Friday 12th November, 1999 G No. 9906جريدة الجزيرة الجمعة 4 ,شعبان 1420 العدد 9906


نور الحق
عظم مغفرة الخالق
الشيخ عبدالله بن صالح العبيلان *

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فإنه مهما بلغت ذنوب العبد فان عفو الله ومغفرته اعظم منها واعظم فهي صغيرة في جنب عفو الله ومغفرته قال تعالى: (إن الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) وروى مسلم حديث ابي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يقول الله تعالى: من تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا ومن تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا ومن اتاني يمشي اتيته هرولة ومن لقيني بقراب الارض خطايا لا يشرك بي شيئا لقيته بقرابها مغفرة) وعند الترمذي حديث أنس رضي الله عنه وفيه: (قال الله تعالى يا ابن آدم لو ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا ابالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك يا ابن آدام انك لو اتيتني بقراب الارض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة) وقال حديث حسن صحيح.
فهذه الآية والحديثان بيان اسباب مغفرة الله للعبد.
فالسبب الاول: كما في الآية وآخر الحديثين تحقيق العبد للتوحيد والمراد به توحيد الاولوهية وهي معنى لا اله الا الله، وفي الصحيحين من حديث ابي ذر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما من عبد قال لا اله الا الله ثم مات على ذلك، الا دخل الجنة) قلت: وان زنا وان سرق قال: (وان زنا وان سرق ثلاثا وفي الرابعة على رغم انف ابي ذر) قال: فخرج ابو ذر وهو يجر ازاره وهو يقول: وان رغم انف ابي ذر.
فالموحد مآله إلى الجنة برحمة الله ومغفرته له، واما الكافر المشرك فمآله الى النار ولو اتى بقراب الارض حسنات.
والسبب الثاني: الدعاء مع الرجاء قال تعالى: (وقال ربكم ادعوني استجب لكم) فالدعاء سبب مقتض للاجابة بشرط استكمال شرائطه وانتفاء موانعه، فقد تتخلف الاجابة لانتفاء بعض الشروط او وجود بعض موانعه، ومن اعظم شرائطه حضور القلب ورجاء الاجابة من الله قال تعالى: (ادعوه خوفا وطمعا) وكما في الحديث الذي اخرجه الترمذي من حديث ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ادعو الله وأنتم موقنون بالاجابة وان الله تعالى لا يقبل دعاء من قلب غافل لاه).
وفي مسند احمد عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها اثم او قطيعة رحم الا اعطاه الله بها احدى ثلاث: اما ان يجعل له دعوته، واما ان يدخرها له في الآخرة واما ان يكشف عنه من السوء مثلها قالوا: اذا نكثر؟ قال (الله اكثر) وفي صحيح مسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (اذا دعا احدكم فليعظم الرغبة فان الله لا يتعاظمه شيء).
الثالث: الاستغفار: وهو طلب المغفرة وهي وقاية شر الذنوب مع سترها قال تعالى آمرا عباده بالاستغفار (واستغفروا الله إن الله غفور رحيم) وقال تعالى: (والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا انفسهم ذكروا الله فاستغفورا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون) وفي الصحيحين عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن رجلا اذنب ذنبا فقال: رب اني اذنب ذنبا فاغفره لي فقال الله عز وجل عبدي عمل ذنبا فعلم ان له ربا يغفر الذنب ويأخذ به قد غفرت لعبدي ثم عمل ذنبا آخر فقال: رب اني عملت ذنبا فاغفره لي قال الله تبارك وتعالى: علم عبدي ان له ربا يغفر الذنب ويأخذ به، قد غفرت لعبدي ثم عمل ذنبا آخر فقال: رب اني عملت ذنبا فاغفره لي فقال الله عز وجل: علم عبدي ان له ربا يغفر الذنب وياخذ به قد غفرت لعبدي ثم عمل ذنبا آخر فقال: رب عملت ذنبا فاغفره فقال الله عز وجل: عبدي علم ان له ربا يغفر الذنب ويأخذ به اشهدكم اني غفرت لعبدي فليعمل ما شاء) قال ابن رجب رحمه الله في شرح الاربعين (،المعنى: ما دام على هذا الحال كلما اذنب استغفر، والظاهر ان مراده الاستغفار المقرون بعدم الاصرار، واما الاستغفار باللسان مع اصرار القلب على الذنب فهو دعاء مجرد ان شاء الله اجابه وان شاء رده وقد يكون الاصرار مانعا من الاجابة، وفي المسند من حديث عبدالله بن عمر مرفوعا: ويل للذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون) فالاستغفار التام الموجب للمغفرة هو ما قارن عدم الاصرار كما مدح الله تعالى اهله ووعدهم بالمغفرة فأفضل الاستغفار ما قرن به ترك الاصرار وهو حينئذ يؤمل توبة نصوحا وان قال بلسانه: استغفر الله وهو غير مقلع بقلبه فهو داع لله بالمغفرة كما يقول: اللهم اغفر لي وهو حسن قد يرجى له الاجابة, أ,ه.
والمقصود ان من اعظم اسباب المغفرة هو تحقيق التوحيد ومن اسبابه الدعاء والاستغفار, غفر الله لي ولوالدي ولجميع المسلمين.
والله الموفق.
* المدير العام لفرع وزارة الشؤون الإسلامية بمنطقة حائل

رجوعأعلى الصفحة
الاولـــــــــــــــى
محليــــــــــــــات
مقـــــــــــــــالات
الثقافية
أفاق اسلامية
ملحق الميدان
محاضرة
لقاء
عزيزتـي الجزيرة
الريـــــــاضيــــة
تحقيقات
شرفات
العالم اليوم
تراث الجزيرة
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved