Thursday 11th November, 1999 G No. 9905جريدة الجزيرة الخميس 3 ,شعبان 1420 العدد 9905


لما هو آتٍ
العواجي الشاعر,,, الممتد
د, خيرية إبراهيم السقاف

منذ (شعراء نجد المعاصرون) الذي قدَّمه كأول مصدر للشعراء في المنطقة الوسطى الأديب والشاعر عبدالله بن إدريس، وإبراهيم العواجي كان معاصراً، شاعراً، مشرقاً، وظل معاصراً، وسيظل,,.
فهو ممتد بامتداد ما فيه من نقاء، وعطاء، وصدق، وصفاء,,,،
أول ما عرفته شاعراً، يكتب عن الوطن، يتغنى بالصحراء، يتأمل الجمال، يخاطب القضايا، يرسل أحلامه، وآماله، مشفوعة بتوقّد مشاعره إلى كل قضية عربية/ إسلامية/ وطنية/ وجدانية/ فكرية,,,،
وعرفته ناثراً، يتصيّد الكلمة، ويضعها في مصاف البناء الجميل، كي تنهض مع أخواتها، تشكل في منظومتها دلالات، نحو أفكار، لايكاد يقرأها امرؤ إلا قال: ناطق باسمي، ناطق بشعوري، ناطق عني,,,،
وعرفته إدارياً محنكاً، إنسانياً في تعامله، وفي فهمه، شاعراً في مواقفه، دؤوباً في عمله، مخلصاً في أدائه، عند كل سؤال تجده مجيباً، وعند كل حاجة تجده ملبياً، يدخل عليه الصغير قبل الكبير، ويمنح وقته لكل من طرق بابه وقصده، حتى غدا أنموذجاً للإداري المرن، الواعي، القريب من حاجات الآخرين، المتفهم لكل ما يمنح عمله صفة النجاح,,.
وظل العواجي في كل موقفٍ ظاهرٍ، أو غير مباشرٍ، يمثل الرجل الأنموذج، امتد أثره إلى من عرفت من أسرته، فله ابنة دارسة ملتزمة تحرص على النجاح، حرصها على انتمائها لأبيها، وزوجة طامحة لا تتوانى في أية لحظة عن الحصول على كل جديد في تخصصها، ونافعٍ، ومضيفٍ لخبراتها في دأب وحرص، وفي تفان، ونشاط,,.
وهو خلف هذا يمد بالثقة، ويمنح بسخاء,,.
وتواصل مع قارئه بشعره,,.
يخوض غمار اللجة، ويركب مصاعب الموجة، ويحرك دفة المركبة، غير عابىء بمصاعب البحر، ولا بغموضه,,,، ملاح ماهر في الشعر، يقوده بيسر، تماماً كما تنساب المياه في مجراها، كلما تدفَّقت، كلما امتدت،,,, كلما بعدت,,,، كلما عمقت، كلما غابت في مدىًّ دفين، يمنح للماء القوة، والوزن، بمثل ما هو شعره ينساب، يتدفق، يمتد، يبعد، يعمق، يمنح من يقرأه الشعور بوزنه وقوته,,,، وانسيابيته، وجماله,,,، كالماء,,,, كالماء,,,،
وهو شاعر مجازف حدَّ الطموح,,.
وطموح المجازفة، ومجازفة الطموح,,, أحد أهم عناصر قوة الشاعر، وواحدة من السمات الحميدة له,,,، وشاعر لا يملك هذا العنصر,,,، ولا هذه السمة,,,، تعجز به همته دون أن يمتد، أو يسمو,,.
وثراء التجربة لا يأتي عند شاعر لا يركب لجة الموجة في عنفوانها,,.
والعواجي في شعره منذ ديوانه الأول وحتى آخر مجازفة طامحة له في خماسياته الجزيرية اليومية، يرب لجة الثراء لتجربة الموجة في شعره,,.
فهو من كتب بالعربية في قمة فصاحتها، وهو من كتب بالنبطية في سهوب فطرتها، وهو من عالج فكرته في لغة شعرية غير لغته، فأضفى على الإنجليزية، شيئاً غير قليل من روحه، ومن طموحه المجازف، ومجازفته الطموحة، وربما فعل المثل في الفرنسية التي كتب بها.
وهو امتداد لامتداد الامتداد فيه,,.
هو شاعر ثري التجربة,,, من هنا تطوّعت له أعناق القوافي، وحمل مزمار الحداء في ليل الشعر,,,، عند بارقة التأمل الذي لم يتوان عن نثر الشعر,,، وتفعيله,,,، دون أن يقف في كلِّ وقوفٍ عند عمود الخيمة,,,، أو بحر الخليل,,,،
لذا نجده في تجربته، قد اقترف فعل الشعر، بكل هاجس هاجسه، وفي أي ثوب وقع عليه هذا الهاجس، لذا قرأنا له عمودياته، ونثرياته، وتفعيلاته، ونبطياته، وغنائياته، ,,, وفي كلِّ هذا الزخم,,,، يكون العواجي الممتد القامة، في صحراء الشعر، وفيافيه، فوق جباله، وعند أوديته، على مرافئه، وفي عمق بحره في ليله، وفي نهاره،,,, هئا الحدَّاء الماهر,,,، وهذا القابض على مقود القول الجميل، في اللحظة الجميلة,,.
من يود أن يلج عالم هذا الشاعر,, ويطاول إلى خمائله، فليفعل,,.
ولكن؛ قبل أن يفعل، عليه أن يكون قادراً على استخدام مفاتيح هذا البحر، كي يستطيع أن يصل إلى كل دير من أديرة خمائل شعره، وإلى كل دار من دياره، فهو صومعي,,,، يعيش على الشعر، والشعر رغيفه اليومي,,,، وقطرة مائه الدومي,,,، والأعمال الشعرية التي صدرت له مؤخراً بوابة أولى إلى هذا العالم الشعري التَّبتليُّ، الثري، الممتد,,,،
ألا يكفي زمن الشعر الذي انبسط أمامه,,,، وامتد بامتداد خطواته أن يؤكد على أننا أمام شاعر ممتد؟!,,,،
فليحفظ الله هذا الامتداد له,,, وفيه,,.
وليحفظه، كي يأخذنا دوماً إلى عالم الشعر الخمائلي الذي لا تغلق معه مساحات البياض والجمال، ولا تهدأ فيه نبضات الموج.
و,,, شكراً له أن أمتعني ضمن كل من أمتع بأعماله الشعرية الأولى,,, التي أبحرت وكأنني أبحر للمرة الأولى معها,,, نحو موجة المجازفة في مجازفة الموج وهو يأخذنا إلى آماد الشاعر وامتداده.
فللشاعر الدكتور العواجي كل تقدير.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولـــــــــــــــى
محليــــــــــــــات
فنون تشكيلية
مقـــــــــــــــالات
المجتمـــــــــــــع
الفنيـــــــــــــــــة
الثقافية
الاقتصـــادية
تقارير
عزيزتـي الجزيرة
ساحة الرأي
الريـــــــاضيــــة
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved