤاً والحقيقة انه إذا كان من الظلم جعل المرأة وحدها تدفع اثمانا غير عادلة كضريبة لتعلمها وعملها، فإنه ايضا من غير المواتي ان يتحمل الرجل وحده المسؤولية ولا يمكن ان نكتفي برمي اللائمة كلها على عاتق الرجل فبعض النساء ولغياب مفهوم قيمة مردود العمل ينهبن انفسهن بانفسهن عن طريق تبديد الدخل فيما يزيد من الاهدار الاقتصادي الوطني والاسري, ولا اظن ان من الانصاف ان تمتنع المرأة عن المشاركة في تحمل اعباء الصرف الاسرية الباهظة هذه الايام بحجة انها حرة في مالها.
ولابد لكلا الطرفين (الزوجة والزوج) في سياق المتغيرات الاجتماعية القائمة ان يكون مسؤولا مسؤولية عاقلة راشدة ومتكافئة عن اعباء الاسرة داخل البيت وخارجه وكذلك لابد من تطوير نظام قيمي يستوعب هذه المتغيرات ويجعلها عاملا ايجابيا في تطور المجتمع والاسرة.
ومن هنا تأتي ضرورة الاصرار العنادي على تقنين الحقوق المدنية وتطبيق الحقوق الشرعية في حق كل من المرأة والرجل في شراكتهما الزوجية داخل الاسرة وفي شراكتهما الاجتماعية بالوطن ولابد من توعية منظمة بالحقوق والواجبات المتبادلة والمشتركة,.
ولله الامر من قبل ومن بعد.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
فنون تشكيلية
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved