Friday 12th November, 1999 G No. 9906جريدة الجزيرة الجمعة 4 ,شعبان 1420 العدد 9906


حديث الديار
مدفن تيمورلنك بسمرقند

تيمورلنك هو آخر المتشبهين بالاسكندر الاكبر ولاعجب أن عرف في كتب التاريخ بالغازي الكبير، إذ اخترق بجيوشه جوف آسيا واصلاً الى عمق اراضي الروسيا في اوربا بل والى دمشق ومنطقة الشام جنوبا بعدما اخضع على حد قول معاصريه العجم والعرب وأهل الهند والصين.
وينحدر هذا القائد التركي من اصول مغولية حيث يدعى أن أسرته تنحدر من جنكيزخان،ومهما يكن من حقيقة هذا الادعاء فان الرجل يؤكد به تلك القرابة القريبة بين المغول والترك,وكلمة تيمور بالتركية تعني في لغتنا العربية (حديد)اما كلمة (لنك) فهي فارسية الاصل وتعني (الأعرج) وذلك نتيجة لاصابة لحقت بقدم تيمور في احدى مغامراته العسكرية المبكرة.
وقد نجح تيمورلنك بفضل مواهبه القيادية ومهاراته العسكرية في ان يوحد الدويلات الصغيرة التي ورثت عرش ايلخانات المغول في فارس تحت حكمه ثم توغل في زحفه شمالا ضد مغول القفجاق حتى دخل موسكو في سنة 797ه (1395م) وكانت المرة الاولى التي يظهر فيها اسم موسكو في كتب المؤرخين,وتصادم الغازي الكبير مع طموحات الدولة العثمانية الفتية ووقع الاشتباك الكبير في معركة حامية الوطيس بسهل انقرة انتهت بانتصار تيمور ووقع السلطان العثماني بايزيد في الاسر، وما لبث ان استولى ايضا على ازنيق وبورصه وغيرها في عام 805ه (1403م) ولم يكتف تيمورلنك بما اصاب من نجاحات، وانما واصل زحفه بجيوشه شرقا فاستولى على مدينة غزنة وقندهار التي تمتد بحدودها الى جبال الهندكوش وقبل ان توافيه المنية في سنة 807ه(1405م) كان تيمور يتطلع الى اجتياح الصين والوصول الى البحر الشرقي.
وقد اتخذ تيمورلنك من سمرقند عاصمة لامبراطوريته المترامية الاطراف معيدا لهذه المدينة التي كانت عاصمة للصفد اعتبارها بعد ان تبوأت بخارى مكانتها كحاضرة رئيسية للتركستان بمدارسها الشهيرة خلال القرون الهجرية الاولى وحتى قيام جيوش جنكيزخان باجتياحها وتدميرها تدميرا شاملا,ومن المعروف ان التتار اجتاحوا سمرقند في عام 617ه وبعد استسلام حاميتها غدر جنكيزخان بهم وقتلهم على بكرة ابيهم عدا احدهم وكان الوحيد الذي يرفض التسليم ليقص على خوارزمشاه فظائع مايرتكبه المغول وان كان ما احدثه من دمار بالمدينة اقل بكثير مما اوقعه جنوده بمدارس ومساجد واسواق وقصور بخارى .
وقد زود تيمورلنك عاصمة دولته الفتية سمرقند بجملة من المنشآت المعمارية الرائعة من بينها القصور والجوامع والمدارس التي استجلب لها الكثير من الفنانين والصناع المهرة من المدن التي استولى عليها مثل تبريز واصفهان وشيراز وبغداد.
وإذا كانت عوادي الزمن قد ذهبت برونق قصور التيموريين بسمرقند حتى لم يبق منها سوى بعض جدران مزخرفة بقصر بجيفي سلطان حفيدة تيمورلنك فان مجموعة الاضرحة التي خلفها الغازي الكبير مابرحت قائمة وفي حالة جيدة من الحفظ حيث لم تنقطع عناية الدول المتعاقبة على حكم التركستان بها نظرا لوجود عدد لابأس به من مقابر لمشاهير العلماء والزهاد داخل هذه الاضرحة فضلا عن الضريح الشهير الذي ينسب للقاسم عم الرسول صلى الله عليه وسلم حيث تذكر بعض الروايات المتأخرة انه استشهد هناك عند محاولات المسلمين الأولى لفتح بلاد ما وراء النهر.
ويمتاز ضريح تيمورلنك والمعروف هناك باسمجور امير بالقبة الرائعة التي تغطيه وهي من طراز القباب السمرقندية المعروفة فرقبتها طويلة بما يسمح بفتح شبابيك بها للاضاءة اما خوذتها فقد جاءت مضلعة وهي تشبه في مجموعها الشكل البصلي.
وتزدان جدران الضريح وكذلك القبة ببلاطات من الخزف المتعدد الالوان وهي تزدان في الجدران بكتابات عربية بالخط الكوفي المربع تحوي على التعاقب للفظ الجلالة الله واسم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
اما كتابات رقبة القبة فتضم الى جانب بعض الزخارف الهندسية عبارتي الحمدلله والبقاء لله بينما ازدانت البلاطات الخزفية التي تكسو خوذة القبة بزخارف هندسية متنوعة باللونين الاصفر والاسود على ارضية باللون الاخضر المائل للزرقة.
ويحفل داخل الضريح بزخارف رخامية بديعة فضلا عن شواهد قبور سجلت علهيا آيات قرآنية بخط النسخ.
ويعتبرمدفن تيمور ومجموعة الاضرحة المحيطة به من اهم المزارات الأثرية بمدينة سمرقند الموجودة بجمهورية اوزبكستان المسلمة.


رجوعأعلى الصفحة
الاولـــــــــــــــى
محليــــــــــــــات
مقـــــــــــــــالات
الثقافية
أفاق اسلامية
ملحق الميدان
محاضرة
لقاء
عزيزتـي الجزيرة
الريـــــــاضيــــة
تحقيقات
شرفات
العالم اليوم
تراث الجزيرة
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved