Friday 26th November, 1999 G No. 9920جريدة الجزيرة الجمعة 18 ,شعبان 1420 العدد 9920


بنادر
سند ريلا الشعوب
علي الشرقاوي

اقف طويلا كالهضبة
وعاريا كعناقيد الريح
عندما التقي بنص شعبي عفوي عتيق
نص شعبي طاعن في ارخبيل القص ومتجذر كخضرة البداوة في تربة الماضي أتأمل النص، مضمونه الانساني العميق، القيم الاخلاقية والتربوية التي يحملها، المعارف التي يطرحها، اسلوب السرد، طريقة سير الأحداث، الصراع بين شخصية البطل والشخصيات الاخرى، العراقيل التي تعترض طريقه وكيفية التخلص من المأزق الذي يقع فيه البطل، والنهايات السعيدة التي يختتم بها الراوي الشعبي قصته.
اقول اقف طويلا امام مثل هذا النوع من النصوص لانني أرى فيها ما لا أراه في اغلب النصوص القصصية الحديثة التي لا تعرف كيفية طرح المضامين الانسانية في اعمالها القصصية.
فالحكاية الشعبية العالمية (سند ريلا) على سبيل المثال والمعروفة لدينا في منطقة الخليج باسم (فسيجره) أو (ألام حمده) وفي روسيا تعرف باسم (الساعة الثانية عشرة).
في كل منطقة من مناطق العالم تأخذ هذه الحكاية او النص سمات وصفات واجواء البيئة التي تجري فيها احداث القصة بحيث يتصور جميع من يسمعها بان المنبع الاول لهذه الحكاية هو منطقته وبيئته.
الأساس الذي تنطلق منه هذه القصة يخبرنا ان الراوي الاول لهذا النص هو المرأة او الزوجة التي هجرها زوجها الى امرأة اخرى او المرأة التي لا يهتم بها زوجها لذلك تحاول الرواية/ الام ان تحرض على ضرورة وقوف البنت او الولد موقفا صارما ضد الزوجة الثانية التي يتخذها الاب/ الوالد بعد رحيل الزوجة الاولى/ الام.
هنا لا اريد ان اناقش هذه القضية الشائكة اجتماعيا ونفسيا بقدر ما اريد ان اتكلم عن عالمية القصة وقدرتها على الانتقال من منطقة الى اخرى دون ان يتأثر مضمونها العفوي والبسيط والذي تشعر به كل زوجة غادرها زوجها واخذ أبناءها الى امرأة اخرى.
اذن هذه القصة القديمة وغيرها من القصص الشعبية استطاعت بعفويتها ان تربط شعوب العالم حول قضية واحدة قد نتفق عليها او نختلف عليها ولكن الاكيد انها استطاعت ان تؤثر على جميع الاجيال وفي كل المناطق التي تعزف فيها الامهات على اوتار مضامين مثل هذه القصص.
هل هناك الآن الام قصة تجمع الشعوب على موقف واحد؟
هل هناك الآن مضامين عالمية تربط الامهات المظلومات بسبب هجرة الازواج الى الاخريات من النساء؟
هل هناك الآن قصة تستطيع ان تحرض الابناء على الاباء الذين من اجل متعتهم الخاصة ينسون او يتناسون حقوق الابناء بالحصول على كسرة الخبز دون ذل والعيش تحت سقف البيت بكرامة.
قصة واحدة كسندريلا ربطت شعوب العالم ضد زوجة الاب.
هل يتمكن احد منا في يوم من ايام هذا العالم ان يطرح قضية تهم كل بيت فوق كرتنا الارضية؟
انه سؤالٌ صعب
ولكن الاصعب هو الاجابة.
رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

أفاق اسلامية

قمة مجلس التعاون

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

شرفات

العالم اليوم

تراث الجزيرة

الاخيــرة

الكاريكاتير



[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved