Friday 12th November, 1999 G No. 9906جريدة الجزيرة الجمعة 4 ,شعبان 1420 العدد 9906


الروائي السوري نبيل سليمان
المبدع هو الخاسر الوحيد في عصر الإنترنت
نعيش عصر الرواية ولكن في المؤتمرات فقط

الاديب السوري الكبير نبيل سليمان يمثل حالة ابداعية خاصة على ساحة الادب العربي، وهذه الخصوصية لاتعود الى تفرد وتميز ابداعه وحسب بل تعود لكيفية تعامله مع الابداع, فكل رواية يكتبها تعبر عن حالة شعورية وتجربة متكاملة تبدأ وتنتهي بين طيات الغلاف، ومن الصعب ان تجد امتدادا او خيوطا بارزة تربط أواصر رواياته وكتاباته, فكل عمل تجربة قائمة بذاتها, ومن هنا يصبح من غير المدهش او المستغرب ان يقول نبيل سليمان في بداية حواره لالجزيرة ، انه بعد كل رواية اجد نفسي على مفترق طريق جديد، احاول البدء منه للرواية او العمل القادم وقد تكرر ذلك بعد روايتي الاولى ينداح الطوفان، ثم السجن وثلج الصيف، والمسلة باستثناء رباعية مدارات الشرق لانها كانت عملاً متكاملاً وبعدها تجربتي في رواية مجاز العشق التي صدرت العام الماضي.
* واين تقف حاليا من مشروعك الابداعي ,, ؟
** بعد اكثر من 25 عاما من العطاء الابداعي احاول التعلم من جديد واشعر انني امام مرحلة جديدة تقوم بالاساس على المغامرة الاسلوبية مع التجديد في الافكار واللغة، ومن اجل ذلك اتوقف حاليا لتأمل هذه المرحلة الجديدة وهذه المرحلة قد تطول او تقصر,, لا اعرف ولكن هذا هو شأن الكتابة التي تمر كثيرا بمراحل من التوقف والتأزم والتفكير وبعدها يأتي الجديد.
فترة نقاهة
* وكيف ترى فترة التوقف التي تمر بها كمبدع خاصة وانها قد طالت ,,, ؟
** في الحقيقة هي فترة تتداخل فيها الامور يكون الشفاء من داء الرواية او العمل الذي انتهيت منه وتكون هذه الفترة بمثابة النقاهة للمريض، ثانيا التخلص من عبء العمل الابداعي واقصد به المناقشات والآراء النقدية التي تناولته حيث تستغرق وقتا لابد ان يدركه المبدع، ثالثا وهو الاهم محاولة التقاط الخيوط الاولى للعمل الجديد بدون تكرار لما سبق ومحاولة الاضافة، ومع ذلك اؤكد انه ربما تتضح خيوط العمل الجديد في ذهن المبدع فور الانتهاء من العمل السابق وهذه ليست قاعدة, وفي كافة الحالات اقوم بتكثيف قراءاتي، وعادة ما تتركز على قراءةروايات جديدة تكون فاتتني اثناء انشغالي بفترة الكتابة, وبخاصة لمن لم اقرأ لهم من قبل من الاصوات الجديدة, لانني حريص جدا على متابعة هذه الاصوات.
* هل لك طقوس خاصة في الكتابة ,, ؟
* * متطلباتي في الكتابة بسيطة جدا فقد تفرغت بشكل كامل للكتابة منذ عشر سنوات واعمل في الصباح والمساء واكتفي بعدد قليل من ساعات النوم ومايهمني في كل الاحوال هو الصمت المطلق والعزلة, وسوى ذلك لايكون لي اي مطالب اخرى، فقط افضل ان اكتب في فضاء رحب لانني لا استريح للمكان المغلق غير انني اضطر لذلك احيانا بيد انني منذ تفرغت للقراءة والكتابة تعودت ان يكون لي مكان ريفي هادىء في القرية التي ينتمي اليهااهلي قرية البودي ، وهي احدى قرى الساحل السوري التي تطل على البحر على ارتفاع 700م.
* وماذا عن حال الرواية في سوريا من خلال عين الناقد نبيل سليمان؟
** الرواية في سوريا على الاقل منذ الثمانينيات قدمت مساهمات ابداعية هامة على المستوى العربي والعالمي, على سبيل المثال اعمال هاني الراهب خيري الذهبي مهمة للغاية، وفي نفس الوقت ظهرت اصوات جديدة تحاول اثبات وجودها واعتقد انها نجحت في ذلك الى حد كبير مثل نعمة خالد، وانيسة عبود، وفيصل خربش ومحمد ابو معتوق وعلي عبدالله سعيد وآخرون وآخريات.
عصر الرواية
* واذا اتسعت العين الناقدة اكثر فماذا ترى حال الرواية العربية ,,, ؟
* * من ناحية وفرة الانتاج الروائي والمكانة الفنية الراقية التي وصل اليها هذا الانتاج بالمقارنة مع ارفع المستويات العالمية, يمكن القول ان العقدين الاخيرين على الاقل هما عقدا الرواية العربية بامتياز, لكن من ناحية اخرى هناك ما يجعلني اتحفظ في استخدام كلمة عصر الرواية فهناك البعد الثاني في اي عملية ابداعية كتابية وهو بعد القارىء, او المتلقي، فللاسف الشديد ان رواية ما، تكون في مكانة رفيعة ثم لايطبع منها لربع مليون عربي سوى ألفين او ثلاثة الاف نسخة, لذلك لم تستطع الرواية او سواها من الكتابات العربية ان تكون على صلة حميمة بقارئها, ذلك كله يجعلني اتحفظ على استخدام كلمة عصر الرواية لان هناك انتاجاً متميزاً، وفعلاً قوياً لهذا الانتاج في قارئه، ثم سيكون النشر والتوزيع في الحدود الضيقة وهو ما يعني مفارقة عجيبة تدفعني للتحفظ على مقولة عصر الرواية.
* هل محدودية التوزيع ترجع الى الامية أم تطور تكنولوجيا الطباعة والنشر ,,, ؟
** هي بالفعل مقارنة لا ارى ان اقلبها الى مأساة لان الفترة التي كتب فيها ديستوفسكر وفيكتور هوجو او سواهما الاعمال الكبرى في تاريخ الرواية, كانت النسخ المحدودة لاي رواية منها لايمنع التأثير الممتد لروائعهم الخالدة, من ناحية اخرى فان القطيعة بين القراءة والكتابة او بين الثقافة عامة وبين القراءة من اكبر الاشكاليات التي نواجهها على عتبة قرن جديد, وهذا مما يضاعف الفجوة الحضارية ويجعل جميع ما نراه في مجال حياتنا من مظاهر الحداثة كالكمبيوتر الانترنت والتلفزة والطبعات الدولية في بعض الصحف اشبه باللون البراق الذي يخفى وراءه، ويكفي ان نأخذ حجم الامية كمثال على ذلك لنتصور حجم المأساة ونعرف ان في مقتبل قرن جديد نجد في بعض البلدان العربية نسبة الامية على الاقل 50% وتزيد الى 70%، ففي الوقت الذي يتحدث فيه الجميع عن الانترنت لايتم تخصيص ما يكفي لمهرجان او مؤتمر من اجل محاربة جدية للامية، ومن اجل تخفيف وطأة الحياة اليومية على القاعدة الشعبية العريضة حتى يكون لديها فسحة لتقرأ جريدة او تحضر ندوة.
* وهل تؤدي المهرجانات والمؤتمرات الثقافية التي تقام في ارجاء الوطن العربي كل عام الى تواصل حقيقي بين المثقفين والادباء العرب ام انها تأخذ الطابع الاحتفالي غير المثمر احيانا ,, ؟
** في الحقيقة الطابع الاستعراضي لايخفى في اي مهرجان تنظمه جهة رسمية,
وانااقول ان من حق هذه الجهة او تلك التي تنظم تظاهرة ما تنتفع منها, لكن الى اي مدى ايضا يكون ذلك مفيدا للحركة الثقافية ,,, ؟ هذا هو السؤال الذي يهمني بمعنى ليكون من حق الجهات المنظمة او الداعية الاحتفال شرط ان يكون على حساب الثقافة والتواصل الخلاق بين المبدعين والمثقفين العرب.
ترنيمة ياسين

رجوعأعلى الصفحة
الاولـــــــــــــــى
محليــــــــــــــات
مقـــــــــــــــالات
الثقافية
أفاق اسلامية
ملحق الميدان
محاضرة
لقاء
عزيزتـي الجزيرة
الريـــــــاضيــــة
تحقيقات
شرفات
العالم اليوم
تراث الجزيرة
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved