Friday 12th November, 1999 G No. 9906جريدة الجزيرة الجمعة 4 ,شعبان 1420 العدد 9906


رياض الفكر
أطفال يشربون المر !
سلمان بن محمد العُمري

أمام المحاكم في بلادنا أكثر من 15 ألف حالة طلاق مقابل حوالي70 ألف حالة زواج خلال العام الماضي، هذا موجز لخبر نشرته إحدى صحفنا في تقرير إخباري لها على أن ربع الزيجات تنتهي بالطلاق في المملكة.
ومن الأمور المعروفة عند كل الناس أنه لا يوجد بيت أو منزل لا يخلو من المشاكل والاختلافات التي قد تكون بسيطة في معظم الأحيان، أوقد تكون شديدة في بعضها، وذلك في كل الأسر، كما أن الجميع يعلم أن الطلاق يحدث في كل بلد، وفي أي مجتمع، ونحن في بلادنا لسنا استثناء لذلك، ولكن يجب أن نعلم أولاً وقبل كل شيء أن الطلاق يعتبر أبغض الحلال إلى الله سبحانه وتعالى وبالتالي لا ينبغي اللجوء إليه إلا في حالات الشدة التي يقرها الشرع.
وهنا نتساءل لماذا كان الطلاق حلالاً بغيضاً؟ ولماذا نحاول التقليل من حالاته؟ ولماذا لا يسرنا سماع أخباره؟
لقد أراد الله سبحانه لبني البشر السعادة في الدنيا والآخرة، وكل مامن شأنه أن يزيد في تلك السعادة شجعه الإسلام ودعمه، والعكس كل العكس بالنسبة لأي أمر أو فعل لا يحمل في طياته هذه السعادة.
والطلاق يعني تفكك رباط الزوجية وتباعد الزوجين، وبالتالي تفكك الأسرة وربما تحطمها، وما ينجم عن ذلك من حالة تشبه الضياع عند الأطفال، فالطفل بطبيعته التي فطره الله عليها بحاجة لأم وأب يربيانه، ويرعيانه، ويملآن حياته بالسعادة والهناء، وافتقاده لذلك سيؤثر تماماً على حياته ونفسيته وسلوكياته، حيث ستصبح تربيته وحيدة الجانب في أحسن الظروف، كما أنه سيعاني من عدم الاستقرار والتشتت، ولن يجد من يلوذ به وقت الضيق يلقاه بالابتسام، ويعانقه، ويلاعبه، فيتحمل ما يفوق طاقاته وقدراته، وينعكس ذلك على كل حياته.
إنها حالة تشكل فقد عزيز، ولهذه الحالة تأثيراتها الجسيمة على الإنسان، ويزيد الطين بلة عدم وجود من يواسي الطفل، ويعوضه عما فقده.
أيضاً الطلاق يعني وجود مشاكل سبقت وقوعه في الأسرة، وتركت آثارها ترسخ في ذهن وتفكير الطفل، ويصعب عليه التخلص منها، وقد يميل لسلوكيات ليست سليمة، وقد تكون خاطئة، أو قد يتجه للانعزال والانزواء والبعد عن المجتمع.
إن الطلاق يؤدي لوضع اجتماعي ونفسي يؤثر في إنجاز الطفل ككل سواء على صعيد التعامل مع الآخرين وحتى في مستوى التحصيل المدرسي، سيتراجع كل ذلك والمحصلة تكون طفلاً غير نشيط، لابل سيكون كسولاً، ويصبح مع الوقت عبئاً على أسرته ومجتمعه وأمته ككل.
وفي الطلاق يتدهور الوضع الاقتصادي للطفل أو يتغير انضباطه، وبالتالي تحدث حالة من الحرمان، أو حالة من الدلال المادي الزائد، والحالتان عاقبتهما ليست حميدة، فالأولى قد تؤدي لاضطرابات من نوع السرقة والكذب والمعاناة الصحية والحسد، والثانية تؤدي للإسراف والإنفاق غير المبرر والتبذير واتباع رفاق السوء والتدخين وربما المخدرات والتكبر واللامبالاة وحياة اللهو والمجون.
إن الزواج يبنى على أساس الاستمرارية، وعلى أساس تقوى الله تعالى، وعلى أساس تحقيق السعادة، وبه تكون الأسرة السعيدة التي هي الحجر الأساس للمجتمع، والطلاق معول يحطم كل هذا، وبالتالي ينعكس تأثيره على المجتمع ككل، إنه قد يخلف بالإضافة لذلك أحقاداً وضغائن سيعاني منها الأطفال في الحاضر والمستقبل.
إن أطفالنا سيقلدون سلوكنا، وسيتذكرون تماماً ما نفعل أمام أعينهم، وسلوكنا الخاطئ لاسمح الله مثال غير جيد لأطفالنا بينما عملنا المستقيم سيجعلنا قدوة ممتازة لأبنائنا بإذن الله.
وعلينا جميعاً إدراك أن الطلاق يؤدي إلى تفاقم مشكلة المرأة، وأن هذه المرأة مسلمة بالدرجة الأولى، وتهمنا سعادتها، وأن فقدانها للسعادة يجعلها غير قادرة على تقديم السعادة للآخرين وخصوصاً الأطفال.
إن الخلافات الزوجية أمر طبيعي في الأسر وفي كل المجتمعات، وبالإمكان جعلها نقاشات لا تخلو من الإثارة ولمسات السعادة، وذلك باتباع ما يريده الله لنا، وقضية الطلاق مسؤولية المجتمع ككل من الفرد وحتى أكبر مؤسسة وقبل كل شيء مسؤولية كل أب وأم، فإن معالجة هذه القضية تحل من الأخطار الكثير, ولذلك كان الطلاق أبغض الحلال إلى الله تعالى.
رجوعأعلى الصفحة
الاولـــــــــــــــى
محليــــــــــــــات
مقـــــــــــــــالات
الثقافية
أفاق اسلامية
ملحق الميدان
محاضرة
لقاء
عزيزتـي الجزيرة
الريـــــــاضيــــة
تحقيقات
شرفات
العالم اليوم
تراث الجزيرة
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved