Friday 12th November, 1999 G No. 9906جريدة الجزيرة الجمعة 4 ,شعبان 1420 العدد 9906


من وحي المنبر
التحذير من عقوق الوالدين
الشيخ الدكتور/ صالح بن عبدالرحمن الأطرم *

الحمد لله حذرنا من عقوق الوالدين، وجعل رضاهما سبباً في دخول الجنة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في عبادته وأحكامه، أكد القيام بحق الوالدين بعد حقه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أوصانا في كثير من أحاديثه ببرهما والدعاء لهما، والاستغفار بعد موتهما وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما فصلوات الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهديهم وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:أيها المسلمون,, اتقوا الله تعالى واعلموا أن من تقواه بر الوالدين وطاعتهما، ومعنى الطاعة الاحسان لهما والقيام بحقوقهما وشكرهما، واجتناب كل ما فيه اساءة لهما، وعقوق الوالدين هو اهمال حقوقهما والخروج عن طاعتهما وفعل ما لا يرضيهما ويؤذيهما ولو بكلمة مرة، أو نظرة شرزة، لأن النظر إليهما بعطف وشفقة يعد طاعة لله يثاب عليها الولد، قال صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر الاشراك بالله وعقوق الوالدين، وكان متكئا فجلس وقال: ألا وشهادة الزور ومازال يكررها حتى قلنا ليته سكت ومن أنواع البر بعد موت الوالدين الدعاء لهما وصلة الرحم التي لا توصل الا بهما وفي الحديث الشريف: أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يارسول الله: هل بقي من بر والدي شيء أبرهما به بعد موتهما فقال: نعم الصلاة عليهما: أي الدعاء لهما، والاستغفار لهما، وانفاذ عهدهما، وصلة الرحمن التي لا توصل إلا بهما واكرام صديقهما وقال صلى الله عليه وسلم:إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له .
واعلموا أيها المسلمون إن من أبر البر صلة الرجل أهل ود أبيه.
وخذ أخي المسلم أروع مثل في الطاعة والامتثال لأمر الوالد المرتب على أمر الله، قال تعالى في إبراهيم ثم في ولده إسماعيل عليهما السلام: فبشرنه بغلمٍ حليمٍ فلما بلغ معه السعى قال يبني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يأبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين فلما أمر الله تعالى إبراهيم عليه السلام بذبح ولده أحب أن يعرف من ابنه الطاعة والامتثال فأخبره الخبر، وسأله عن رأيه في الأمر فكانت الطاعة التامة، والاستجابة السريعة لأمر الله تعالى.
فليعتبر بهذا الأبناء الذين يأمرهم آباؤهم بأمر الله تعالى ورسوله وخذ مثلا أعلى في البر: عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: انطلق ثلاثة نفر ممن كان قبلكم حتى آواهم المبيت إلى غار فدخلوه، فانحدرت صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار، فقالوا: إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم، فقال رجل منهم: اللهم كان لي شيخان كبيران وكنت لا أغبق أن أقدم من الشرب قبلهما أهلا ولا مالا فنأى بي طلب الشجرة يوما فلم أرح عليهما أي لم أرجع إليهما حتى ناما، فحلبت لهما غبوقهما فوجدتهما نائمين فكرهت أن أوقظهما، وأن أغبق قبلهما أهلا أو مالا، فلبثت والقدح على يدي انتظر استيقاظهما حتى برق الفجر أي ظهور ضوئه والصبية يتضاغون أي يصيحون من الجوع عند قدمي، فاستيقظا فشربا غبوقهما الله إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا مانحن فيه من هذه الصخرة، فانفرجت شيئا لا يستطيعون الخروج منه، ودعا الآخران بصالح أعمالهما فانفرجت عنهما الصخرة فخرجوا وقال الله تعالى في حسن تلطف الأبناء مع الآباء: واذكر في الكتب إبراهيم إنه كان صديقاً نبياً إذ قال لأبيه ياأبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا يأبت إني قد جاءني من العلم مالم يأتك فاتبعني أهدك صرطا سويا يأبت لا تعبد الشيطن إن الشيطن كان للرحمن عصيا يأبت إني أخاف ان يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطن ولياً قال أراغب أنت عن الهتي يإبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا قال سلم عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفياً .
دعا إبراهيم عليه السلام أباه إلى الإيمان وأبى فما زاد إبراهيم عليه السلام أن تلطف به ووعده بالاستغفار له، وفي هذا أدب قرآني رفيع نقدمه للأبناء ليأخذوا به في دعوة الآباء إلى الخير وفي أمرهم بالمعروف والنهي عن المنكر، وقال تعالى في قصة موسى والخضر عليهما السلام: وأما الجدار فكان لغلمين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صلحاً وفي هذا دليل واضح على أن الله تعالى يحفظ الرجل الصالح في نفسه وولده وولد ولدهإن ولي الله الذي نزل الكتب وهو يتولى الصالحين .
فاتقوا الله أيها المسلمون وعليكم بطاعة الله ورسوله، من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا وياأيها الأولاد اتقوا الله في آبائكم وأمهاتكم فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: من أصبح مرضيا لأبويه فتح الله له بابين من الجنة يدخل من أيهما شاء قالوا يارسول الله وإن ظلماه قال: وإن ظلماه وإن ظلماه وإن ظلماه ومن أصبح مسخطا لأبويه فتح الله له بابين من النار يدخل من أيهما شاء، قالوا يارسول الله وإن ظلماه قال: وإن ظلماه وإن ظلماه وإن ظلماه .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسنا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً .
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني واياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
* عضو هيئة كبار العلماء

رجوعأعلى الصفحة
الاولـــــــــــــــى
محليــــــــــــــات
مقـــــــــــــــالات
الثقافية
أفاق اسلامية
ملحق الميدان
محاضرة
لقاء
عزيزتـي الجزيرة
الريـــــــاضيــــة
تحقيقات
شرفات
العالم اليوم
تراث الجزيرة
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved