Friday 12th November, 1999 G No. 9906جريدة الجزيرة الجمعة 4 ,شعبان 1420 العدد 9906


المراسم,,أو التنظيمات (1 5 )
د.محمد بن سعد الشويعر

كان حديثاً عن كلمة المراسم، ورئيس المراسم، ما أصلها وهل استحدثت في نظام الدولة الإسلامية في تاريخنا القديم، وما هي المظاهر لهذه المراسم عند المسلمين إن كانت معروفة ، وخاصة أنها تعرف في ديار الغرب بأسماء منها: البروتوكول، أو الاتكيت وغيرهما,,أو ان مسمى المراسم جديد في تاريخ الأمم؟؟
قلت لمحدثي إنني قد اطلعت على كتب عديدة بهذا الخصوص، وأعدك للفائدة ومشاركة القراء في هذا الموضوع ان أتحدث عنها,, وأخص بالذكر أول كتاب تحدث عن المراسم بأنها تنظيم مجالس الملوك وقانونها, فقد تحدث المؤلفون العرب عن هذا الموضوع، وصدرت فيه كتب عديدة منها ما طبع ومنها ما لم ير النور بعد، إما لكونه فُقِد أو لا يزال محفوظاً,, ومما عرف ضمن الفهارس عدد كبير يزيد على مائتي كتاب، أشهرها: الأحكام السلطانية للمارودي المتوفى 450ه، وآداب الملوك للثعالبي 429ه، وآداب صحبة الملوك للجاحظ 255ه، وتاريخ ديوان الإسلام لمحمد الغزّي 1167ه، وتحفة الترك فيما يجب أن يعمل في الملك لقاضي القضاة نجم الدين ابراهيم بن علي الطرطوسي 758ه وصبح الأعشى للقلقشندي 821ه وتفريج الكروب في تدبير الحروب لعمر الأوسي الأنصاري 814ه، وكنز الملوك في كيفية السلوك لسبط ابن الجوزي 654ه, ومن بين تلك الكتب ما هو مما يستمد من الأمم السابقة لبعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم ككتاب تنسر وهو أقدم نصٍّ عن النظم الفارسية قبل الإسلام نقله إلى العربية يحيى الخشاب وقد طبع في القاهرة، ومنها ما هو مبني على منهج الإسلام في التنظيم ما بين القمة والقاعدة ككتاب السياسة الشرعية في اصلاح الراعي والرعية لشيخ الاسلام أحمد بن تيمية الحراني 728ه.
أما الكتاب الوحيد الذي وجدته من بين تلك الكتب الكثيرة، قد سمى تلك الأنظمة رسوم: من مادة رسم، وهو يعني العلامات، فقد اخذ بهذا المدلول الملك عبدالعزيز رحمه الله في تنظيم الدولة فسُّمي في عهده الأمر التنظيمي الملكي مرسوماً، ثم تطور الأمر مع التوسع التنظيمي فسميت الجهة في وزارة الخارجية التي تعنى بالتنظيم والترتيب للضيوف المراسم، ثم أحدثت ادارة مرتبطة بالديوان الملكي، وبالملك خاصة، سميت: المراسم الملكية تُعنى بكل تنظيم يتعلق بالجلسات، وترتيب الناس حسب منازلهم، أخذاً من الحديث أنزلوا الناس منازلهم والاهتمام بالترتيبات المتعلقة بذلك.
ذلك الكتاب هو: مراسم دار الخلافة، تأليف: أبي الحسن هلال بن المُحَسَّن الصابئ المولود عام 359ه في بغداد، بعدما قدمت اسرته في صدر الدولة العباسية من حرّان والرّقّة، وقد اسلم في آخر عمره، وتوفي ببغداد عام 448ه, وفي كتابه هذا نقل صورة لتنظيم مجالس الملك، والاستقبال والهدايا واللباس لكل مناسبة، والمواكب وما يلزم لها من هيئة وترتيب، ومجالس الملوك والأمراء في المناسبات، ومكانة الناس على اختلاف منازلهم، مما يعطي صورة عن الوضع في ذلك الزمان، الذي تحدث عنه، ليفيد القارئ بالمقارنة وان جميع الأمم تأخذ بما يتناسب معها، وما تمليه المعتقدات الدينية، وخاصة عند المسلمين، الذين لهم شريعة سمحة يهتدون بمصدريها وينطلقون في شؤونهم من تعاليمهما، ومما يرفع مكانة الدولة ويقويها في أعين الأعداء، لأن للملك أبهة، وللملك مظهر يجب إبرازه امام الأمم الأخرى كما قال معاوية لعمر بن الخطاب وأقرّه عليه.
وسوف نشير إلى بعض الجوانب التي ذكر، خاصة انه جعل كتابه على هيئة أبواب، ولكنه لم يسمّها أبواباً، بل وضعها بعناوين كبيرة، مثل: آداب الخدمة، قوانين الحجابة ورسومها، خلع التقليد والولاية، والتشريف والمنادمة، الطروس التي يكتب فيها الى الخلفاء وعنهم، الخرائط التي تحمل الكتب صادرة وواردة فيها والختوم التي توقع عليها,, وغير هذا,, مما سوف نمرُّ به، ويلاحظ ان كثيراً من المسميات من أصل غير عربي، وعرّبت، حيث يُستَنتج ان عادات بعض الشعوب، التي دخلت في الإسلام، بالفتوحات قد انتقلت كعادات اسلامية استفادها المسلمون من تلك الأمم,, وهذه عادة مسلّمٌ بها، اذ يتأثر الأفراد والجماعات بها، وبذا انتقلت عادات الأمم فيما بينهم، كما أثر الإسلام أيضاً في تلك الأمم اعتناقاً له أو مجاورة بالعادات والكلمات, وقد بدأ بذكر أحوال الدار العزيزة، ويريد بها دار الخلافة العباسية ببغداد، فقال: كانت داراً عظيمة السعة، وعلى أضعاف ما هي عليه الآن، من هذه البقية الرائعة، ودليل ذلك أنها كانت متصلة بالحير وهو البستان الذي يُجعل فيه أنواع الحيوان حديقة الحيوان والثريّا وهو قصر كبير بناه المعتضد بالله في بغداد الشرقية, قال ياقوت عفا أثره عام 466ه، ومسافة ما بينهما اليوم بعيدة، وكان فيها مزارع بحرّاثها وزرّاعها، واربعمائة حمام لمن تحويه من أهلها وحواشيها.
وقد ذكر سكان دار الخلافة في عهد المقتدر بالله، وقال: فقد تم الاجماع على أنه كان فيها أحد عشر ألف خادم، منهم سبعة سود، وأربعة صقالبة بيض، وأربعة آلاف امرأة ما بين حرة ومملوكة، وألوف من الغلمان، وخمسة آلاف محاربون ملازمون دار الخلافة للحراسة بالنوبة، ومعهم أربعمائة حارس، ومن الفراشين ثمانمائة، وكانت حراسة البلد برسم نازوك، وهو أمير تركي كان شجاعاً وهو القائم بأمر العامة وحراسة المدينة، وتحت إمرته أربعة عشر ألف فارس وراجل,, (مرسوم دار الخلافة 7 10).
وقد وصف اظهار عظمة الملك وأبّهته عندما جاء مرسول ملك الروم عام 305ه يلتمس المهادنة والفداء من المقتدر فقال: ولقد ورد رسول لصاحب الروم في أيام المقتدر بالله، ففرشت الدار بالفروش الجميلة، وزينت بالآلات الجليلة، ورُتِّب الحُجّاب وخلفاؤهم،والحواشي على طبقاتهم، على أبوابها ودهاليزها، وفي ممراتها ومخترقاتها، وصحونها ومجالسها، ووقف الجند على اختلاف اصنافهم، صفّين بالثياب الحسنة، وتحتهم الدواب بالمراكب المذهبة والفضية، وبين أيديهم الجفان على مثل هذه الصورة، وقد أظهروا العُدَد والأسلحة الكثيرة،فكانوا من باب الشماسية في أعلى بغداد، الجانب الشرقي للنهر، والى قريب من دار الخلافة، وبعدهم الغلمان، والخدم والخواص، وهم الذين يخدمون الخليفة والبرانيّة وهم الذين يحرسون دار الخلافة من الخارج، الى حضرة الخلافة بالبزة الرائقة، والسيوف والمناطق المحلّاة، وأسواق الجانب الشرقي وشوارعه،وسطوحه ومسالكه، مملوءة بالعامة النظّارة، وقد أكتُرِيَ في كل دكان وغرفة مشرفة بدراهم كثيرة، وفي دجلة : الشذّاءات والطيّارات، والزبازب والشبّارات والزلالات، والسميريات- أسماء ستة ضروب من السفن- بأفضل زينة وعلى أحسن تعبئة.
وسار الرسول ومن معه من المواكب، الى أن وصلوا دار الخلافة، ودخل فأجيز على دار الحاجب نصر المقشوري، فرأى كثرة العيال، ومنظراً هائلاً، فظنه الخليفة، وداخلته له هيبة وخيفة، حتى قيل له إنه الحاجب، وحمل من بعد ذلك الى الدار التي كانت برسم الوزارة وفيها علي بن محمد بن الفرات، الوزير يومئذٍ، فرأى أكثر مما رأى لنصر الحاجب، ولم يشك في أنه الخليفة، حتى قيل له: هذا الوزير ابن الفرات، فسلم عليه وخدمه، وأجلس في مجلس بين دجلة والبساتين، قد اُختيرت له الفروش، وعُلّقت عليه الستور، ونصبت فيه الدسوت، وأحاط به الخدم والغلمان، الذين معهم نوع من الفؤوس المعدة للقتال، والسيوف.
ثم استدعي بعد ساعات، الى حضرة المقتدر بالله وقد جلس مجلساً عظيماً مهيباً فخدم خدمة مثله، وشاهد من الأمر ما راعه وهاله، وانصرف الى دار قد اعدت له، وحُصّل فيها من الفرش مايصلح له، والحواشي والأُلّاف- وهم الأصدقاء- والاقامات -أي أنواع المؤن- كل ما تدعو الحاجة إليه، مما أظهرت فيه المروءة ومظاهر الغنى فكانت الحال، اذ ذاك وقبله على هذا الوصف وما هو فوقه.
وللخطيب البغدادي، وصف رائع لورود رسول ملك الروم هذا في أيام المقتدر بالله، ولراغب الفائدة ينظر: المقدمة الخططية لتاريخ بغداد ص 49 56 (رسوم دار الخلافة 11 14).
وعن المراسلات يذكر عن الخريطة، وهي وعاء مثل الكيس من جلود أو ديباج، أو ليف هندي، تجعل فيه رسائل العمال في المناطق أو الدراهم أو الجواهر المبعوثة للخليفة والأخيار تشبه الحقيبة الدبلوماسية اليوم والمسؤول عنها ديوان خاص يكلف بها شخص مسؤول يسمى صاحب ديوان الخرائط، كالمسؤول عن البريد وتنظيم سيره، وسرعة وصوله, يقول عن هذه الخريطة: ولقد انتهت مراعاة الأمور قديماً الى أن كانت خريطة الموسم ترد في اليوم الرابع، وخرائط مصر في اليوم الحادي عشر، وكان الهليون وهو نبات طبي، لا تخلو منه موائدهم الفاخرة، يحمل الى المعتصم بالله من دمشق في المراكن الرصاص، لحفظه حتى يصل طريّاً، ويصل الى دار الخلافة في اليوم السادس، وكانت خرائط فارس ترد في ثمانية أيام السابق 17 18 .
وقد توسع في تقدير سكان بغداد أيام عزها ومساكنها، بحيث زادت البيوت عن مليون ونصف، وسكانها حسب تقديره قاربوا سبعة ملايين وبها 400 ألف حمّام، و3 جسور، ووزع الميزانية بما ينفق فيها يومياً واسعار المآكل والحيوانات, وفي ختام ذلك قال: حدث اسماعيل بن صبيح قال: سألني الرشيد يوماً عن مبلغ ماله، فقلت: ثمانمائة ألف ألف وثلاثة وسبعون ألف ألف درهم،فقال: أحب أن تبلغ بنوراً والبنور ألف ألف ألف رسوم دار الخلافة 18 29 والبنور يُعرف في العصر الحاضر بلفظ مليار، أي ألف مليون.
وتحدث عن آداب الدخول الى حضرة الخليفة فقال:من يدخل عليه يكون نظيفاً في بزّته وهيئته، وقوراً في خطوه ومشيته، متبخراً بالبخور الذي تفوح رائحته منه، وينفح طيبه من أردانه وأعطافه، وان يتجنب منه ما يعلم ان السلطان يكرهه، ويأبى شمّه، وأن يواصل السواك، ويحفظ لهواته عند المناجاة والمحاورة ويجعل بين ثيابه شتاءً وصيفاً، جُبّةً فيها قطن يمنع من ظهور العرق.
وليس للوزير في مجلس الخليفة ولا الحاضر في ذلك الموقف، أن يذكر شيئاً إلا ما يسأل عنه، أو يورد قولاً في أخبار أو مطالعة إلا ما استأذن فيه، وسبيله أن يخفض صوته، في حديثه ومحاورته، ولا يرفعه الا بقدر السماع الذي لا يحتاج معه الى استفهامه واستعادته.
واذا دخل الداخل من أمير أو وزير أو ذي قدر كبير، ورآه سلم عليه، وربما تقدم الوزير أو الأمير فأعطاه الخليفة يده مغشّاة بكمّه إكراماً له بتقبيلها، واختصاصاً بهذه الحال الكبير محلها، والعلّة في أن يفشيها بكمّه لئلا يباشرها فم أو شفة، وقد عدل عن ذلك الى تقبيل الأرض،أما ولاة العهود من أولاد الخلفاء والأهل من بني هاشم، والقضاة والفقهاء والزهاد والقراء فما كانوا يقبّلون يداً ولا أرضاً، لكنهم يقتصرون على السلام, أما أوساط الجند ومن دونهم، وعوام الناس، ومن لا رتبة له منهم، فمنكر منهم تقبيل الأرض، لأن منزلتهم تقتصر عن ذاك, السابق 31 32 .
ومن الرسوم: ألا يدخل أحد دار الخلافة الا بالسواد، وقد دخل جماعة من الاعيان كلهم بالسواد الا محمد بن عمر، فإنه كان بالبياض، فمنعه الحاجب من الدخول قائلاً: ليس هذا اللباس أيها الشريف لباس الدار، ولا حضورك حضور من يريد الوصول إلى الخليفة، ومنعه من الدخول فعاد منصرفاً من حيث أتى وعجب أصحابه ص74 .
كما ان مما ينكر دخول الداخل الى دار الخلافة بنعل أو خفٍّ أحمر، ولا أي نوع من الأحذية حمراء، لان الأحمر لباس الخليفة، واتفق أن دخل ابن أبي الشوارب القاضي، وكان من جلّة القضاة وممن يرجع نسبه الى بني أميّة، بخفٍّ أحمر، ورآه الحاجب فقال له: تأتي أيها القاضي الى الخليفة بالعِنَادِ، يا غلام انزع خفّه، واعلِ به رأسه، وتناوله من المكروه قولاً وفعلاً، بما أسرف فيه، وعرف الخليفة ذلك فلم ينكره، وانصرف القاضي الى داره، فاحتجب فيها، ولم يخرج منها حياءً وكمداً حتى مات, ص75 .
كما أنه يُستعاب وضع احدى الرجلين على الأخرى في دار الخلافة,, حدّث أبو علي الأنباري قال: كنت أخط بين يدي دَلَويه الكاتب، وهو يتولى كتابة الحاجب سلامة، للقاهر بالله،وكنت أجلس في دهليز باب الخاصة الذي يلي دجلة، من دار السلطان، فأحترم صاحبي فيما يستخدمني فيه، فإني لجالس متعلق على دكة هناك، اذ جعلت احدى رجليّ على الأخرى، وكان بإزائي صديق لي من خلفاء الحجّاب، يودّني ودّاً شديداً، فوثب إليَّ وضرب رجلي ضربة مؤلمة، بعصاً كانت في يده، فقمت مذعوراً فقال: يا أبا علي، اعرف لي موضع مسامحتي اياك، ووالله لو أن هاهنا من أتخوف ان يرفع الخبر أي للخليفة أو حاجبه- لما قدرت على مسامحتك، فقلت: وأي شيء أنكرت مني؟ وبأي شيء سامحتني؟ فقال: نحن مأمورون اذا رأينا أحداً من الناس، كلهم قد جلس في دار السلطان هذه الجلسة التي جلستها، ووضع احدى رجليه على الأخرى بأن نجرَّ رجله من موضعه حتى نخرجه من حريم الدار، ونهاني عن المعاودة, ص 77 .
كما أن خلع العمامة في دار الخلافة يعتبر عيباً كبيراً، فقد حضر يوماً أبو الهيثم لدار عضد الدولة، واخذ عمامته من رأسه ووضعها بين يديه، ورآه بعض اصحاب الأخبار، فكتب بما كان منه، وخرج قابض مال الخليفة فشتمه وضيّق عليه، واخذ العمامة، وضرب بها رأسه حتى تقطعت قطعاً واعتقله.
وتحدث عن أمور عديدة تتعلق بالأدب في مجالس الخلفاء، ورسوم يوم الموكب والعمائم السود، وطريقة السير في المواكب وأدب ذلك، وتنظيم الحراس وأماكن الوقوف في الصفوف والخلع وقوانين الحجابة ورسومها، وسقيا الماء للخاصة وما يتبعه من هبات، وطريقة الكتابة بين يدي الخليفة وموضع الدواة والقلم، وخَتم الكتاب بالطين والمسك, وغير هذا من أمور لا يتسع المجال لها، اتخذت تنظيماً ألزموا الناس به، ولعله يتاح في مناسبة أخرى التحدث عن الهدايا والتحف ونظامها وآدابها.
شيء عن الصابئة
المؤلف لما كان صابئاً ثم اسلم برؤيته لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فيحسن التحدث قليلا عن الصابئة الحرّانية نسبة الى مدينة حَرّان ، الذين بقيتهم صابئة البطائح، وهم قوم معروفون بعبادة الكواكب، ورواية تسميتهم بالصابئة ترتقي الى عهد المأمون وخلاصتها: ان هذا الخليفة اجتاز في سنة 215ه بديار مضر، يريد بلاد الروم للغزو، فتلقاه الناس يدعون له، وفيهم جماعة من الحرّانيين، وكان زيُّهم اذ ذاك، لبس الأقبية وشعورهم طويلة بوفرات، فأنكر المأمون زيَّهم وقال لهم من أنتم؟ من الذمة؟ فقالوا: نحن الحرنانيين، فقال لهم: أنصاري أنتم؟ قالوا: لا قال: فيهود أنتم؟ قالوا: لا, قال: فمجوس أنتم؟ قالوا, لا: قال لهم: أفلكم كتاب أم نبي؟ فمجمجوا في القول، فقال لهم: فأنتم اذاً الزنادقة عبدة الأوثان وانتم حلال الدم، لا ذمة لكم، فاختاروا الآن أحد أمرين: إما أن تنتحلوا دين الإسلام، أو ديناً من الأديان التي ذكرها الله في كتابه، وإلا قتلتكم عن آخركم، فإني قد أنظرتكم الى أن أرجع من سفرتي هذه، ورحل المأمون يريد بلاد الروم فغيّروا زيّهم،وحلقوا شعورهم، وتركوا لبس الأقبية، وتنصّر كثير منهم، وأسلم طائفة، وبقي منهم شرذمة بحالهم، وجعلوا يحتالون ويضطربون، حتى انتدب لهم شيخ من أهل حرّان فقيه، فقال لهم: قد وجدت لكم شيئاً تنجون به وتسلمون من القتل، فحملوا إليه مالاً عظيماً، فقال لهم: إذا رجع المأمون، فقولوا له: نحن الصابئون، فهذا اسم دين قد ذكره الله في القرآن، فانتحلوه، فأنتم تنجون به، وقُضي ان المأمون توفي في سفرته تلك، وانتحلوا هذا الاسم، منذ ذلك الوقت لانه لم يكن بحرّان ونواحيها قوم يسمون بالصابئة.
وهناك الصابئة المندائية، وهي فرقة موحدة عرفانية، يقولون لا إله إلا الله، فقط وقد نشأت في فلسطين قبل ظهور النصرانية وهم كما يقولون: من اتباع يوحنا المعمدان، المشهور في المراجع العربية باسم النبي يحيى بن زكريا وقد أطلق عليهم العرب اسم: المغتسلة، لأنهم يسكنون على ضفاف الأنهر، لتسهيل التعميد في الماء الجاري، كما هي سُنّتهم، وكل تصرف منهم يسمونه نجاسة، ويطهرونه بالغمس في الماء، حتى الطفل أول ما يولد، يغمسونه في النهر بعد مضي شهر من ولادته، الى نصفه حتى يتطهر من نجاسة ورجس الولادة، ولا تزال بقاياهم ماثلة حتى الآن في اقليم خوزستان في ايران وفي جنوب العراق ويعرفون بالصابئة البطائحية, (رسوم الخلافة ص 6 7).
رجوعأعلى الصفحة
الاولـــــــــــــــى
محليــــــــــــــات
مقـــــــــــــــالات
الثقافية
أفاق اسلامية
ملحق الميدان
محاضرة
لقاء
عزيزتـي الجزيرة
الريـــــــاضيــــة
تحقيقات
شرفات
العالم اليوم
تراث الجزيرة
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved